طريق خطر ومدمر للمجتمع والدولة تلك النظرة المتعالية العنصرية على شريحة كبيرة من أبناء المجتمع، ووصمهم بأنهم أسباب الشرور والظواهر السلبية التي نعاني منها.
الظواهر السلبية هنا ليست بالمعنى الذي يطرب له السادة المتزمتون من النواب وغيرهم كلجنة الظواهر السلبية التي ترمي إلى فرض رؤيتها ونهجها المخالف للحداثة على كل الناس.
الظاهرة السلبية المريضة الآن هي أحاديث ومقالات الكراهية التي يروجها بعض الكتاب والجماعات وتلقى صدى كبيراً عند شريحة عريضة من الناس التي اختصرت مشاكل الدولة بمن حصلوا على الجنسية بغير مواد «التأسيس»، وبالتالي يروم أصحاب هذا الرأي «المتعنصر» إلى نفي هؤلاء من الهوية الكويتية، فهم عند دعاة هذه الثقافة الضحلة دخلاء على «الهوية الكويتية» ولا نعرف تحديداً ماذا تعني هذه الهوية في هذا المقام غير كونها نتاج صدفة الميلاد في تاريخ معين والتباهي بصدفة ثانية هي «عوائد النفط».
أحاديث وخطابات تلك الجماعات المتغطرسة تضج بكلمات الكراهية والتحريض ضد الآخرين الذين هم جزء أصيل وكبير من تاريخ الدولة ووجودها. وإذا كانت هناك سلبيات سلوكية مرفوضة فهي ليست قاصرة عليهم، وإنما هي نتيجة طبيعية نجدها عند الكثيرين غيرهم، وهي نتيجة لسياسات العزل الاجتماعي - السياسي التي مورست من قبل السلطة عبر تواريخ مختلفة، مثل تقسيم المناطق الانتخابية وتغييرها بين كل فترة وأخرى.
حين يتبنى مثل ذلك الخطاب المتكبر جماعة من المتعلمين وأصحاب الشهادات العليا فهم يحققون بوعي أو بغير دراية واقع «خيانة المثقفين» التي أسهب في تشريحها الراحل إدوارد سعيد.
على المثقف المهموم بقضايا بلده والإنسانية، كما كتب الفضل شلق، أن يعرف «... أن يكون مستقلاً بتفكيره وأن يفكر حسبما يمليه عليه ضميره... وعلى المثقف أن يتجاوز الفكر السائد وألا ينضوي تحت رايته لمجرد أنه فكر سائد، عليه أن يكون متمرداً. في مجتمعنا وعي سائد استسلامي ناتج عن الهزيمة ليس أمام إسرائيل وحسب، بل الهزيمة الكبرى الناتجة عن العجز في بناء دول ومجتمعات متماسكة قادرة، ولا تكون المجتمعات قادرة ومتماسكة إلا بالتأسيس على الإنجاز والتنمية...».
هل تدرك تلك الجماعات المتعالية معنى الهزيمة وبناء المجتمعات القادرة على الإنجاز والتنمية؟! لا أظن... هم غارقون في «دوغما» التعالي المرضي، وواقعنا لا يتحمل مثل طرحهم.