في ختام جولته الخليجية الأولى بعد توليه مقاليد الحكم، يغادر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، والوفد الرسمي المرافق لسموه أرض الوطن، اليوم، متوجها إلى دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، وذلك في زيارة دولة.

وشهدت العلاقات الكويتية - الإماراتية محطات بارزة في العقود الماضية أسهمت في ترسيخها في كل المجالات يتوجها الحرص على تطويرها نحو آفاق أرحب سواء على المستوى الثنائي أو ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

Ad

وأرسى دعائم هذه العلاقات عبر عقود حرص القيادات الحكيمة في البلدين الشقيقين على تعزيزها وتطويرها في كل المجالات، نظرا لما يجمع بينهما من روابط الدين واللغة والتاريخ والأخوة مما جعلها مثالا للروابط القوية المتأصلة بين أي بلدين شقيقين.

وتوطدت العلاقات الثنائية عبر تلك العقود من خلال الزيارات المتبادلة لقيادات البلدين الشقيقين والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية والدولية فضلا عن رغبة البلدين في التطوير المستمر لهذه العلاقات نحو مدى أوسع من التكامل وتسريع خطط التنمية المستدامة فيهما.

وتشهد العلاقات السياسية بين البلدين تطورا ملحوظا يعكسه التنسيق المتبادل بين الجانبين في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يخدم مصلحة الجانبين لاسيما منذ اللقاء الذي جرى عام 1973 بين أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

وفاء وتقدير

وتستذكر الكويت بكل الوفاء والتقدير الموقف الرسمي والشعبي للإمارات أثناء الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990 إذ استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.

وقبل ذلك، وفي عام 1952، زار أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الشارقة ووجه بإرسال بعثة تعليمية كويتية إلى الإمارات حيث وصلتها عام 1955 وبدأت بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها ودعمها بالكتب والأدوات المدرسية للطلبة فيما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات عام 1962 وأنشأت العديد من المراكز والمستشفيات.

وساهمت الكويت ماليا وإداريا في تقديم تلك الخدمات والإشراف عليها وأنشأت أيضا محطة إرسال تلفزيوني في إمارة دبي بدأ العمل بها عام 1969 وأطلق عليها تلفزيون الكويت من دبي.

وتعد الكويت من أولى الدول التي اعترفت بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة منذ اليوم الأول الذي جرى فيه الإعلان عن تأسيس اتحاد الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971.

وافتتحت الإمارات أول سفارة في الكويت عام 1972 وكان السفير راشد عبدالعزيز المخاوي أول سفير تم اعتماده للدولة لدى الكويت في حين كان الشيخ بدر محمد الأحمد الصباح أول سفير تم اعتماده لدولة الكويت لدى الإمارات.

لجنة مشتركة للتعاون

ويعتبر توقيع اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين في 24 أبريل 2006 في الكويت والاجتماع الأول للجنة المنعقد في أبوظبي في الأول من مارس 2008 من أهم المحطات في العلاقات السياسية الوثيقة القائمة بين البلدين.

وعقد اجتماع الدورة الأولى للجنة القنصلية المشتركة بين البلدين في الإمارات في الخامس من نوفمبر عام 2015 فيما عقد الاجتماع الثاني في الكويت في 12 فبراير عام 2017 والاجتماع الثالث في الإمارات في السادس من نوفمبر عام 2019 واستضافت الكويت الاجتماع الرابع في الخامس من نوفمبر عام 2020 عبر تقنية الاتصال المرئي.

وساهمت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية والتجارية بين البلدين في زيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بينهما إلى مستويات متصاعدة سنويا، حيث شهدت السنوات العشر الأولى من إنشاء اللجنة المشتركة بين البلدين قفزة كبيرة في التبادل التجاري غير النفطي فضلا عن زيادة كبيرة في عدد الشركات الكويتية المنشأة في الإمارات أو الإماراتية المنشأة في الكويت.

وتعد الإمارات الأولى عربيا والثانية عالميا بعد الصين كأكبر مصدر للسلع للكويت خلال العقد الماضي فيما ارتفع مستوى التبادل التجاري بينهما أخيرا نتيجة زيادة صادرات الإمارات إلى الكويت بنسبة 72 في المئة من ملياري دولار في عام 2020 إلى 3.44 مليارات عام 2021 بينما ارتفعت قيمة واردات الإمارات من الكويت خلال الفترة نفسها من 1.14 مليار دولار إلى 1.32 مليار.

تعاون أمني وعسكري

وعلى الصعيد الأمني والعسكري يشهد البلدان زيارات متبادلة وتدريبات مشتركة للجهات الأمنية والعسكرية فضلا عن تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب المتميزة والبرامج المعتمدة في البلدين التي تسهم في إعداد وتخريج أجيال قادرة ومؤهلة للدفاع عن البلدين وحماية أراضيهما.

وتشهد العلاقات بين البلدين أيضا تطورا مستمرا على الصعد الثقافية والفنية والرياضية والصحية من خلال تبادل الزيارات والمشاركة في الفعاليات التي تقام في البلدين كالمعارض والمؤتمرات والبطولات والندوات والمسابقات.

ويرتبط البلدان باتفاقيات في مجال التعليم لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب المتميزة فيما تستقطب الجامعات الإماراتية عددا كبيرا من الطلبة الكويتيين الذين يدرسون في تخصصات مختلفة.

منعطف تاريخي

وفي السياق، أكد سفير الكويت لدى الإمارات جمال الغنيم، أن زيارة الدولة التي يقوم بها سمو أمير البلاد إلى الإمارات اليوم تشكل منعطفا تاريخيا وصفحة إضافية مضيئة في مسيرة التعاون والتكامل الكويتي - الإماراتي والعلاقات الأخوية ومنطلقا مهما لمزيد من التكامل الخليجي وتقوية مسيرته وأركانه.

وقال السفير الغنيم لـ «كونا»، أمس، إن الزيارة الأولى لسمو أمير البلاد منذ توليه مقاليد الحكم إلى الإمارات الشقيقة تكلل جولة سموه المباركة ولقاءاته مع إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وتكمل حلقات العقد الخليجي الأخوي، وهي تعبر بجلاء عن وحدة المصير تحت شعار «خليجنا واحد».

وأشار إلى ما تلمسه من مستوى الترحيب الرسمي والشعبي الإماراتي بهذه الزيارة مما يعكس المكانة الكبيرة لدولة الكويت قيادة وشعبا في قلب دولة الإمارات وشعبها الشقيق.

تاريخ مشترك

وأوضح أن العلاقات الكويتية - الإماراتية غنية عن التعريف، وهي ثمرة تراث وتاريخ مشترك ورؤية استشرافية عميقة واهتمام متواصل لبلدين تربطهما أواصر الأخوة والوشائج التاريخية والجغرافية والعلاقات الراسخة علاوة على ما يجمعهما في البيت الخليجي أي مجلس التعاون الخليجي من تعاون ومصير مشترك وتواصل اقتصادي واجتماعي وثقافي متين.

ولفت إلى مسيرة الشراكات السياسية والثقافية والتعليمية والأنشطة المعرفية والفكرية والإبداعية في الفنون والآداب والمؤسسات الحاضنة لذلك في الكويت والإمارات والقائمة على قيم مشتركة وأصالة ممتدة من جيل إلى آخر.

وذكر أن قيادتي البلدين الشقيقين تدركان أهمية الحفاظ على تلك المسيرة وصون أصالتها والمضي قدما بتطلعاتهما وحفظ المكتسبات التاريخية فيها مع الدفع في الوقت نفسه بمسار التعاون الاقتصادي والاستثماري إلى آفاق أوسع نظرا لما يتمتع به البلدان من إمكانات وقدرات اقتصادية خصوصا مع وجود رغبة مشتركة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية وسبل تطويرها في المجالات كافة.

البيت الخليجي

وشدد السفير الغنيم أيضا على أهمية الزيارة التاريخية لصاحب السمو ولقائه رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ محمد بن زايد في دعم مداميك ولبنات البيت الخليجي، ليمضي بذلك على طريق أسلافه الأمراء الراحلين طيب الله ثراهم في تعزيز العمل الخليجي المشترك في كل المجالات.

واستذكر في هذا الشأن الدور الاستشرافي والتاريخي لدولة الكويت والإمارات، إذ انبثقت فكرة تأسيس مجلس التعاون الخليجي من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه والتي لاقت قبولا واسعا من مؤسس الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبعدها بقية الأشقاء الخليجيين ليتأسس المجلس في أبوظبي باجتماع عقد بتاريخ 25 مايو عام 1981 بهدف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول مجلس التعاون.

ولفت إلى ما يوليه البلدان الشقيقان بقيادة سمو أمير البلاد وأخيه الشيخ محمد بن زايد من اهتمام بالغ بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتاليا ضمن المنظومة الخليجية وإيمانهما بالمصير المشترك ووحدة الهدف وتعدد آفاق التعاون في مختلف المجالات.

وأعرب عن الاعتزاز بالدور الذي قامت به الكويت تجاه الأشقاء في الإمارات منذ ما قبل إعلان الاتحاد هناك وتحديدا في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث وقفت الكويت إلى جانب الإمارات وأمدتها ببعثة تعليمية كويتية من خلال المدارس ضمن وقفة شاملة أخوية شملت أيضا مجال الصحة وقطاعات أخرى.

وذكر أنه في فترة نهاية الستينيات وما بعدها تم وبدعم كويتي إنشاء محطة إرسال تلفزيوني في دبي عام 1969 وهو عمل نبيل يذكره الإماراتيون باحترام وتقدير، وكان للتلفزيون وقبله نهضة التعليم دور ثقافي مهم في تلك المرحلة بالنسبة للإمارات.

أزمة الغزو

واستذكر السفير الغنيم أيضا الموقف النبيل والمبدئي والمحفور بذاكرة أهل الكويت للشقيقة للإمارات بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان تجاه أزمة الغزو العراقي الغاشم للكويت والمؤيد لحقها وشرعيتها والوقوف إلى جانبها لتأتي بعد ذلك زيارته التاريخية إليها لتصب في اتجاه تعزيز التعاون وفتح آفاقه في مختلف المجالات.

وأشار إلى أن زيارة سمو أمير البلاد إلى الإمارات هي أيضا تعبير عن صور المحبة المتواصلة عبر الزمن ومن شأنها بلا شك تعميق العلاقات والشراكات بين البلدين الشقيقين وتعزيز روابط الأخوة والتعاون وتمتين الشراكات وتكريسها في المجالات كافة.

الذايدي: العلاقات الكويتية - الإماراتية ماض تليد وحاضر زاخر ومستقبل واعد

أكد القنصل العام للكويت في دبي والإمارات الشمالية السفير علي الذايدي، أن زيارة سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى دولة الإمارات الشقيقة تشكل لبنة جديدة تضاف لمسيرة العلاقات الأخوية الكويتية - الإماراتية.

وقال السفير الذايدي لـ»كونا»، أمس، إن سمو أمير البلاد سيحل ضيفا عزيزا على أخيه رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ محمد بن زايد بين أهله وإخوانه في الإمارات الذين تجمعهم بأشقائهم بالكويت وشائح القربى والأخوة والمحبة والمصير المشترك على مدى التاريخ.

وأضاف أن العلاقات الكويتية - الإماراتية لها ماض تليد وحاضر زاخر ومستقبل واعد وزاهر ومن شأن هذه الزيارة أن تضيف إلى العلاقات بين البلدين فصلا جديدا من التعاون المثمر وتنمية العلاقات في كل القطاعات وهي تأكيد على الرغبة الدائمة في تعزيزها وترجمة جلية لمعاني الشراكة الحقيقية.

وأشاد بالعلاقات التاريخية والأخوية الوثيقة التي تجمع البلدين على كل المستويات والتي تميزت بخصوصية منفردة على المستويين الرسمي والشعبي وعزز من رسوخها الرعاية الكريمة والدعم غير المحدود من القيادتين السياسيتين في البلدين الشقيقين.

وأفاد الذايدي بأن العلاقات بين البلدين الشقيقين شهدت محطات بارزة من التميز أسهمت بصورة مباشرة في ترسيخها والمضي بها قدما سواء على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون الخليجي بما ينعكس ايجابا على مصالح البلدين الشقيقين، لافتا إلى أن الأحداث العظيمة والمؤازرة في أوقات الشدة والرخاء أثبتت عمق وصلابة هذه العلاقة.

السفير الإماراتي: الزيارة محطة مهمة... وعلاقاتنا قصة نجاح

قال سفير دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لدى الكويت الدكتور مطر النيادي إن «بلاده تترقب اليوم زيارة دولة لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى بلده الثاني في ختام جولة خليجية مباركة».

وأضاف النيادي لـ «كونا»، أمس، أن هذه الزيارة تأتي بعد مرور أيام من الاحتفال بالعيد الوطني الـ 63 لدولة الكويت والذكرى الـ 33 ليوم التحرير، مستذكرا في هذا الشأن مشاركة رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ محمد زايد في صفوف القوات الإماراتية حينها في عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت عام 1991.

وأوضح أن هذه الزيارة التي تعد الأولى لصاحب السمو بعد توليه مسند الإمارة في الكويت الشقيقة تمثل محطة مهمة في العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين.

وعن هذه العلاقات أفاد بأنها نموذج استثنائي للتعاون في مختلف المجالات ومن أهمها الصناعة والصحة والاستثمار والنقل والذكاء الصناعي والثقافة والتربية والتعليم والتميز والابتكار، مشيرا إلى أن الإمارات من أهم شركاء الكويت تجاريا على الصعيد العالمي في استقبال صادرات الكويت غير النفطية وهي من أهم الدول المستثمرة في الشقيقة الكويت.

وذكر أن التبادل التجاري بين البلدين عام 2023 حقق نموا بلغ 44.8 مليار درهم ما يعادل 3.733 مليارات دينار مما ساهم في زيادة فرص حجم التبادل التجاري.

ولفت إلى أن توقيع اتفاقية منع الازدواج الضريبي والتهرب المالي مطلع هذا العام بين البلدين الشقيقين يعتبر عاملا مشجعا للقطاع الخاص في البلدين لزيادة الاستثمارات المتبادلة بالأسواق في البلدين يوفر فرصا كبيرة وبيئة محفزة للقطاع الخاص في الاستثمار في مختلف المجالات.

التعاون الاستثماري

واستعرض النيادي مجالات التعاون الاستثماري قائلا «إن الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة التي وقعتها الإمارات مع عدد من الأسواق المهمة في العالم توفر فرصة كبيرة للمستثمرين من الكويت لدخول هذه الأسواق والاستفادة من الامتيازات التي توفرها هذه الاتفاقيات الاقتصادية الشاملة لرجال الأعمال والمستثمرين المسجلين في دولة الإمارات».

وذكر أن قيام مجموعة موانئ أبوظبي بتسيير خطوط نقل بحرية جديدة تربط بين البلدين بطريقة أسرع ومستدامة لنقل الحاويات والبضائع المتفرقة والسيارات يشكل عاملا مساعدا لتعزيز حركة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين.

وفي قطاع السياحة، أفاد النيادي بأن شركات الطيران في البلدين الشقيقين تساهم في دعم هذا القطاع، إذ تضاعف عدد السياح من الإمارات إلى الكويت ليصل إلى أكثر من 50 ألف زائر في المقابل ارتفع عدد السياح من الكويت إلى الإمارات ليصل إلى 382 ألف زائر في عام 2023.

وفي قطاع التعليم العالي، قال إن الإمارات توفر خيارات متنوعة للتعليم النوعي، إذ بلغ عدد الطلبة الكويتيين المسجلين في الإمارات 140 طالبا في عام 2023 كما يقدم القطاع الصحي في الإمارت خدمات علاجية متميزة.

ووصف النيادي العلاقات بين الإمارات والكويت بأنها«قصة نجاح»، مؤكدا التطلع إلى تحقيق المزيد من التعاون بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين.