لا بُد لنا أن ندرك خطورة ما آل إليه التعليم، رغم ما أطلقناه وآخرون من سهام الإصلاح تجاه هذه المأساة التي تتطلب إعادة هيكلة شاملة من الدولة، وهناك تقرير موجّه لرئيس الوزراء بهذا الشأن ستصدره قريباً الجمعية الكويتية لجودة التعليم.

إن بعضاً من سهام الإصلاح تلك كانت موجهة للجامعة عندما حادت عن الطريق، فحققنا بعضاً من أهدافنا كتنحية بعض القيادات بالإنابة والتكليف، وبالأصالة أيضاً، لكنّ الجامعة تظل بين الفَيْنةِ والأخرى تخرج عن مسارها الصحيح وتفقد استقلاليتها، مما يفقدها - كما ذكرنا في بيان سابق - إمكانية استعادة مكانتها وتنافسيتها لتعزيز مؤشرات جودتها بالمنطقة والعالم.

Ad

ويأتي اهتمامنا بالجامعة على وجه الخصوص، والتي مضى على تأسيسها ثمانية وخمسون عاماً، من كونها أيقونة قابلة للإصلاح إدارياً، لأنها بُنيت في السابق على أسس صحيحة، وتضم العديد من الكفاءات الأكاديمية، خصوصاً بالكليات العلمية، نقول ذلك رغم ما يعتري الجامعة أخيراً من شغور عمداء الكليات، والفساد، كآفة الاستغلال السياسي للمناصب القيادية المدعم بالتدخلات النيابية، كالتي خضع لها الوزير بإلغاء الشُّعب المختلطة، أو كنقل للطلبة في شعب دراسية يقابله نقل القيود أثناء الانتخابات، إضافة إلى منح بعثات دكتوراه دون إعلان ودون موافقة لجنة البعثات، علاوة على التلاعب بسياسات تنفيع أعضاء هيئة تدريس وأثره على المال العام على حساب مصلحة الطالب، ما يُعَد خرقاً للقانون والقيم الأخلاقية والدخول في أتون مصالح حزبية وفئوية وقبلية! فالتجاوزات ببعض الأقسام تصل إلى الانحياز ضد دكاترة لمصلحة طلبة تحوم حولهم وقائع غش، أو العكس ضد طلبة بغضّ الطرف عن حالات تحرّش.

كل ذلك يضع رئيس الوزراء أمام مسألة غاية في الأهمية، ظلت عالقة فترة طويلة من دون مبرر، وهي تعيين مدير جديد للجامعة، والأمر الآخر الأسهل تحقيقاً هو عودة نواب مدير الجامعة الذين أُلغي تعيينهم من غير وجه حق، خصوصاً بعد صدور حكم استئناف لأحدهم منذ أسبوعين يلغي قرار إنهاء تعيينه! مما يتطلب وقف القرار الأخير لمدير الجامعة بالإنابة 291/ 2024، بتكليف شخص آخر للقيام بأعمال نائب مدير الجامعة للتخطيط، الذي صدر رغم مرور يومين من حكم الاستئناف!

***

في مثل هذا اليوم عام 1940، وُلد أحد صناع السياسة والثقافة بالخليج العربي، الشاعر والدبلوماسي والوزير وكذلك الدكتور الجامعي، غازي القصيبي، يرحمه الله، الذي أخبرنا: «كنت أقول للطلبة في المحاضرة الأولى إن رسوب أي منهم يعني فشلي في تدريس المادة قبل أن يعني فشله في استيعابها»، فلعل مقولة القصيبي هذه تصل واضحة لمن كان وراء بيان جمعية المعلمين الأخير غير الموفّق، ليستوعب الجميع المسؤولية الملقاة على عاتق المعلم الحقيقي وليس من وصل في عهدهم التعليم العام إلى الحضيض، وتفاقم معدلات الغش والدروس الخصوصية، لتخرّج لنا جيلاً بعضه شبه جاهل وبفاقد تعليمي رهيب جعل البلاد في ذيل المؤشرات الخليجية والدولية.

نقول لرئيس الوزراء إن الهجوم على وزير التربية مرفوض، وإن عليكم المُضيّ قُدماً بإعادة هيكلة الوزارة وإقصاء عديمي الكفاءة وعدم الالتفات لذلك البيان الشخصاني، ونؤكد ما قلناه في اجتماع مع اللجنة التعليمية بأنه لا تنازل عن بصمة المعلم.

***إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.