بالتزامن مع انعقاد اجتماع طارئ لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لبحث التطورات بشأن فلسطين في مدينة جدة السعودية، عشية اجتماع عربي مماثل في القاهرة، تعثرت محادثات غير مباشرة استضافتها القاهرة بمشاركة أميركية قطرية بين «حماس» وإسرائيل، إن لم تكن قد انهارات بشكل كامل، بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة بحرب غزة المتواصلة منذ 5 أشهر، بينما تبقت أيام فقط لوقف القتال قبل أن يحل شهر رمضان.

وقال القيادي الكبير في «حماس» باسم نعيم لـ«رويترز» إن الحركة قدمت مقترحها بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار إلى الوسطاء خلال يومين من المحادثات، وتنتظر الآن رداً من الإسرائيليين الذين غابوا عن جولة المباحثات، متهماً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «لا يريد اتفاقا، ويخلق أسبابا لتعطيل مفاوضات القاهرة وإفشالها لإغراض شخصية».

Ad

وأكد نعيم أنّ «الإدارة الأميركية تملك القرار لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، والكرة في ملعبها إن أرادت وقف الحرب وإيقاف تداعياتها في المنطقة قبل حلول شهر رمضان»، الذي يفترض أن يحل الاثنين المقبل.

ووصف نعيم مطالبة تل أبيب لحركته بتقديم قائمة بأسماء جميع الرهائن الذين مازالوا على قيد الحياة بأنه مستحيل بدون وقف إطلاق النار أولا بـ»النظر إلى أن الرهائن موزعون في أنحاء منطقة الحرب، ومحتجزون لدى فصائل مختلفة».

وجاء تصلّب «حماس» بعد أن طالبها البيت الأبيض بقبول الاتفاق المطروح على الطاولة، لإبرام الهدنة التي تمتد إلى 6 أسابيع وصفقة التبادل والذي قبلت به إسرائيل.

واشنطن وغانتس

وفي حين شدد الرئيس الأميركي جو بايدن على أنه لن يتوقف عن الضغط حتى التوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق الرهائن، ووقفا فورياً لإطلاق النار في غزة لمدة 6 أسابيع، أفادت هيئة البث الإسرائيلية، أمس، بأن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، طلب من الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس، خلال زيارته غير الرسمية التي يقوم بها لواشنطن دون موافقة نتنياهو، إنهاء العمليات العسكرية والحرب وفق «جدول زمني محدد».

وأبلغت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، خلال لقائها غانتس، أن إدارة بايدن تريد مواصلة دعم إسرائيل في حربها على غزة، وفي موازاة ذلك أن تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية، وإغراق القطاع الفلسطيني الذي يواجه خطر انتشار مجاعة بالمواد الإغاثية.

وقالت هاريس لغانتس: «ساعدونا بأن نساعدكم»، حسب ما نقل موقع «واللا» الاستخباراتي عن مصدر مطلع على اللقاء.

كما نُقل عن هاريس قولها «من المهم أن نفهم جميعًا أننا في نافذة زمنية الآن حيث يمكننا بالفعل إنجاز صفقة الرهائن». ورحبت هاريس بنهج إسرائيل في المفاوضات بشأن الصفقة المحتملة.

وكرر سوليفان وهاريس طرح السؤال أمام غانتس حول المنطقة التي تعتزم إسرائيل أن تنقل إليها النازحين في رفح، وشككوا بشكل عميق في قدرة إسرائيل على تنفيذ ذلك.

كما عبّر المسؤولون في البيت الأبيض عن تشاؤمهم حيال احتمال التوصل إلى اتفاق تطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية في الظروف الحالية، وطالما الحرب على غزة مستمرة.

وفوجئ غانتس من شدة الانتقادات والقلق الذي سمعه من المسؤولين الأميركيين، حسب «واللا»، وقال مصدر إسرائيلي مطلع على مضمون المحادثات إنه «توجد هنا صعوبة كبيرة، وينبغي أن نبحث كيف سنتغلب عليها».

في المقابل، أكد غانتس للمسؤولين في واشنطن أن إسرائيل لن تتراجع عن هدف «إزالة تهديد حماس»، في إشارة إلى تهدّد الدولة العبرية منذ أسابيع بشنّ عملية برية في رفح، الملاصقة للحدود المصرية، التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1,5 مليون فلسطيني نزحوا من مناطق أخرى في القطاع، بهدف القضاء على ما تبقى من كتائب الحركة الفلسطينية المحاربة. وزعم غانتس أن إسرائيل لا تعتزم اجتياح رفح قبل إخلاء السكان المدنيين، وادعى أنه بالإمكان تنفيذ ذلك.

وطالب غانتس واشنطن باستغلال نفوذها لدى الدوحة والقاهرة من أجل الضغط على «حماس» للقبول بالاتفاق المطروح، وقال إن جميعهم يستطيعون فعل ذلك.

أكبر إنزال

وفي حين جدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تحذيره من استمرار حرب غزة والأعمال العدائية التي يمارسها المستوطنون المتطرفون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، أعلن الجيش الأردني، تنفيذه 8 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية على القطاع الفلسطيني المحاصر، بالتشارك مع «دول شقيقة وصديقة»، وصفها بـ«الأكبر منذ بدء عمليات الإنزال حتى اليوم».

وذكر الجيش الأردني أن عمليات الإنزال التي استهدفت عدداً من المواقع بشمال غزة ضمت 3 طائرات من نوع C130 تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، و3 طائرات أميركية، وطائرة مصرية، وطائرة فرنسية.

في هذه الأثناء، أكدت منظمة الصحة العالمية، أن نقص التغذية أصبح «متفاقماً بشكل خاص»، لافتا إلى أن طفلا من بين كل 6 دون الثانية من العمر يعاني سوء تغذية حاد بشمال القطاع.

إلى ذلك، شنّ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس هجوما جديدا على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متهما إياه بإخفاء تقرير يتعلق بـ«الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية التي ترتكب ضد اليهود والإسرائيليين من قبل حركة حماس، ويشارك باستمرار في محاولات تشويه سمعة إسرائيل والمس بحقها في الدفاع عن النفس».

وأضاف أنه أوعز على الفور باستدعاء سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة للتشاور، احتجاجا على سياسات غوتيريش الذي قال إنه يحاول إخفاء «الجرائم الجنسية التي ترتكبها حماس، ويحاول استبعاد حماس من المسؤولية».

في المقابل، رفضت الحركة بشدّة التقرير الصادر عن المسؤولة الأممية براميلا باتن، حول الادعاء والمزاعم بارتكاب مقاتلي الفصائل الفلسطينية لحوادث «اغتصاب وعنف جنسي» خلال هجوم طوفان الأقصى الذي أطلق شرارة الحرب الحالية في السابع من أكتوبر الماضي.

معارك ورواتب

ميدانياً، تتواصل المعارك العنيفة في وسط مدينة خان يونس الجنوبية وفي محيط مدينة حمد السكنية وفي تل الهوى والزيتون في الشمال، أفادت وزارة الصحة بغزة بوصول 97 قتيلا إلى المستشفيات خلال ليل الاثنين ـ الثلاثاء، «أغلبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن»، ليرتفع بذلك عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 30 ألفاً و631، بالإضافة إلى 72 ألفاً و43 مصاباً.

على صعيد منفصل، أعلنت وزارة المالية الفلسطينية أنها ستدفع 65 في المئة من راتب يناير الماضي لموظفي السلطة الفلسطينية في القطاعين المدني والعسكري مع تواصل الأزمة المالية التي تمر بها السلطة المتمركزة في رام الله بالضفة الغربية، جراء وقف سلطات الاحتلال الإسرائيلية تزويدها بأموال الضرائب التي تجمعها نيابة عنها.