هيمن شبح الحرب في قطاع غزة الفلسطيني على الفوز السهل والمضمون وغير المفاجئ للرئيس الأميركي جو بايدن بالانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي في ولاية ميشيغان، التي تسكنها جالية عربية ومسلمة كبيرة، وتعد إحدى الولايات المتأرجحة التي سيكون طريق بايدن للبقاء بالبيت الأبيض أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلا، إذا خسرها في انتخابات نوفمبر المقبل.
وبينما حصل بايدن على أكثر من 600 ألف صوت، أي نحو 80 في المئة من الأصوات، تمكنت الحملات المؤيدة لوقف اطلاق النار في غزة، والتي دعت الناخبين لوضع علامة «غير ملتزم» في بطاقات الاقتراع احتجاجا على سياسة وموقف بايدن من الحرب في القطاع الفلسطيني، من الحصول على اكثر من 100 الف صوت، أي نحو 13.5 في المئة من الأصوات، وفقا لبيانات وكالة أسوشيتد برس، بعد أن كان المنظمون يأملون الحصول على 10 آلاف صوت فقط.
وتسمح ولاية ميشيغان بالتصويت لأحد المرشحين المتنافسين أو ملء خيار «غير ملتزم»، الذي يعني بحسب سلطات الولاية، أن الناخب يمارس تصويتا حزبيا، ولكنه غير ملتزم تجاه المرشحين في الاقتراع.
ويتم فرز أصوات «غير الملتزمين»، تماما مثل أصوات بقية المرشحين. وإذا صوّت عدد كافٍ من الناخبين على هذا الخيار، فيمكن للحزب إرسال مندوبين «غير ملتزمين» بمرشح معيّن إلى المؤتمر الحزبي العام.
من وراء الحملة؟
وطوال الأسابيع التي سبقت الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي، أطلق ناشطون عرب ومسلمون أميركيون وليبراليون ويساريون حملة منسقة لدفع الناخبين الديموقراطيين للتصويت بـ «غير ملتزم» كوسيلة لتسجيل احتجاجهم على تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل وغزة، وخاصة قراره بعدم الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وإثر ذلك، تشكلت حركتان احتجاجيتان رئيسيتان في الولاية الأولى حملة «أنصت إلى ميشيغان»، والتي حثت أنصارها على التصويت بـ «غير ملتزم» في الانتخابات التمهيدية.
وتسعى حركة ثانية، تسمى «التخلي عن بايدن»، إلى حرمان الرئيس من ولاية ثانية بشكل مباشر، والتي دعمت حملة التصويت بـ «غير ملتزم» في الانتخابات التمهيدية، لكن أعضاءها لا يخططون للتصويت لمصلحة بايدن في الانتخابات الرئاسية لنوفمبر، وفقا لـ «واشنطن بوست».
ولم يقتنع منظمو حملة «استمع إلى ميشيغان» بالخطوات التي اتخذتها الإدارة في تدبيرها للحرب حتى الآن، وحددوا جمع 10 آلاف صوت، كهدف لحملتهم، مشيرين إلى أن هذا الرقم يمثل تقريبا الهامش الذي قاد ترامب للفوز في ولايتهم خلال انتخابات عام 2016. وقالت النائبة الديموقراطية عن ميشيغان، رشيدة طليب، الفلسطينية - الأميركية الوحيدة في الكونغرس «شعرت بالفخر اليوم بسحب بطاقة اقتراع للحزب الديموقراطي والتصويت بغير ملتزمة».
وأضافت في تسجيل على وسائل التواصل أن «74 في المئة من الديموقراطيين في ميشيغان يدعمون وقف إطلاق النار، إلا أن الرئيس بايدن لا ينصت إلينا، بهذه الطريقة يمكننا استخدام الديموقراطية للقول استمع إلى ميشيغان».
وبحسب «واشنطن بوست»، فقد اجتذبت حملة «استمع إلى ميشيغان» موجة تأييد رفيعة المستوى قبل الانتخابات التمهيدية، متجاوزة المجتمع العربي - الأميركي، لتصل إلى بعض الليبراليين البارزين بالحزب الديموقراطي.
وألقى النائب السابق عن ولاية ميشيغان، آندي ليفين، بثقله وراء حملة التصويت بـ «غير ملتزم»، قائلا إنه يأمل أن يُظهر ذلك لبايدن، أنه بحاجة إلى تغيير المسار للفوز بالولاية في نوفمبر، وفقا للصحيفة.
كما دعم مشرعون ديموقراطيون بارزون آخرون الحركة، ومن بينهم المنافسة الرئاسية السابقة بيتو أورورك، والسيناتورة السابقة عن ولاية أوهايو نينا تورنر.
أهمية ميشيغان
وتعد ميشيغان ولاية متأرجحة وحرجة بالنسبة للانتخابات الرئاسية الأميركية، وسيكون طريق بايدن للبقاء بالبيت الأبيض أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلا، إذا خسرها في نوفمبر، وفقا لواشنطن بوست. وفاز ترامب بولاية ميشيغان عام 2016 بأغلبية وصلت إلى نحو 11 ألف صوت. وفي عام 2020، فاز بايدن بالولاية بحوالي 154 ألف صوت. وبالنسبة لبايدن، فإن اختيار عدد كبير من الناخبين خيار «غير ملتزم» قد يعني أنه سيواجه مشكلة كبيرة مع أجزاء من القاعدة الديموقراطية في الولاية، وفقا للصحيفة.
وأظهر استطلاع أجرته شبكة «فوكس نيوز» في فبراير، أنه في المنافسة بين ترامب وبايدن، قال 47 في المئة من الناخبين المسجلين في ميشيغان إنهم سيدعمون ترامب، بينما قال 45 في المئة، إنهم سيدعمون بايدن.
تصويت عادي
ولم يشر بايدن ولا حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر، وهي الرئيسة المشاركة لحملة إعادة انتخاب بايدن، إلى موجة التصويت بـ «غير ملتزم» في بيانات، الثلاثاء، لكنهما أشادا بكل من صوتوا.
وفي تعليق على وصول حملة «أنصت إلى ميشيغان» إلى هدفها بجمع 10 آلاف صوت، قال مسؤولون بحملة بايدن، إنه سبق أن صوت 20 ألف شخص على خيار «غير ملتزم» في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الثلاث الأخيرة للحزب الديموقراطي في ميشيغان، حتى دون أي جهد منظم يحثهم على القيام بذلك.
ولفت أحد مسؤولي الحملة أيضا إلى وجود العديد من المندوبين «غير الملتزمين» لباراك أوباما في انتخابات 2012، من نورث كارولينا وماريلاند وألاباما وكنتاكي.
يذكر أنه في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين لم تتجاوز نسبة التصويت «غير الملتزم» 2%، بينما بلغت 11%، في المرة الأخيرة التي سعى فيها رئيس ديموقراطي في الحكم إلى إعادة انتخابه حين فاز باراك أوباما عام 2012.
هيلي تعاند
في المقابل، واصل ترامب هيمنته على انتخابات الجمهوريين، حيث فاز بجميع منافسات الحزب الجمهوري لعام 2024 حتى الآن. وبعد فوزه في الانتخابات التمهيدية في ميشيغان، قال ترامب: «أريد فقط أن أشكر الجميع، لقد كنتم رائعين للغاية. إن الأعداد أكبر بكثير مما توقعنا».
في المقابل، قالت نيكي هيلي، منافسة ترامب، إن الرئيس السابق «سيفشل في الفوز بالانتخابات العامة من خلال تنفير المستقلين والجمهوريين الذين يدعمون محاولتها».
وردا على سؤال حول ما إذا كانت ستستمر، قالت هيلي: «لدينا 21 ولاية وإقليما، لماذا لا ننتظر ونرى ما سيحدث؟».
وعندما سُئلت عما إذا كان بإمكانها تسمية ولاية واحدة يمكنها الفوز بها، أشارت هيلي إلى الأميركيين الذين أزعجتهم فكرة إجراء انتخابات عامة أخرى بين ترامب وبايدن، وإلى 39.5% من الناخبين الذين دعموها، وليس ترامب، في ساوث كارولينا الجنوبية. وقالت هيلي، التي تخطط لتنظيم 10 حملات لجمع التبرعات، إنها ستبقى في السباق طالما «تعتقد أن هناك خيارا».