في محطة مفصلية في الطريق إلى انتخابات نوفمبر، تشهد الولايات المتحدة غداً الثلاثاء انتخابات تميهيدية في 15 ولاية في إطار ما يُعرف بـ «الثلاثاء الكبير».
وفيما يتجه ترامب بخطى حاسمة نحو الفوز بترشيح الجمهوريين، ولا يواجه الرئيس الحالي جو بايدن أي منافسة داخل الديموقراطيين، يواجه المرشحان إشارات تحذير من احتمالات الفشل، فيما لا تزال الكثير من العوامل التي تتحكم بمسار السباق غامضة، بما في ذلك المتاعب القضائية للرئيس السابق والمتاعب السياسية للرئيس الحالي، سواء بسبب أوكرانيا وغزة خارجياً أو موضوع الهجرة داخلياً.
هجرة الناخبين
وأظهر استطلاع جديد، أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجامعة سيينا، أن بايدن خسر نحو 10% من مؤيديه عام 2020 لمصلحة ترامب. وبحسب الاستطلاع يخطط أقل من 0.5% من مؤيدي ترامب في 2020 لدعم بايدن في الانتخابات المقبلة.
وأظهر الاستطلاع أن ترامب يحتفظ بدعم 97 في المئة من مؤيديه في انتخابات 2020، في حين يحظى بايدن بدعم 83 بالمئة فقط من ناخبيه السابقين.
وعموماً، تظهر البيانات أن ترامب يتفوق على بايدن بفارق 5 نقاط، حيث حصل الرئيس الجمهوري السابق على 48 في المئة مقابل 43 في المئة للرئيس الديموقراطي الحالي.
100 مندوب
يأتي ذلك، فيما فاز ترامب على منافسته نيكي هيلي في ولايات ميسوري وميشيغان أيداهو. وفاز الملياردير الجمهوري (77 عاماً) في كل الانتخابات التمهيدية الجمهورية التي أجريت حتى الآن بما فيها أيوا ونيوهامبشر ونيفادا وساوث كارولينا بفضل دعم أنصاره المعروفين بارتدائهم قبعات حمراء ورفعهم شعار «فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً»، لكن نجاحاته في صناديق الاقتراع كشفت أيضاً نقاط ضعف لديه يمكن أن تُعقّد عودته إلى البيت الأبيض، إذ خسر في أحيان كثيرة عدداً كبيراً من أصوات الجمهوريين المعتدلين والمستقلين، وهي ضرورية لفوزه على الرئيس الديموقراطي جو بايدن في نوفمبر.
وترامب، الذي يواجه 91 تهمة جنائية، جمع حتى الآن أكثر من 100 مندوب في المؤتمرات الحزبية حتى الآن ويحتاج إلى 1215 مندوباً على الأقل لانتزاع بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري للرئاسة.
تحذير هائل
ففي ولايتي نيوهامبشر وكارولاينا الجنوبية، فضّل الناخبون إلى حد كبير هيلي، التي تعمل على تعزيز صورتها كمرشحة أكثر اعتدالاً، واعدة باستعادة بعض «السلوك الطبيعي» في صفوف المحافظين.
وأكد استطلاع للرأي أجري السبت الماضي في كارولاينا الجنوبية أنّ أنصار هيلي الذي يشكلون نحو 40% من الناخبين، لا يؤيدون ترشيح ترامب.
واعتبرت أليسا فرح غريفين، مسؤولة الاعلام السابقة لدى ترامب عندما كان في البيت الأبيض أن ذلك يمثل «تحذيراً هائلاً»، مؤكدة أن «شخصاً يترشح عملياً كرئيس سابق - دونالد ترامب - يحصل على 60% من الأصوات و40% ضده؟ هذا ليس انتصاراً فعلياً».
ولفتت هيلي في بيان الثلاثاء بعد خسارتها في ميشيغان إلى أن «لدى ترامب مشكلة، سواء أراد الاعتراف بها أو لا». وأضافت «40% من الناخبين الجمهوريين لا يريدون أن يكون لهم أي علاقة به، وهو لا يفعل شيئاً على الإطلاق لضمهم إلى مجموعته الحصرية بشكل متزايد».
ميزات وعيوب
ويرى الخبير الاستراتيجي الجمهوري تشارلي كولين أن «ترامب في وضع جيد للفوز بالانتخابات. فهو يركز على القضايا التي تهم الناخبين بشكل واضح: الحكومة الشفافة والمسؤولية المالية والاستقلال في مجال الطاقة وأرقام الوظائف».
لكن فريق بايدن يراهن على أن الفارق سيتقلص بين المرشحين في ولايات تشتد فيها المنافسة عندما تحتل متاعب ترامب القضائية ومغامراته أهمية متزايدة في حياة الناخبين اليومية.
وفي رأي العضو السابق في فريق الملياردير الجمهوري كيث ناهيجيان، فإن مصدر القلق ليس أداء ترامب في الانتخابات التمهيدية فحسب، بل خصوصاً لوائح الاتهام التي يواجهها واضطراره إلى المثول أمام المحاكم باستمرار.
وقال: «إن الأمر الأهم في أي حملة هو الوقت، الوقت لجمع الأموال، وللقاء الناس، والسفر، وأي شيء يستهلك الوقت يمكن أن يتسبب بضرر كبير» للمرشح.
واعتبر بيل كريستول، المسؤول الجمهوري السابق في عهد الرئيس جورج بوش الأب والمناهض المعروف لدونالد ترامب، أن المعادلة بسيطة: إذا تمكن الرئيس السابق من استقطاب ثلثي مؤيدي نيكي هيلي، فقد يحصل في نهاية الأمر على دعم يناهز 92 بالمئة في صفوف الجمهوريين، وهي نسبة تلامس النتيجة التي حققها عام 2020.
نتجاهل الضجيج
وقال مدير الاتصالات في حملة بايدن، مايكل تايلر، إن «استطلاعات الرأي تتعارض مع الطريقة التي يصوّت بها الأميركيون، وتبالغ باستمرار في تقدير دونالد ترامب، بينما تقلل من الرئيس بايدن».
وأضاف، في بيان أرسله إلى «نيوزويك»: «سواء كان ذلك في الانتخابات الخاصة أو في التمهيدية الرئاسية، فإنّ سلوك الناخبين الفعلي يخبرنا أكثر بكثير مما يخبرنا به أي استطلاع»، مؤكدا أن «بايدن والديموقراطيين يتفوقون في الأداء، بينما يعاني ترامب والحزب الذي يقوده ضعفا ويعانون ضائقة مالية، ومنقسمون بشدة».
ويظهر متوسط استطلاعات الرأي أن بايدن يتخلف عن ترامب بنحو 2.3 بالمئة، حيث يحظى المرشح الديموقراطي بمتوسط تأييد يبلغ 45 بالمئة، مقارنة بـ 47.3 بالمئة لمنافسه الجمهوري.
كما أظهرت استطلاعات الرأي بالولايات المتأرجحة في وقت سابق من هذا العام إلى حد كبير تقدّم ترامب على بايدن. ووجد استطلاع أجرته بلومبرغ/ مورنينغ كونسلت، في يناير الماضي، أن بايدن يتخلّف عن ترامب بما يتراوح بين 3 و10 نقاط في أريزونا (47 -43 بالمئة)، وجورجيا (49 -41)، وميشيغين (47 - 42)، ونيفادا (48 - 43)، ونورث كارولينا (49 - 39)، وبنسلفانيا (48 - 45)، وويسكونسن (49 - 44). وشمل هذا الاستطلاع 4956 ناخبا مسجلا في الولايات السبع.
ويقول أنصار بايدن إنه على الرغم من هذه البيانات، فإن الناخبين سيقررون في النهاية دعمه أمام أجندة ترامب والجمهوريين «المتطرفة». ويشيرون في هذا السياق إلى نجاحات الديموقراطيين في انتخابات عامَي 2022 و2023، خاصة أنهم شنّوا حملاتهم حول الإجهاض وضد حركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» المحسوبة على ترامب.
وذكر تايلر في هذا الصدد «ندير حملة قوية تتجاهل الضجيج وتسعى للفوز، تماما كما فعلنا عام 2020».
في المقابل، يؤكد الجمهوريون أن الناخبين سيرفضون بايدن في نهاية المطاف، على الرغم من المشكلات القانونية التي يواجهها ترامب، ويعتبرون الرئيس الحالي ضعيفا على الصعيدين الاقتصادي والسياسة الخارجية. ويقولون أيضا إن بايدن جعل الولايات المتحدة أقل أمانا من خلال سياساته الحدودية، وإن التّهم الموجهة إلى ترامب لها دوافع سياسية.
الاقتصاد والهجرة
في المقابل، أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، أمس، تفاؤلا طفيفا لدى الناخبين الأميركيين بشأن الاقتصاد، مع تحسّن المؤشرات المعيشية خلال العامين الماضيين، لكنّ الرئيس بايدن لم يحقق أي تحسّن يُذكر، بعد أن تحوّل الاهتمام الى ملف الهجرة الذي يعتبره كثيرون حاسما في انتخابات نوفمبر المقبل.
ورأى نحو 31 بالمئة من الناخبين في الاستطلاع أن الاقتصاد تحسّن خلال العامين الماضيين، بزيادة 10 نقاط مئوية عن استطلاع أجرته مجلة جورنال في ديسمبر الماضي، حيث أكد 43 بالمئة ممن تم استجوابهم أن مواردهم المالية الشخصية تسير في الاتجاه الصحيح، بزيادة 9 نقاط عن الاستطلاع السابق.
ويوافق نحو 37 بالمئة الآن على تعامل بايدن مع التضخم، بزيادة 7 نقاط عن استطلاع ديسمبر، كما يوافق 40 بالمئة على تعامله مع الاقتصاد بشكل عام، بزيادة 4 نقاط تقع ضمن هامش الخطأ في الاستطلاع.
لكن أشار نحو 20 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع إلى أن الهجرة هي الأهم في تصويتهم بالانتخابات الرئاسية، مقابل 14 بالمئة للاقتصاد، وهو مثال نادر لتقدّم أي قضية عن الاقتصاد. كما أصبحت وجهات النظر حول تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل و»حماس» أكثر سلبية، حيث رفضها 60 بالمئة، بزيادة 8 نقاط عن ديسمبر.
في المقابل، يحمل نحو 43 بالمئة وجهة نظر إيجابية للرئيس السابق ترامب، وهي أعلى درجة يحققها منذ 2021، وأبدى 48 بالمئة موافقتهم على أدائه بالبيت الأبيض، متقدما بـ 10 نقاط على أداء بايدن.
لكن 55 بالمئة يحملون نظرة شخصية سلبية تجاه ترامب، ويعتبرون العديد من سياساته غير مواتية، فيما يرى أقل من نصف الناخبين أنه مؤهل عقليا لمنصب الرئيس.
وفي حين تدعم الأغلبية بناء جدار على طول الحدود مع المكسيك وترحيل المهاجرين غير الشرعيين على نطاق واسع، وهما عنصران من سياسات ترامب، فإن مقترحاته الأخرى لم تحقق نتائج جيدة.