يتطلّع دونالد ترامب إلى ترسيخ ترشيحه عن الحزب الجمهوري الثلاثاء، في وقت توجه أمس ملايين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أحد أهم الأيام الانتخابية خلال الموسم التمهيدي.
ويعدّ «الثلاثاء الكبير» الذي شهد انتخابات في 15 ولاية ومنطقة واحدة، محطة فاصلة في السباق على الترشيح الرئاسي.
لكنّ التشويق الذي شهدته السنوات الماضية سيغيب إلى حدّ كبير هذه المرة، إذ من المتوقع أن يواصل ترامب اكتساحه للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، موصداً الباب أمام منافسته الوحيدة المتبقية نيكي هيلي.
وقال ترامب لمناصريه خلال تجمّع حاشد في ريتشموند في فيرجينيا خلال نهاية الأسبوع: «كنّا مثل الصاروخ نوعاً ما، انطلقنا مثل الصاروخ، إلى (نيل) ترشيح الحزب الجمهوري»، مشيداً بانتصاراته في أيوا ونيوهامبشير ونيفادا وساوث كارولينا.
لكنّه أوضح أنّه ينظر إلى أبعد من الانتخابات التمهيدية، ويضع نصب عينيه الانتخابات الرئاسية المقررة في الخريف. وقال للحشد «إنّ أكبر يوم في تاريخ بلادنا هو الخامس من نوفمبر».
وعلى رغم تخلّفها بفارق كبير عن ترامب منذ بداية الانتخابات التمهيدية، تعهّدت هيلي بالبقاء في المنافسة، على الأقل حتى يقول الناخبون كلمتهم في «الثلاثاء الكبير».
كذلك، يخوض الرئيس جو بايدن الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنّه يتخلّف عن ترامب في معظم الولايات المتأرجحة، منافسته التمهيدية الخاصة في الحزب الديموقراطي، لكنّ حسم ترشحه لولاية رئاسية ثانية يُعتبر إجراء شكلياً.
وشملت قائمة المنافسة أمس ولايتي كاليفورنيا وتكساس اللتين ستسمحان للمرشّح الفائز بالحصول على 70 في المئة من المندوبين الذين يحتاج إليهم لنيل تسمية الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية.
ولا يستطيع ترامب إنهاء المنافسة حسابياً ليلة الثلاثاء، لكنّه يتوقّع أن يتم حسم تسميته بحلول 19 الجاري على أبعد تقدير، وفقاً لحملته.
بدورها، دأبت هيلي على تقديم الحجج بقدرتها على الفوز في الانتخابات، مؤكدة أن الناخبين رفضوا «الترامبية» في كل عملية اقتراع أجريت بعد الانتخابات الرئاسية 2016، وسيفعلون ذلك مرة أخرى في نوفمبر 2024.
كذلك، حذّرت من «الفوضى» المحيطة بمرشّح وصفه قاضٍ فدرالي في الأشهر الماضية بالمتمرّد، وأُدين بتهمتي الاعتداء الجنسي والاحتيال التجاري وفرضت عليه غرامات بمئات ملايين الدولارات.
ويواجه ترامب الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات، احتمال السجن بسبب تهم جنائية فدرالية وتهم على مستوى الولايات، معظمها يتعلّق بمحاولته الغش أو قلب نتيجة الانتخابات في 2016 و2020.
وأمضى ترامب «77 عاماً» تسعة أيام أمام المحكمة خلال هذه السنة فقط، بينما يشكو من أنّ محاكماته تمنعه من المشاركة في الحملة الانتخابية، رغم أنّ ظهوره أمام المحكمة كان طوعياً في معظم الوقت، واستخدمه كجزء من مناشداته لجمع التبرّعات.
وبينما ينشغل ترامب بنشاطات حملته، ومنها إلقاء خطاب تلفزيوني الثلاثاء من ناديه على شاطئ جنوب فلوريدا، يكون محاموه منكبّون على إعداد مرافعاتهم الخاصة بمحاكمته في 25 الجاري في نيويورك بتهمة مخالفات تمويل الحملة الانتخابية للعام 2016.
في هذه الأثناء، يحتفل الرئيس السابق بقرارات المحكمة العليا تأخير محاكمته بشأن محاولته قلب نتائج الانتخابات للعام 2020 في واشنطن حتى نوفمبر، والسماح بإدراج اسمه على بطاقة الاقتراع في ثلاث ولايات أرادت استبعاده باعتباره متمرّداً.
وقالت هيلي لشبكة «ان بي سي» الأحد إنّها باتت في حلّ من تعهّدها الجمهوري بالتصويت لمرشح الحزب إلى الانتخابات الرئاسية في حال رسا الترشيح على ترامب، ممّا أثار تكهّنات بشأن احتمال خوضها السباق الرئاسي كمرشحة ثالثة.
كذلك، يثير بايدن الذي يدلي بخطابه السنوي عن حال الاتحاد من أمام الكونغرس الخميس، انقسامات أيضاً بين الديموقراطيين، رغم أنّه من المتوقع أن يتغلّب في الانتخابات التمهيدية على منافسيه دين فيليبس وماريان ويليامسون، وكلاهما من الشخصيات السياسية غير البارزة.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» السبت تراجع دعم بايدن بين الفئات الانتخابية التي عادة ما كانت أصواتها شبه مضمونة لمصلحة الديموقراطيين، مثل العمّال والناخبين غير البيض.
ووفق الاستطلاع، قال حوالي ثلثي الناخبين الذين دعموا بايدن (81 عاماً)، في العام 2020 إنّ سنّه أكبر من أن تسمح له بقيادة البلاد بفعالية.
ويقول تيري شوبلات، إن الخطاب السنوي للرئيس الأميركي عن حال الاتحاد «كان الخطاب الذي نحلم بكتابته وبعد ذلك، نأمل ألا نضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى»، وهو رأي يبديه العديد من كتّاب الخُطَب، مؤكدين أن إعداد الكلمة التي سيلقيها بايدن هو مهمة مرهقة ومثيرة للإحباط.
قال هذا المساعد السابق لباراك أوباما «إنه بالتأكيد واحد من أكثر الخطب الرئاسية المرتقبة لهذا العام»، تبثه القنوات التلفزيونية في أوقات الذروة، لكنه «نادراً ما يُحدث تغييراً في ديناميكية الولاية الرئاسية».
عندما يلقي بايدن الذي أمضى ثلاثة أيام في منزله في كامب ديفيد لإعداد خطابه، كلمته هذه سيشكل ذلك خاتمة أشهر من العمل الشاق.
وقالت سارادا بيري وهي أيضاً من كتاب الخطب السابقين في عهد أوباما إنه في «أكتوبر أو/نوفمبر» يبدأ جمع الأفكار من الوزارات والإدارات وأرقام الميزانية.
وأضافت أن مسودة أولى تكتب قبل عيد الميلاد لكن «الأمور الجدية تبدأ فعلياً بعد العودة من عطل نهاية العام» والهدف هو «نسج رواية» متماسكة.
- من ألف إلى تسعة آلاف كلمة -أكدت سارادا بيري أن ذلك يشبه «سوبربول لأقلام الرئيس»، في إشارة إلى نهائي دوري كرة القدم الأميركية أهم حدث رياضي سنوي في الولايات المتحدة، موضحة أن «النتيجة لا تأتي إطلاقاً كما كنا نريد».
و»الخطاب عن حال الاتحاد» مدرج في الدستور الأميركي الذي ينص على أن يقوم الرئيس «بإطلاع الكونغرس دورياً على حالة الاتحاد».
أول رئيس أميركي نفذ هذا البند كان جورج واشنطن بأقصر خطاب حتى اليوم بلغ عدد كلماته الألف ونيف، مقابل أكثر من تسعة آلاف كلمة لخطاب جو بايدن العام الماضي.
بعد واشنطن، اكتفى الرؤساء الأميركيون برسائل خطية. ولم ترسّخ تقاليد مثول مهيب أمام جميع البرلمانيين، قبل أن يتولى وودرو ويلسون الرئاسة في 1913.
أما عبارة «الخطاب عن حال الاتحاد» فقد فرضت بعد الحرب العالمية الثانية.
يوضح تيري شوبلات «ليس لدينا ملك، لكن في تلك اللحظة عندما يعلن عن وصول الرئيس ويدخل (إلى قاعة الكونغرس) يتخذ الأمر بعداً ملكياً»، مشيراً إلى أن أهمية الخطاب تكمن أيضاً في هذه اللحظة المسرحية.
وأضاف محرر معظم خطب أوباما «لدينا نصف الجمهور (أعضاء حزب الرئيس) يقف ويصفق والنصف الآخر يجلسون مكتوفي الأيدي، وهذا يمكن أن يكون لقطات جيدة للتلفزيون».
وكان الرئيس الديموقراطي السابق حاول اختصار خطابه إلى ثلاثين دقيقة من دون جدوى. وقال شوبلات إن «الضغوط كبيرة جداً» لنذكر الصحة والتعليم والسياسة الخارجية والبيئة والقدرة الشرائية في الوقت نفسه، والهجرة والأمن والتكنولوجيا.
وقالت سارادا بيري «في كل عام كنا نقول لأنفسنا، هذه المرة سنجعله أقصر، وسنفعل شيئاً ملهماً وسنروي قصة. وبالتأكيد في كل مرة يكون لدينا خطاب يستمر لساعة على الأقل» يشبه دليلاً لوعود جميلة واستحضارات ممتعة لقرارات سابقة.
- تصفيق -العام الماضي، تحدث جو بايدن لأكثر من سبعين دقيقة. أما صاحب الرقم القياسي فهو الرئيس السابق بيل كلينتون الذي تحدث لمدة ساعة و28 دقيقة في العام 2000.
ويعترف «القلمان» بأنه ليست الجمل التي اتقنا صياغتها بل اللحظات العفوية والحوادث الجانبية هي التي تضفي نكهة على «خطاب حال الاتحاد».
مثال على ذلك عندما مزقت الديموقراطية نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب حينذاك، نسختها من الخطاب الذي كان قد ألقاه للتو الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في 2020.
ويتذكر تيري شوبلات التصفيق الطويل في الكونغرس في يناير 2014، عندما حيا باراك أوباما بين الحضور جندياً أصيب بجروح خطيرة في أفغانستان.
وقال شوبلات الذي سيصدر قريباً كتاباً عن تجربته إن «هذه هي اللحظات تبقى في الأذهان ويتحدث عنها الناس في اليوم التالي في العمل أو مع العائلة».
وسيجلس الكاتبان الخميس أمام التلفاز مساء الخميس من دون حنين كبير إلى الماضي. وقالت سارادا بيري ضاحكة «سأكون سعيدة بأنني مجرد متفرجة».