أعلن البنك المركزي المصري اتخاذ اجراءات تعويم الجنيه بالكامل وفقاً لآليات السوق، قبل أن يوافق صندوق النقد الدولي في نفس اليوم على قرض طال انتظاره بثمانية مليارات دولار، وذلك بزيادة عن ثلاثة مليارات دولار كان يجري الحديث عنها في السابق.
واشار البنك في بيان صحافي إلى أهمية «توحيد سعر الصرف في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية».
وخسر الجنيه المصري ثلث قيمته في مقابل الدولار اليوم الأربعاء بعدما رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بواقع ست نقاط لتسجل معدلات قياسية للإيداع (27.25%) والإقراض (28.25%).
وسجل متوسط سعر الدولار في المصارف الحكومية والخاصة أكثر من 45 جنيها، في مقابل 30.8 جنيها حتى صباح الأربعاء.
كذلك، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بواقع ست نقاط لتسجل معدلات قياسية للإيداع (27.25 في المئة) والإقراض (28.25 في المئة). وأوضح البنك في بيانه أن «الاقتصاد المحلي تأثر في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية، ما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي».
وتمر مصر بإحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجّل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء.
كذلك، زادت ديون مصر الخارجية أكثر من ثلاث مرات في العقد الأخير لتصل إلى 164.7 مليار دولار. ولكن في أواخر الشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن الامارات العربية المتحدة ستضخ «35 مليار دولار استثمارات مباشرة» في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والاماراتية لـ «تنمية 170.8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة» على البحر المتوسط بشمال غرب مصر. وأشار مدبولي خلال المؤتمر الذي أعلن فيه الاتفاق إلى أن هذه الأموال «ستستخدم في حل الأزمة الاقتصادية» و«ستساهم في حل» مشكلة النقد الأجنبي في البلاد.
ومطلع الشهر الحالي، تسلمت مصر الدفعة الأولى المتفق عليها من قبل البلدين والمقدرة قيمتها بـ 15 مليار دولار، هي 10 مليارات سيتم تحويلها مباشرة إضافة الى 5 مليارات تشكل جزءا من وديعة اماراتية لدى البنك المركزي.
وكان البنك المركزي أوضح في بيانه أن قرارات لجنة السياسة النقدية «تأتي في إطار حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة (...) استعدادا لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي».
وقفزت سندات مصر الدولية بأكثر من سنتين بعد أن رفع البنك المركزي، أسعار الفائدة 600 نقطة أساس وتراجعت العملة إلى مستويات غير مسبوقة جديدة، مما يشير إلى بداية خفض قيمة العملة المتوقع منذ فترة طويلة.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات الأطول أجلا حققت أكبر المكاسب، إذ سجلت السندات المستحقة في 2047 ارتفاعا 2.6 سنت لتصل إلى 82.3 سنتا.
وبحسب بيان، فإن لجنة السياسة النقدية ترى أن قرار رفع أسعار العائد الأساسية سيساعد في تقييد الأوضاع النقدية على نحو يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم.
وذكرت اللجنة أنه سيتم الإبقاء على تلك المستويات حتى يتقارب التضخم مع مساره المنشود. واعتمدت مصر لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو على ودائع الحلفاء الخليجيين.
وكان آخر هذه القروض في عام 2022 حين وافق صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهرا وتم صرف الدفعة الأولى منه بقيمة 347 مليون دولار.
من جهته، أكد رئيس اتحاد البنوك المصرية رئيس بنك مصر محمد الأتربي، أن ما حصل من ارتفاع سعر الدولار في مصر مقابل الجنيه ليس تعويماً مداراً، بل هو تعويم كامل، فوصول الدولار اليوم إلى 48 جنيهاً يعتبر سعراً عالياً.
وأضاف رئيس بنك مصر أن السعر العادل سيحدده العرض والطلب، مشيراً إلى أنه يتوقع اختفاء السوق الموازية للصرف في مصر، بعد الخطوة التي اتخذها البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، من أجل كبح التضخم، متوقعاً كذلك ارتفاع سعر صرف الجنيه قريباً.
وتابع: الخطوات المتخذة من البنك المركزي جريئة، وفي توقيت مناسب، والبنوك ستصبح في وضعية تلبي من خلالها طلبات العملاء بعد، ولا نغفل عن كون صفقة «رأس الحكمة» مع الإمارات كان لها «مفعول السحر» في توفير الموارد بالعملة الأجنبية، وهي مفيدة للدولتين.
وأكد أن البنك المركزي أخذ إجراءاته، وستعود التحويلات إلى القطاع المصرفي بعد أن كانت لا تمر به بسبب الفرق في السعر بالسوق الرسمية والسوق الموازية، مشيراً إلى أن المضاربة على الدولار التي أوصلته إلى 70 جنيهاً جعلت البعض يخسر.
وقال: بعد اختفاء السوق الموازية ستختفي خلال أسبوع القيود التي كانت على البطاقات مسبقة الدفعة وغيرها من القيود، لأنه لم يعد هناك ما يدعو للقيود التي وضعت سابقاً بسبب سوء استغلال البعض لتلك البطاقات.
وأضاف أن شهادات الـ%30 التي تم إطلاقها تهدف إلى معالجة التضخم، وتعويض المودعين، وجذب شريحة من العملاء، وهي رسالة أن التضخم سينخفض بعد قرارات المركزي الجديد.
وعن تأثر أرباح البنوك برفع سعر الفائدة، قال: رفع سعر الفائدة سيتحمله العميل، مشيراً إلى أسعار الفائدة ستتم مراجعتها من وقت لآخر.
وقالت مصادر مطلعة لـ «العربية Business»، إن سعر الدولار كسر في التعاملات الرسمية اليوم الأربعاء مستوى 49 جنيها، مقابل الدولار.
وتجاوز سعر صرف الدولار أمام الجنيه في مصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك الشركة المصرفية العربية الدولية «سايب» 47 جنيها، وبلغ المصرف العربي الدولي 46.1 جنيها، ولدى البنك التجاري الدولي 45.95 جنيها، وفي بنك الإسكندرية شراء 40.60 جنيها، وبيع 40.70 جنيها، وفي البنك الأهلي المصري وصل سعر الدولار إلى مستويات 42.5 جنيها.
وكان البنك المركزي المصري، أكد في بيانه في وقت سابق، التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط «وتحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق».