الشفافية وديمومة المشكلة في الكويت

«الوطن محل ميلاد المرء أو محل سكنه». (المستشرق برنارد لويس) في كتابه «لغة السياسة في الإسلام».

الذكرى الستون لصدور دستور الكويت تذكرنا أن هذه الوثيقة التي رسخت مفهوم الوطن ونظمت علاقة الحاكم بالشعب ودعمت العدالة والمساواة، منظومة بحد ذاتها للتعايش السلمي وتعزيز الوطنية في نفوس الأمة، لكن مع الذكرى توجد غصة في بعض التطبيقات التي تشوه الشفافية وترسم المجهول في عدة ملفات وطنية.



بسط رقابة القضاء على سحب الجنسية من القضايا الوطنية الحساسة التي تسهم في حفظ المراكز القانونية والمواطنة من التعسف والظلم، كما تحافظ على مبدأ الشفافية الحكومية في أي قرار أو مسلك تجده في مصلحة الوطن، ومن القضايا الوطنية الغامضة أيضاً قضية «المقيمين بصورة غير قانونية» فلهذه القضية مدافعون ومهاجمون وجهاز إداري كبير تخصص له ميزانية للقضاء على هذه الصفة القانونية غير الشرعية، لكن المشكلة تستمر وتتعقد ويكثر فيها اللغط دون حلول مستدامة تنهي هذا الكابوس.

رؤية «كويت 2035» بإمكانات اقتصادية عالية، وترسيخ القيم وتحقيق التنمية البشرية لا تستقيم وتنسجم مع قضايا وطنية تخالط حلها الغموض والاستمرار في المشكلة، فالوضوح في حل القضايا الوطنية مطلب أساسي لنجاح الاستدامة وتطور جهاز الدولة الإداري للأفضل، والتعامل مع أي قضايا وطنية يجب أن يكون في إطار الشفافية ومضمون المصلحة العامة للدولة.

رقابة القضاء على سحب الجنسية الكويتية تحافظ على أهم مكون من مكونات الدولة وهو الشعب، فعندما يشعر المواطن بتماسك المؤسسات على أسس واضحة كالعدالة والمساواة والشفافية سيستقر في وجدانه قدرة السلطة على تحقيق المصلحة العامة وترسيخ العدالة.

أما التعامل مع قضية (البدون) فيحتاج الى كثير من الفهم، كمواطن يهتم لسمعة الكويت إقليمياً وعالمياً يشاهد أن الجهاز الإداري المعني بحل تلك المشكلة يساهم في تعقيدها وتغذيتها لتستمر دون تصور لنهايتها، والسبب عدم رغبة الحكومة في حسم هذا الملف وإغلاقه نهائياً. من الخطأ أن تضع الدولة المسائل الوطنية في قالب التصغير ودواؤها حسب السياسة الحكومية هو الزمن، فالزمن بمفرده لا يضع الحلول المستدامة للعلاج الأمثل دون تصور وخطة طموحة تنهي المشكلة بمعايير واضحة لا يخالطها الشك والريبة، لكن السؤال المهم: هل تستقر رياح «كويت 35» على أسس الشفافية والحلول المستدامة أم تستمر ديمومة المشكلة وتذهب رؤية المستقبل أدراج الرياح؟