وجهة نظر: شعارات المرشحين بحاجة إلى جهاز كشف كذب
بما أننا بدأنا البازار الانتخابي فإننا سنرى العجب، ونسمع العجب، ونقرأ في إعلانات الشوارع وأحاديث الدواوين العجب أيضاً، المسألة برمتها حملات تسويقية لبضائع انتخابية فيها ما هو حقيقي وذو جودة، وفيها ما يستر العورة فقط (صناعة صينية)، وفيها ما لو ستر المرشح عورته وترك (سالفة) الانتخابات وجلس في منزله ومع أهله في مساءات رمضان تاركاً ما ليس له به علم وما غابت عنه الدراية لكان خيراً له.
وقد أهداني الصديق د.عبدالحميد الصراف كتابه المشترك مع د. فارس مطر الوقيان «الاتصال والتسويق الانتخابي في الكويت»، وهو كتاب ممتع وقيم قرأته في خمسة أيام، حيث لفت انتباهي ما جمعه المؤلفان من شعارات انتخابية للمرشحين الفائزين وغير الفائزين من المتقدمين، واللافت حقاً أن بعض المرشحين الذين فازوا كانوا في واد وشعاراتهم في واد، كما أن بعض الشعارات كانت إما متطابقة أو متشابهة أو أن المرشحين اشتركوا بصفة اسمها الكذب، ولأني كنت رئيساً للجنة إعلامية لمرشح، ومديراً لحملتين انتخابيتين لمرشحين في ثلاث انتخابات مختلفة، فإني أستطيع أن ألاحظ بصمات الكاتب المشترك لمجموعة من الشعارات التي تدور في الدوائر الخمس لمجموعة من المرشحين دون أن تكون بينهم سابق علاقة أو أواصر معرفة، مما يمكن تفسيره أن المطابع ومؤسسات الإعلان هي الأب الروحي لهؤلاء، وهي (هديب الشام) الذي يحمل عنهم ما ثقل عليهم.
ولأننا بدأنا البازار فستستقبل الدواوين المرشحين في مختلف أصنافهم المؤدلج ونصف المؤدلج والذي (ما درى عن هوى داره)، وبمختلف أشكالهم بدشداشة وببدلة وبلحية وبدون، وسنسمع منهم بعض الصدق والكثير من الكذب، ولأننا تعودنا على الكذب أكثر مما تعودنا على الصدق، فإننا بحاجة إلى دراية بطرق كشف الكذب، فليس من الجيد أن (ينقص) علينا في كل مرة فننقّل فؤادنا حيث شئنا من المرشحين لينجح في كل مرة من لا يستحق ويُحرم من النجاح من يستحق.
ولذا فإني سأوجه النداء الأخير: يا معشر أصحاب الدواوين وروادها، لا تسمحوا للمرشح أن يسترسل في الحديث كما يحلو له، فيكيل الانتقادات الى النواب والوزراء، وكأنه الخبير المجرب، وهي مهنة من ليس لديه مهنة من المرشحين، اقطعوا حديثه من أول (صفنة) ثم وجهوا له الأسئلة بأحداث معينة ومواقف معينة واسألوه عن موقفه منها لو كان نائباً، لتكتشفوا إن كان شجاعاً أو (خوافاً) وواعياً أو (تور الله في برسيمو)، فنحن بحاجة الى نواب شجعان وواعين فقط، أما بقية المواصفات فتحصيل حاصل، خصوصاً أننا في عدة انتخابات أخيرة لم نسمع إلا قليلاً من الوعي والشجاعة وكثير من السطحية في الطرح وسخافات وكذب مكشوف ووعي غائب غائب غائب.
أنا شخصياً أعتبر أن قضية البدون هي أم القضايا، ومن لا يملك رؤية لها تأخذ العدل والموضوعية والعلمية في الحسبان، فلن يلقى مني إطراءً أو دعماً، فليس من المنطق أن تغيب مثل هذه القضية عن رؤية مرشح أو ضميره أو حبه لوطنه ورغبته في أن تكون الكويت هي البوصلة، أو أن تكون رؤيته لها ساذجة ومجرد محاولة لكسب شريحة من الناخبين تردد شعارات جوفاء لا تعي معناها أو تفهم أبعادها.