أكد رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ د. محمد الصباح، أن إعادة الثقة في مؤسسات الدولة وإصلاح الاعوجاج وتحقيق الطمأنينة لأهل الكويت هو التحدي الأول للحكومة، مشيراً إلى أن هناك تطبيقاً حقيقياً للقانون على الجميع، من خلال تقديم أكبر قضية فساد إلى القضاء وهي قضية صندوق الجيش.
وتابع الصباح، خلال لقائه طلبة كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت بـ«الشدادية» بحضور وزير التربية وزير التعليم العالي والبحث العالي د. عادل العدواني، ومدير جامعة الكويت بالإنابة د. مشاري الحربي والأسرة الأكاديمية والطلبة أمس، أن «الحكومة قدمت بلاغاً جديداً بشأن كيفية استخدام المكاتب العسكرية حول العالم بالاعتداء على الأموال العامة، ولن نقف عند هذا الأمر، وقد قُدم البلاغ وأخذ إجراءاته إلى محكمة الوزراء».
وأضاف أنه «تم تطبيق القانون بشأن مكافحة الفساد على قضية صندوق الجيش»، مؤكداً أنه «لا أحد أكبر من القانون خصوصاً الذين تمت إدانتهم».
استرداد الأموال
وذكر أنه «تم تكليف فريق من الشباب للعمل على استرداد كل الأموال التي تم الاستيلاء عليها، ومن مهام هذا الفريق الذي تم تكليفه هو أن يرفع قضايا في مجموعة من الدول لاسترداد ما تم الاستيلاء عليه، والرسالة من هذا أننا جادون في موضوع مكافحة الفساد وأنه لا كبير مهما كان منصبه في وجه العدالة والانصاف الذي بنيت عليه قيم المجتمع الكويتي عبر الزمن، وتم تأطيره في دستور نفتخر به جميعاً».
نموذج حياتي
وأعرب الصباح عن فخره بأن يكون في كلية العلوم الإدارية، وقال: «عندما كنت أدرس في هذه الكلية، وأتحدث عن تجارب الدول، لأن النظرية شيء وتطبيقها شيء آخر، ولا يمكن أن يكون هناك أبلغ من أن يأتي الشخص بنموذج حياتي حقيقي عن دولة كانت غنية جداً بمورد ناضب، وأن سوء استغلال هذا المورد الناضب أدى إلى انتقال هذه الدولة من أعلى مستوى للدخل للفرد في العالم خلال عام 1991 - 1992 والآن تعتبر تؤجر أرضها سجوناً للاجئين حول العالم، فإلى هذه الدرجة انحدر فيها الوضع الاقتصادي وهي جزيرة ناورو».
العبر من المآسي
وتابع «هذا ليس مقارنة مع دولة الكويت، لله الحمد، ولكن الشخص يأخذ العبر من المآسي التي تمر بها الدول والمجتمعات، ولكن كما قال الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت بعد الكساد الذي حصل في عام 1929: «(لا شيء يخوفنا سوى الخوف نفسه)، لذلك نحن لسنا خائفين، ولكن علينا أن نأخذ العبر، ولكن ليس من منطلق الخوف، بل من منطلق التفاؤل بتفادي ما وقعت فيه دول أخرى».
وأشار الصباح إلى أنه «قبل أن أتشرف بتكليفي برئاسة مجلس الوزراء كنت واحداً منكم، أسمع وأنتقد، وأنظر لأني كنت خارج السلطة التنفيذية فكان عندي هذا الترف، (من يجب، ولابد، وغيرها من العبارات اللي دائماً نستخدمها)، وكان الملاحظ في الفترة السابقة أن لدى الكثير من المواطنين تساؤلات حول الأوضاع بشكل عام، حيث انهم يقرأون عن وضع الفساد، ومعدلات ترتيب الكويت في المؤشر العالمي، وكانوا ينظرون إلى أن موقع الكويت متدن في مكافحة الفساد.
وتابع: «كانوا يرون أن هناك الكثير من عمليات التزوير، ونحن في المؤسسة الجامعية نتكلم عن الشهادات المزورة والتزوير في الوثائق الرسمية، وغيرها، وهذا الأمر كان يخلق نوعاً من القلق عند طبقة الشباب، خصوصاً من انتشار المخدرات والاتجار بالبشر وقضايا كثيرة مجتمعنا يتحدث عنها لاسيما الشباب وخصوصاً في المؤسسات العلمية وفي الدواوين الشعبية».
علاقة عكسية
وقال «هناك نظريات عديدة أن هناك علاقة عكسية بين درجة القلق عند المواطن والأمد الزمني الذي تتحقق فيه، فإذا زاد القلق عنده بشكل عال يصبح الأمد الذي يخطط له قصيراً».
ولفت إلى «أن معدل مكافحة الفساد في الكويت ارتفع 17 نقطة، وهذا يسجل لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة)»، موضحاً «أن هناك تطوراً نفتخر به جميعاً، بحيث أصبحنا في سلم المؤشر الدولي لمكافحة الفساد».
الشهادات الجامعية
وعن تزوير الشهادات الجامعية، قال الصباح، إن وزارة التربية تعكف حالياً على مراجعة الشهادات منذ عام 2000 إلى الآن، والعمل على مراجعتها والتأكد منها، مشدداً على أن هناك إجراء عملياً وفعلياً وقانونياً على مكافحة الفساد الإداري.
وتابع «أن الكثير يتساءل في الوقت الحالي، أين نحن ذاهبون؟»، موضحاً أنه «بكل ثقة اننا ذاهبون إلى أفق أجمل وأرحم من خلال رؤية سمو أمير البلاد بنقل الكويت إلى حال أفضل»، مضيفاً «أن رؤية 2035 تعتمد على بناء اقتصاد مواز للاقتصاد النفطي، لأنه من خلال رؤيتنا لتجارب الدول الأخرى التي تعتمد على المورد الناضب وجدناها وصلت إلى مرحلة الفقر بعدما كانت مصادر الدخل عالية».
وأشاد بوعي الشعب الكويتي في بناء اقتصاد جديد لا يعتمد على النفط، بل يعتمد على الطاقات البشرية، والقدرة على الإبداع، وهذا الأمر تاريخي بالنسبة لأهل الكويت وليس جديداً.
وقال الصباح، إن الطرق التجارية التي تربط الكويت والهند وشمال إفريقيا حمتها من المجاعات، موضحاً أن هناك العديد من الهجرات وصلت إلى الكويت نتيجة المجاعات التي اجتاحت نصف الجزيرة العربية ونجد، مع العلم أن الكويت لم تمر بمجاعة كالتي مرت بها الدول الأخرى لانها تعتبر «سوير ماركت» دول الخليج بفضل التجارة التي كان يبدع فيها أهل الكويت.
الربط السككي
وعن الربط السككي بين دول مجلس التعاون، كشف الصباح أن السكك الحديدية ستنطلق من الكويت إلى دول شرق آسيا مرورا بكازاخستان وأوزبكستان، وصولاً إلى الهند، عبر طريق الحرير، مشيراً إلى أنه من المحتمل أيضاً أن ينطلق شمالا من العراق مرورا بتركيا ثم إلى دول أوروبا.
وأشار إلى أن هذا الأمر يدل على الأهمية الجغرافية للكويت، حيث ان المنطقة الشمالية (شمال الجون) هي الكويت الجديدة، وسيكون هناك مركز لوجستي متميز يقدم خدمات لوجستية ضرورية إلى دول الجوار، وللمحيط الجغرافي للكويت وسيقدم خدمات مميزة في الخدمات المالية المصرفية وأسواق رأس المال، وفي مجال التعليم عبر جامعات عالمية لديها سمعة رائدة تفتح لها فروعاً في الكويت، فضلاً عن تقديم خدمات مميزة في الرعاية الصحية من خلال الاتيان بمستشفيات عالمية عبر فتح أفرع لها في الكويت، فتصبح الكويت منطقة جاذبة خصوصاً منطقة الشمال.
وأكد أن «صاحب السمو كلف هذه الحكومة بأن تترجم هذه الرؤية، ولذلك أتينا ببرنامج عمل، وهو الانطلاقة عبر سفينة الكويت المنطلقة لتحقيق ذلك، من خلال قائدها وهو صاحب السمو، فسموه من بدأ هذه الانطلاقة خلال زيارته لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث بدأ الزيارة الأولى للمملكة العربية السعودية، وبعدها إلى سلطنة عمان، ثم مملكة البحرين، وبعدها قطر والإمارات»، موضحاً أنه في كل محطة من هذه المحطات كان الموضوع الاقتصادي هو الموضوع الأساسي في حوار صاحب السمو مع قادة تلك الدول.
القطارات السريعة
وبين «اننا ندرس تطبيق القطارات السريعة التي تتعدى سرعتها 300 كيلومتر في الساعة مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي لحمل الركاب من الرياض إلى الكويت، وأخرى للبضائع لربط الاقتصاد بين البلدين بشكل عال من الكفاءة، وبتكلفة معقولة وبسرعة لنقل البضائع، وستكون هذه الطرق أقل كلفة وأفضل للبيئة».
وذكر أنه «خلال زيارتنا لسلطنة عمان، تم افتتاح مشروع كويتي ــ عماني يعد من أهم مصفاة التكرير مطل على بحر العرب وخليج عمان، وهو من المشاريع الرائدة على مستوى العالم، ويشكل ارتباطاً أمامياً لاستخدام النفط الكويتي، من خلال إصدار مواد متطورة من البتروكيماوية».
ولفت إلى أنه «تم كذلك مع الاخوة في البحرين وفي قطر وفي الإمارات لتعزيز هذه الشبكة من الروابط ليس فقط على المستوى السياسي، بل على المستوى الأمني والاقتصادي في كل المجالات وهذه رؤية صاحب السمو».
التطور التكنولوجي
وعن أثر التطور التكنولوجي على طريقة إدارة الأعمال، قال الصباح إن الكثير لا يعلم أن شركة «غوغل» وقعت أن يكون مركزها الرئيسي في الكويت، التي تساهم في توفير تكنولوجيا الاتصالات والتواصل، وهذا الأمر سيساهم في إلغاء الاستخدامات الورقية واستخدام العملة الإلكترونية، فضلاً عن أن التكنولوجيا أصبحت عاملاً محفزاً ومطوراً للمجتمعات خصوصاً في ظل نقص العمالة الذي ستساهم في سده.