فتنة الجنسية
سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، يؤكد دائماً أهمية التمسك باللحمة الوطنية والابتعاد عن إثارة الفتن لما لها من أضرار وتداعيات وخيمة على المجتمع والأمن الوطني، وعلى الرغم من أن المجتمع الكويتي لا يختلف عن غيره من المجتمعات من حيث التعدد الفكري والثقافي والعرقي والمذهبي فإنه استطاع أن يذيب ويتجاوز تلك الفوارق من خلال الممارسة العملية للتعايش السلمي بين جميع مكوناته الاجتماعية بحيث لا تشعر بها الوافد، فما بالك بالمواطن؟
هذا التعايش الاجتماعي لا يعني المثالية المطلقة، فهناك بعض أصحاب النفوس المريضة التي لا تريد الخير، تبحث عما يعكر صفو العلاقات الطيبة بين المواطنين، حيث إن هذه الفئة هذه المرة استخدم أصحابها ورقة فرز المجتمع على أساس نوع مادة الجنسية.
تناول موضوع الجنسية بهذه السطحية في غاية الخطورة وفيه تقليل من قيمة الولاء والانتماء إلى الوطن، وهو يختلف تماماً عن تصويب الممارسة الديموقراطية والمخرجات الانتخابية، وفيه مساس بالحقوق والواجبات التي تخص مفهوم المواطنة.
نرجع إلى مطلقي الإشاعة المغرضة التي روجت لاقتصار التصويت على حاملي الجنسية بالتأسيس والمادة الأولى، وإقصاء بقية المواطنين المستوفين لشروط الترشح والانتخاب التي لا نعلم مصدرها رغم انتشارها وكيفية التسويق لها على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة لتصحيح مخرجات المجلس.
هذا الترويج ينافي حقيقة «إصلاح المسار الديموقراطي وحسن الاختيار ليس لهما علاقة بمخرجات المجلس»، فالقضية أكبر من اختصارها بوعي الناخبين، حيث ساهمت الحكومات المتعاقبة بشكل كبير في انحراف عمل النواب من خلال السماح لهم بأداء أدوار خرجت عما حدده الدستور الكويتي لهم، بإعطائه حق التدخل في مهامها التنفيذية.
تصويب مخرجات الانتخابات لا ينعقد على حسن اختيار الناخب فقط إنما هو مشروع وطني يشترك فيه الجميع، ويتطلب بعض الإجراءات اللازمة لتطوير النظام الانتخابي برمته ومنها:
- تطبيق العدالة النسبية من خلال إعادة ترتيب توزيع الدوائر الانتخابية.
- تجريم كل أنواع الفرعيات، سواء كانت على مستوى مجلس الأمة أو المجلس البلدي والاتحادات الطلابية والنقابية.
- إعادة تقييم مخرجات الصوت الواحد بحيادية وموضوعية.
- غرس القيم الوطنية بين المواطنين بعيداً عن الاصطفاف العنصري والطائفي والقبلي.
- التأكيد على فصل السلطات والتعاون فيما بينها كما نص عليه الدستور قولاً واحداً.
نقطة أخيرة:
رفع شعار الهوية الوطنية والمناداة باللحمة والانتماء لا يستقيم مع إشهار خنجر العنصرية والتعصب، فالهوية الوطنية تقاس بمدى الولاء والعطاء للوطن، والمحافظة على ممتلكاته وحفظ حقوق الآخرين، فلا نكون كالذين وصفهم الله تعالى في كتابه الكريم «إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّـهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ». (سورة آل عمران- 120)
ودمتم سالمين.