عندما أنتقد قوانين الاستحواذ على المال العام واقتراحات الإسقاطات والإعفاءات المطروحة وأقول إنها مضرة وتخلو من العدالة يرد المدافعون عنها بقولهم: أين العدالة التي تتحدث عنها في قوانين سوق المناخ قبل 40 عاماً؟ وأين العدالة في القوانين التي اتُّخِذت بعد التحرير؟ وأحياناً يكون ردهم بالاستشهاد بأخبار سمعوها مثل دعم التجار ودعم البنوك من المال العام، وتارة بإلقاء اللوم على البنك المركزي، وأخرى بالإثارة ضد فئات من المجتمع واتهامهم بالاستيلاء على ثروات البلاد.
والصحيح أن القوانين الفاسدة مثل قوانين المناخ لا يصح تكرارها، لأنها كانت خطأ وأضرت بالبلاد، ولا يجوز إعادتها مرة أخرى وإلا تسببت في ضرر أكبر.
وأما قوانين الإعفاءات والتعويضات التي تمت بعد التحرير فهناك من يرى أنها كانت خطأ لذلك لا يجوز المطالبة بتكراره، وهناك من يرى أنها كانت ضرورة اقتضتها ظروف الحرب، ولا توجد هذه الضرورة اليوم لكي تعاد هذه الإسقاطات والتعويضات.
أما إلقاء اللوم على «المركزي» فهذا تجنٍّ، لأن جميع المتخصصين يشهدون له بالاحترافية والتميز، كما يمكن اللجوء إلى القضاء بشأن أي ظلم وقع على أي متعامل مع البنوك، بالإضافة إلى أن كل الأخطاء التي وقعت فيها البنوك سابقاً تمت معالجتها اليوم.
أما الادعاء بأن الحكومة دعمت بنكاً أفلس فهذا غير صحيح، إذ كنتُ وزيراً للتجارة، وحسب القانون دعوت إلى عقد جمعية عمومية للبنك بسبب فقده 75 في المئة من رأسماله فضاعف الملاك رأس المال بنسبة 84 في المئة، واشترت هيئة الاستثمار بقية الأسهم ثم باعتها بعد نحو سنة بربح كبير، وكذلك لم تخسر الدولة الملايين بسبب قانون دعم الاستقرار المالي، كما يزعمون، بل أدى القانون إلى حماية الاقتصاد دون أي خسارة للمال العام.
أما اتهام الغير بالاستيلاء على أموال الدولة فإن كان صحيحاً فمكانه اللجوء إلى النيابة العامة إذا كانت أفعالهم تشكل جريمة، أو سرعة تعديل القوانين المنحرفة التي أدت إلى هذا الاستيلاء، ولا يجوز أبداً أن يكون الإجراء هو المطالبة بمثل ما قاموا به.
وهكذا يتبين أن الأخبار التي يستشهد بها كثير من المطالبين بالاستيلاء على المال العام إما أنها تخص قوانين خاطئة لا يجوز إعادتها مجدداً، أو أنها أخبار مغلوطة أو غير دقيقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أين الحكومة وبيانها للحقائق وحملاتها الإعلامية للتصدي لهذا الإعلام المؤثر؟! وأين قيادتها للرأي العام بالبيانات الصحيحة التي تقود الجماهير إلى سلامة الرأي والموقف؟!