تعنت وزارة الداخلية بمنع المواطنين من الوقفة التضامنية في ساحة الإرادة نصرةً وتضامناً مع الشعب الفلسطيني إزاء حملة الإبادة الجماعية من الكيان الصهيوني أثار استياء واستنكاراً لدى الشعب الكويتي عامةً.
فإذا طالعنا الدستور الكويتي، فالمادة الأولى منه تنص على «الكويت دولة عربية... وشعب الكويت جزء من الأمة العربية»، والنص على هذا المبدأ الثابت لم يُذْكر إلا للتأكيد على مشاعر الوحدة العربية ورابطة الأصل التي توثّق أواصر الأخوة العربية بين الشعوب العربية كافة، وما كانت الوقفة التضامنية الممنوعة إلا استشعاراً ومسؤوليةً علينا إنسانياً وقومياً تجاه نصرة إخوتنا في فلسطين.
وأما بالرجوع إلى المادة (44) من الدستور فهي ساطعة بحق الاجتماع دون إذن أو إخطار سابق، والاجتماعات العامة والتجمعات (مباحة) و«ينظمها القانون» بمعنى ألا يفرض عليها شروطاً مسبقة أو قيوداً تحد من حرية إقامتها كالترخيص المسبق، فالمشرع الدستوري عندما منح للمشرع العادي حق سن قانون لنص المادة المذكورة إنما رامَ بذلك أن يُحسن الأخير التطبيق العملي الأمثل للمادة الدستورية، لا أن يبسط عليها شروطه كـ«الترخيص»، الذي يدوي البعض بتكراره، والذي ينحصر دوره كتنظيم إشرافي وإجراء وقائي لا يقصد به إهدار (الحق) في التجمع، انتقاصاً أو تقويضاً أو انتهاكاً، كما ذكرت ذلك المحكمة الدستورية في حكمٍ سابق، الأولوية لـ(حق) الاجتماع، والإجراء الوقائي ضامن له، ولا يعدم عدم الحصول على الترخيص تضييع (الحق) الدستوري الراسخ.
برأيي المتواضع، الوزير المعني تسرع بإجرائه الذي لم يكن ليقدِمَ عليه لولا حل مجلس الأمة وفراغ المؤسسة التشريعية من الرقابة، وهو هنا أعاد إلى ذاكرتنا السوابق التاريخية لمنع وفض الاجتماع العام في عدة أحداث متفاوتة، مروراً بأحداث مهرجان الوحدة العربية بثانوية الشويخ عام 1959م، إلى فض اعتصامات دواوين الاثنين بالقوة، وصولاً إلى الأحداث المؤسفة في ديوانية النائب الحربش عام 2010م، وبما طغى بسببها على صورة ديموقراطيتنا بالمزيد من التشوهات والندوب القمعية، التي كان بالإمكان تجاوزها بالحوار السياسي والتفاهم والتوافق والانسجام بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وبما يعزز الحريات وتطبيق القانون، وتطوير المناخ السياسي للأفضل.