في الوقت الذي أعلنت وزارة الإعلام، أخيرا، إمكانية تفعيل الصمت الانتخابي على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2024 بشأن الانتخاب، إلا أنه بالرجوع الى أحكام ذلك القانون يتبيّن عدم إشارته صراحة إلى الصمت الانتخابي بمفهومه التقليدي.

وبينما نصّت المادة 22 من قانون الانتخاب الصادر أخيرا على أن «توقف جميع أعمال الدعاية الانتخابية للمرشح قبل الموعد المحدد لبدء الانتخاب بأربع وعشرين ساعة»، بما يشير الى وقف أعمال الدعاية الانتخابية بمفهومها المتصل بالعملية الانتخابية، إلا أن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو: هل تكفي تلك المادة لتحقيق الصمت الانتخابي أو لحظر النشر في كل وسائل الإعلام بكل صورها إذا ما كان الأمر متصلا بالدعاية الانتخابية، وإلّا تعرّض مرتكبوها للعقوبة التي أوردتها الفقرة العاشرة من المادة 33 من القانون.

Ad

وعند الرجوع الى حكم المادة 22 من القانون، أرى إجابة عن هذا السؤال، وهي عدم إمكانية تطبيق أحكام المادة 22 من القانون لمعالجة الصمت الانتخابي على كل الوسائل المتصلة بإذاعة الدعاية الانتخابية، وذلك لعدة أسباب.

الأول أن النص المشار إليه لم يورد حظرا أو منعا للنشر للدعاية الانتخابية خلال 24 ساعة من يوم الاقتراع، وإنما تضمّن طلبا بوقف جميع أعمال الدعاية الانتخابية للمرشح، وهو إلزام يقع على عاتق المرشح وحده في وقف الدعاية الانتخابية التي يقدّمها لجمهور الناخبين، وهو ما يعني أن المخاطب بالنص المرشح وليس الوسائل الناشرة، أو التي تتولى أمر البث أو الإذاعة للدعاية الانتخابية.

بينما الأمر الآخر الذي يؤكد هذا الاتجاه بعدم انطباق الصمت الانتخابي على وسائل الإعلام وفق هذا القانون، هو أن قانون الانتخاب يُعدّ قانونا خاصا ينطبق على أحكام هذا القانون، ولم يشر الى إمكانية مد نطاق تطبيقه إلا وفق ما يرد به من أحكام.

وقد خلا القانون من الإشارة الى شمول حظر الدعايات عبر جميع وسائل الإعلام المتعددة المقروءة والمرئية والمسموعة والإلكترونية، الأمر الذي يكون معه الحظر غير ممتد إلى الوسائل الإعلامية التي يخضع تنظيمها لقوانين خاصة بها تتضمن المحظور والعقوبة معا، من دون أن يكون من بينها ما يتصل بما يسمّى الصمت الانتخابي.

كما أن القانون وإن تضمّن الإشارة عند النص على أحكام عدة قوانين، ومنها المرئي والمسموع والبلدية وتنظيم هيئة الاتصالات، إلا أنه لم يُشر في ديباجة إصداره الى تطبيق أحكام القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر، والقانون رقم 6 لسنة 2016 بشأن الإعلام الإلكتروني، مما يؤكد عدم سريان نطاق أحكام هذا القانون على تلك الوسائل إن سلّمنا بإمكانية تطبيق أحكامه على وسائل أخرى، رغم عدم إشارة النص اليها، لاسيما أن أحكام هذا القانون ذات الطبيعة الجزائية مقننة، ولا يجوز إلا قراءتها وفقا للتفسير الضيق لها، كما لا يجوز القياس معها.