على عكس كل التهديدات الإسرائيلية، لا تزال وجهة النظر الغالبة في لبنان هي التركيز على الحل الدبلوماسي للوضع في جنوب لبنان، حيث تدور مواجهات بين إسرائيل وحزب الله منذ 8 أكتوبر 2023، وهذا ما يصرّ عليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحتى حزب الله وحركة أمل.
هذا الموقف تم إبلاغه للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي يقود المساعي الأميركية لإعادة الهدوء على ضفتَي الحدود. هوكشتاين الذي وصل الى بيروت أمس، كان قد أبلغ اللبنانيين بوجود وجهات نظر متباينة لدى الإسرائيليين حول كيفية إنهاء التوترات، لكنه اعتبر أن مفتاح الحل لمنع أي تصعيد إسرائيلي يكمن في سحب ورقة المزايدات الداخلية في تل أبيب، حيث تتعرض حكومة بنيامين نتنياهو لضغوط قاسية من قبل سكان الشمال الذين تركوا منازلهم، ويتهمون الحكومة بالتخلي عنهم.
وبالتالي، فإن الملف الذي يمثّل أولوية في مباحثات هوكشتاين في بيروت هو العمل على إعادة هؤلاء الى منازلهم عبر الدبلوماسية، اذ أن هذا الأمر يُحسب ورقة أساسية من يد صقور الحكومة الإسرائيلية لتوسيع نطاق الحرب من غزة إلى لبنان. وبعد لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، حـذر هوكشتاين من احتمال ان لا تمتد هدنة غزة الى لبنان، وأضاف:«لايوجد شيئ اسمه حرب محدودة. التصعيد لن يساعد لبنان والاولوية يجب ان تكون لتسوية ديبلوماسية».
في المقابل، فإنه بالنسبة إلى بيروت، فإن مفتاح تجنّب التصعيد ووقف حزب الله العمليات العسكرية يبدأ من وقف إطلاق النار في غزة أو الذهاب الى هدنة إنسانية، وهذا ما تم إبلاغه لهوكشتاين مجدداً، الذي طرح سؤالاً ليس بجديد مفاده: «ماذا لو عادت وتجددت المواجهات في غزة، لكن بطريقة مختلفة ومن دون مشاهد الاجتياح البري الحالية؟» هنا جاء الجواب هذه المرة بأنه لا بدّ من هدنة طويلة الأمد تمتد لأكثر من 6 أسابيع، والأفضل هو أن تكون بين 5 و6 أشهر، فهي فترة ستكون كافية لإرسال معالم اتفاق إطاري في لبنان. وقد طالب لبنان هوكشتاين أيضاً بنقطة أساسية تتعلق بالنازحين اللبنانيين من قرى الشريط الحدودي، وليس فقط الاهتمام بالجانب الإسرائيلي، وبالتالي لابدّ من العمل على صيغة تضمن عودة المواطنين الجنوبيين الذين تدمرت منازلهم وأرزاقهم، وبالتالي لابدّ من توفير مساعدات خارجية لإعادة الإعمار في الجنوب، وقد وعد هوكشتاين بالعمل على ذلك، علماً بأن البعض في لبنان يبدي تخوّفاً من أن تكون العمليات الإسرائيلية التدميرية هي مسألة متعمدة لتكريس انعدام مقومات الحياة في تلك المنطقة، فيقول الإسرائيليون فيما بعد إنهم أعدموا الحياة في هذه المناطق وأبعدوا حزب الله من خلال تهجير القرى.
ما تركز البحث حوله مع هوكشتاين هو تطبيق القرار 1701 الذي أنهى حرب 2006، والذي يمتلك كل المقومات لمعالجة كل المشاكل الحالية.