«حماس» وإسرائيل تتقاذفان كرة «هدنة رمضان»
«الوزاري الخليجي» يبحث مع المغرب ومصر والأردن حرب غزة ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار
تقاذفت إسرائيل و«حماس»، أمس، المسؤولية عن إنجاح جهود التوصل إلى اتفاق بينهما بشأن تبادل المحتجزين وإقرار «هدنة رمضانية» لوقف القتال بقطاع غزة الذي يتعرّض لحرب انتقامية منذ نحو 5 أشهر.
وبالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من المباحثات التي تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة، برعاية مدير المخابرات العامة عباس كامل، وبمشاركة ممثلين عن الحركة الفلسطينية والولايات المتحدة وقطر، أمس، أكد مصدر في «حماس» أن اتفاق الهدنة قد يتم خلال «24 إلى 48 ساعة» في حال وافقت تل أبيب وتجاوبت مع المطالب الفلسطينية.
وأكد مصدر في الحركة أن التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة «مرهون بالموافقة على تحقيق مصلحة شعبنا ووقف معاناته، وهو الأمر الذي تصرّ عليه المقاومة وتتمسك به»، وهو ما ترفضه الحكومة اليمينية المتشددة في إسرائيل، أي إنهاء الحرب، قبل تحقيق أهدافها المتمثلة بالقضاء على سلطة «حماس» والكتائب العسكرية المتبقية في رفح قرب الحدود المصرية.
وقالت مصادر قيادية في الحركة، إن الأخيرة لن تقدّم أي تنازلات تسعى الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي لفرضها على المقاومة خلال عملية التفاوض غير المباشر.
وفي وقت يبرز الجانب الإسرائيلي موقفا متصلبا تجاه المشاركة في مباحثات القاهرة، نقلت «سكاي نيوز عربية» عن مصدر مطّلع أن تل أبيب لن ترسل أي وفد للعاصمة المصرية، لأنها لم تحصل من «حماس» على قائمة كاملة بأسماء الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة.
جهود وضغوط
جاء ذلك في وقت أفادت أوساط مصرية بأن القاهرة تكثف جهودها للتوصل إلى اتفاق عبر سلسلة من اللقاءات المنفصلة مع وفدَي «حماس»، وإسرائيل، حتى اليوم بهدف معالجة «كلّ النقاط التفصيلية المختلف عليها بعد مقترح باريس 2»، فيما نقل موقع أكسيوس عن مصادر أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تضغط على المفاوضين للوصول إلى هدنة قبل رمضان المتوقع حلوله في 10 الجاري.
ونقل عن مصدر مصري أن «لدى الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة صلاحية التفاوض، بعد التأكد من تلبية ردّ المقاومة الحدّ الأدنى الذي حددته الحكومة الإسرائيلية».
وتوقّعت مصادر الوصول إلى نتائج ملموسة خلال اللقاءات، في ظل الظروف الصعبة التي وصلت إليها الأوضاع الإنسانية في القطاع الفلسطيني المحاصر خلال الأيام القليلة الماضية، إذ ارتفع عدد القتلى جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل إلى 30410، غالبيتهم العظمى من المدنيين النساء والقصّر.
إصغاء وانتقام
وفي وقت حذرت تقديرات إسرائيلية من أن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الهدنة سيؤدي إلى تفاقم الخلافات مع إدارة بايدن ويخاطر بنفاد صبرها، انتقد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير قيام سلطات الاحتلال بإطلاق سراح عشرات السجناء الإداريين الفلسطينيين في خطوة بررتها بـ «ازدحام السجون».
ودون أن يربط الخطوة مباشرة بالمباحثات الدائرة في القاهرة، قال بن غفير إنه لا يعرف تفاصيل الصفقة المحتملة بشأن «الهدنة الإشكالية»، منتقداً إطلاق السجناء الفلسطينيين بدلا من اليهود وإرسال رئيس الموساد للتوسل».
وشدد بن غفير على معارضته للهدنة المحتملة، وقال: «دعونا ندمرهم ونسحقهم. لماذا لم ندخل رفح حتى الآن؟ عليهم أن يتوسلوا».
وفي تطور لافت للخلافات داخل حكومة الحرب المصغرة، أوعز نتنياهو إلى السفير الإسرائيلي في واشنطن بعدم مرافقة الوزير بيني غانتس خلال زيارته التي بدأها أمس لعقد لقاءات تنسيقية مع مسؤولين في إدارة بايدن.
وهاجم مقربون من نتنياهو، غانتس، على خلفية سفره إلى واشنطن، من دون موافقة نتنياهو لبحث خطة «اليوم التالي» في غزة، ومن ضمنها إعادة الإعمار وسيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع. ووصف أحدهم غانتس بأنه «حصان طروادة»، الذي تبحث عنه إدارة بايدن من أجل تحقيق مخططها الرامي لإقامة دولة فلسطينية.
«الوزاري» الخليجي
إلى ذلك، التقى وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، أمس، في اجتماع عادي بحضور وزير الخارجية عبدالله اليحيا، وبحثوا ملف غزة، كما عقدوا اجتماعات منفصلة مع نظرائهم من مصر والمغرب والأردن.
وحذَّر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، من توسُّع الاضطرابات الإقليمية جراء حرب غزة، التي قال إنها تلقي بظلالها القاتمة على أمن المنطقة، فيما طالب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بوقف فوري لإطلاق النار بالقطاع وإيصال المساعدات.
وعقب اجتماع مشترك لوزير الخارجية المصري ونظرائه الخليجيين بالرياض، أمس، شدد البديوي وشكري على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وضد الجرائم الدموية المرتطبة ضده وحرب التجويع.
وقال شكري: «لا حل للصراع القائم إلا بإقامة دولة فلسطينية، وأزمة غزة تسبّبت في نزاعاتٍ إقليمية خطيرة، حيث إن التصعيد امتد إلى البحر الأحمر وباب المندب، والحلول الأمنية للصراع لم تقدّم للمنطقة سوى الدمار». وحذّر من أن «ما يجري في غزة مخطط ممنهج لتصفية القضية الفلسطينية».
وتابع شكري، خلال كلمته، أن «الوضع في لبنان يستدعي قلقاً حقيقياً في ضوء الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة هناك».
من جانبه، دان وزير الخارجية القطري، محمد عبدالرحمن، في كلمة أمام المجلس: «الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وحملة التطهير العرقي»، وقال إن «كل ما تفعله إسرائيل يندرج بإطار جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية».
من ناحيته، وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، إن إسرائيل لا تزال تمنع دخول المساعدات بشكل كاف إلى قطاع غزة. وأكّد أن القضية الفلسطينية هي «قضيتنا المركزية جميعا، ولن نألو جهدا في العمل من أجل إنهاء هذا العدوان، والقيام بكل ما يلزم لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم، الذي لن يتحقق إلا إذا حصل الفلسطينيون على جميع حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها حقهم في الدولة».
عباس إلى تركيا
في سياق قريب، يتوجه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اليوم، إلى تركيا، تلبية لدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان لمناقشة الوضع في فلسطين والحرب، وللاطلاع على المحادثات التي تجريها الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركتا حماس وفتح بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة المرحلة المقبلة.
معارك ومجزرة
ميدانياً، احتدمت المعارك البرية على عدة محاور بغزة، بعد إقرار الجيش الإسرائيلي بمقتل 3 وإصابة 14 بينهم 5 بحالة حرجة، جراء كمين للفصائل الفلسطينية في خان يونس. وبينما ارتكبت قوات الاحتلال جريمة جديدة بقصف شاحنة تحمل مساعدات تردد أنها كويتية في دير البلح أثناء تجمّع المواطنين حولها، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه أنهى مراجعة أولية لسقوط قتلى من المدنيين أثناء الحصول على مساعدات في مدينة غزة الأسبوع الماضي، خلصت إلى أن القوات لم تستهدف قافلة المساعدات، وأن معظم الفلسطينيين الذين قضوا جراء المجزرة التي راح ضحيتها 118، قتلوا نتيجة التدافع.