قال أحد الأعضاء في معرض رده إنه لا توجد دولة توقف التعيين، فهل هذا صحيح؟ وهل الدولة ملزمة لكل فرد من المواطنين بما تعارف عليه الناس أنها حقوق مطلقة مثل حق العمل والسكن والبعثات التعليمية والعلاج في الخارج؟ أم أن هذه الحقوق لها حدود وقيود في الدستور؟
لم يغفل الدستور هذا السؤال، إذ أجاب في المذكرة التفسيرية للمادة 41 الخاصة بالعمل «أن هذه المادة لا تعني حق كل فرد في إلزام الدولة بأن توفر له عملاً وإلا تعرضت للمسؤولية، وذلك لأن التزام الدولة بهذا الخصوص محدود بإمكاناتها»، وهذا مشاهَد في كثير من دول العالم، فقد توقف الدولة التعيين فترات معينة نظراً لقصور قدرتها، أو لأسباب أخرى مثل تنظيمها وحاجتها لتوجيه تخصصات معينة لخدمة سوق العمل، كما هو حاصل في بعض دول الخليج.
وبالنسبة للتعليم (م 40) تقول المذكرة التفسيرية «التعليم كسائر الحقوق والحريات العامة محدود طبيعياً بإمكانات الدولة ومدى طاقتها»، وهذا ينطبق على البعثات التعليمية والسكن والعلاج في الخارج وغيرها.
لذلك تهتم دول العالم بتحسين اقتصادها وزيادة مواردها حتى تستطيع القيام بهذه الحقوق، كما تعمل على خلق قطاع خاص كبير ليساعدها في التوظيف، وكذلك تسعى إلى جلب المستثمر الأجنبي من شركات ومصانع وجامعات، لكي يقوم بتوظيف جزء من قوة العمل وتقديم المنح الدراسية، وهذا من أهم واجبات الحكومة والمجلس المقبل... فهل سيقومان به؟
وهناك أيضاً حد المصلحة العامة فلا يُعقَل مثلاً أن تخصص الدولة جميع مواردها المالية لأحد بنود الميزانية وتهمل بقية بنودها الضرورية، فلا يصح مثلاً أن تشكل الرواتب والدعومات 80 في المئة من المصروفات بينما تشكل بقية البنود كالإسكان والإنشاءات والتعليم والدفاع والصحة 20 في المئة فقط، وكذلك لا يصح أن يتم السحب من احتياطي الأجيال وهو الضروري للمستقبل أو الإخلال ببنود الأمن وسمعة الكويت الدولية من أجل خدمة بنود جارية ومتضخمة في الميزانية لأسباب شعبوية.
الخلاصة أن تحقيق مصالح المواطنين وحقوقهم لا يمكن أن يتم إلا بزيادة الإيرادات المالية من جانب، وتحقيق التوازن بين بنود الصرف في الميزانية من جانب آخر، لتحقيق المصلحة العامة للبلاد وأهدافها العليا، وهذا هو واجب السلطتين التنفيذية والتشريعية أثناء مناقشات الميزانية واللجان المختلفة في المجلس... فهل سيقومون بهذا الواجب؟