مع إتمام الحرب الإسرائيلية على غزة يومها الـ 150، وسط غارات جوية مكثفة على عموم القطاع ومعارك برية على عدة محاور بشمال وجنوب القطاع المحاصر الذي يعيش على وقع كارثة إنسانية، تأرجحت المعطيات بشأن نجاح جهود الوساطة المصرية - القطرية التي تتم بتنسيق وضغوط أميركية في إقناع «حماس» وإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق يشمل هدنة رمضانية وتبادل محتجزين أمس.

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» بأن تقدّماً ملحوظاً سجّل، خلال اليوم الأول من المباحثات التي انطلقت في العاصمة المصرية أمس الأول، برعاية مدير المخابرات العامة عباس كامل، وبمشاركة قطر والولايات المتحدة ووفد من الحركة الفلسطينية، قبل أن تستأنف أمس من دون مشاركة إسرائيلية.

Ad

وخلافا للتفاؤل المصري بتحقيق تقدّم نحو الاتفاق، قال القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، إن ما عجزت إسرائيل والولايات المتحدة عن فرضه في الميدان «لن يؤخذ بمكائد السياسة أياً كانت الضغوط»، مشدداً على أن أي مرونة تبديها الحركة في التفاوض «يوازيها استعداد كامل للدفاع عن شعبنا».

وتعززت مخاوف عدم إتمام الاتفاق بتقرير لـ «وول ستريت جورنال» نقل عن مسؤولين مصريين وقطريين قولهم إنه لم يكن هناك اتصال مع زعيم «حماس» في غزة، يحيى السنوار، لمدة أسبوع على الأقل، مما يثير مخاوف من عدم إمكانية الوصول إلى الرجل الذي يمكنه تنفيذ الصفقة.

وأفادت «وول ستريت» بأن الرسالة الأخيرة التي تم إرسالها إلى القيادة السياسية لـ «حماس» في قطر من السنوار قالت إنه يجب ألّا يكون هناك استعجال لتأمين صفقة الرهائن.

وتضمنت المعلومات أن «السنوار يأمل في أن يؤدي التوغل الإسرائيلي في مدينة رفح بجنوب غزة خلال شهر رمضان إلى دفع الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل والضفة الغربية إلى الانتفاضة ضد الاحتلال».

غياب ورفض

وجاءت التصريحات الفلسطينية التي تشير إلى التمسك بمطلب وقف الحرب بشكل كامل، وهو ما ترفضه تل أبيب، وغياب أي تمثيل إسرائيلي بمفاوضات القاهرة، في وقت ذكرت هيئة البث العبرية، أن المجلس الوزاري الحربي رفض شرطين وضعهما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وباتا يعرقلان محادثات التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار المؤقت الذي تضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على جميع الأطراف لإتمامه قبل حلول رمضان المتوقع الاثنين المقبل.

وأوضحت الهيئة أن «كابينيت إدارة شؤون الحرب رفض الموافقة على الشرط الذي وضعه نتنياهو للتقدم في مفاوضات التبادل، وهو الحصول أولاً على قائمة بأسماء المخطوفين الأحياء في غزة».

وانتقد الكابينيت نتنياهو بداعي أنه لم يكن ينبغي له أصلاً طرح هذا الشرط في بداية المحادثات، لأنه يمكن التباحث بشأنه عند نهايتها مثلما حدث في الصفقة السابقة.

ووسط اتهامات لنتنياهو بالمراوغة لإفشال التوصل إلى اتفاق تهدئة قد يؤدي إلى تدهور وضعه السياسي الداخلي، أضافت هيئة البث أن «الكابينيت المصغر وجَّه أيضا انتقاداً إلى شرط رئيس الوزراء تحديد أعداد المفرج عنهم»، أي عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب «حماس» بإطلاق سراحهم مقابل كل أسير إسرائيلي.

لكن مصادر مقرّبة من نتنياهو زعمت أن «حماس اتخذت قراراً بعدم التقدّم في الصفقة».

وقال مسؤول إن إسرائيل تعتقد أنها تتفاوض بشأن مصير نحو 40 رهينة من المرضى والمسنين والإناث، لكنها لا تعرف من منهم ما زال على قيد الحياة «من أجل بناء آلية تتعلق بإطلاق سراحهم وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاقهم بالمقابل».

توتر وضغط

ومع تفاقم حالة التوتر التي تخيّم على العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، أفيد بأن البيت الأبيض يرى في الوزير بحكومة الحرب المصغرة بيني غانتس، الذي يقوم بزيارة إلى واشنطن من دون موافقة نتنياهو، بديلا محتملا لردم حفرة «انعدام الثقة» بين البلدين الحليفين.

وقبل استقبالها لغانتس لإجراء مشاورات تتضمن «اليوم التالي للحرب» وصفقة التبادل والهدنة، دعت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، الحكومة الإٍسرائيلية، لبذل مزيد من الجهود، لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية إلى قطاع. ووصفت هاريس الأوضاع في القطاع بالكارثة الإنسانية، معتبرة أن تل أبيب لا تفعل ما يكفي لإيصال المساعدات الضرورية للمدنيين.

ودعت إلى وقف فوري لاطلاق النار في إطار صفقة التبادل.

وبينما أفاد مصدر لـ «سكاي نيوز عربية» بأن بايدن رفض الحديث هاتفيا مع نتنياهو بعد وقوع «مجزرة الطحين»، التي أودت بحياة نحو 120 فلسطينيا خلال احتشادهم للحصول على مساعدات بشمال غزة، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي صحة التقرير الذي أرجع اتّساع رقعة الخلاف إلى فشل رئيس الوزراء في الوفاء بتعهده بالسماح بتدفّق شاحنات المساعدات إلى غزة، لمنع وقوع مجاعة وشيكة حذّرت منها الأمم المتحدة.

وفي خطوة تهدف لزيادة الضغط الداخلي على الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة للإسراع في إبرام صفقة تبادل مع «حماس»، أذاعت هيئة البثّ الرسمية تسجيلا صوتيا لاثنين من الأسرى، الذين قال الجيش إنهما قُتلا بالخطأ في الشجاعية بشمال غزة، وهما يصرخان من تحت درج منزل ويناشدان الجنود لإنقاذهما قبل أن يُقتلا بنيرانهم. واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد أن «حلم أعدائنا أن يستمر نتنياهو في الحكم، والحكومة الحالية كارثة، ونريد انتخابات الآن».

إشادة وسيناريوهات

إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا حرب إسرائيل على القطاع إلى 30 ألفاً و534 فلسطينياً، وإصابة 71 ألفاً و920 آخرين، منذ 7 أكتوبر، فيما أشاد رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية، محمد أشتية، برفض العشائر في غزة التعاون مع إسرائيل بحكم المناطق وإدارة توزيع المساعدات.

في المقابل، جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، دعوته إلى مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، فيليب لازاريني، من أجل تقديم استقالته، قائلا إن الوكالة الأممية المعنية بغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «لن تكون جزءاً من اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب بالقطاع.

وتزامنت إشادة اشتية برفض العشائر بشنّ القوات الإسرائيلية حملة اقتحامات بمدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، أمس، مما أسفر عن مقتل فتى (16 عاما)، خلال المداهمات التي وصفت بالأكبر منذ سنوات بمعقل السلطة الفلسطينية التي يعارض نتنياهو إعادة توليه مسؤولية إدارة غزة.

كما تزامن ذلك مع إعلان عقد رئيس هيئة الأركان الإسرائلية، هيرتسي هاليفي، اجتماعات مشتركة مع مسؤولي جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونان بار، وقائد الشرطة يعقوب شابتاي، لوضع السيناريوهات المتوقعة خلال شهر رمضان، خاصة في الضفة الغربية ومدينة القدس.