بالعربي المشرمح: المواطنة والوطنية!
مؤلم ما تم تداوله في السنوات الأخيرة من نفَس يعتقد مطلقوه أنه حق وهو باطل، وواجب وهو جهل وإهمال، حين أرادوا تقسيم المجتمع حسب أولوية الهجرات التي استوطنت على هذه الأرض الطاهرة، حيث يرون أن من قدم الفجر له الحق في الوطن أكثر ممن قدم العصر، غير مدركين خطورة ما يتفوهون به على وحدة الوطن الذي احتضن الجميع.
هؤلاء لا يفقهون معنى المواطنة ولا يدركون معاني الوطنية، ويجهلون معنى الوطن، وأنا هنا لا ألوم جهلهم وعدم إدراكهم خطورة ما ينادون به، لكني أدق ناقوس الحذر حتى تسمعه الحكومة والحكماء في وطني، وألا يتجاهلوا تلك الأصوات التي بدأت تتعالى في مجتمع لم يتعود أهله على سماعها من قبل، الأمر الذي جعل غالبيته لا يهتم بها ولا يكترث ببداياتها حتى تفاقمت وأصبحت تلك الأصوات تستغل لخصومات سياسية وتصفيات انتخابية ومصالح ضيقة.
المواطنة هي صفة لصيقة لكل من حصل على هوية بلد ما، وتعايش مع المجتمع، وله حقوق وواجبات وفق القانون، أما الوطنية فهي الشعور بالولاء والانتماء والتضحية والإخلاص لخدمة الوطن، أي أنها أكثر عمقًا من صفة المواطنة لأنها لا تكتسب بورقة بل بالعمل الجاد المخلص لتكون المصلحة العليا للوطن هي الهدف الحقيقي، لذلك فإن الوطنية تزرع في قلوب المواطنين منذ نشأتهم ليتربوا على الولاء والانتماء لهذه الأرض، ويضحوا من أجل الحفاظ على سيادتها وازدهارها، وهي قيم يجب أن تكون نابعة من الشعور بالمسؤولية أياً كان حاملها وتوجهاته الفكرية أو الدينية أو السياسية، فهي مسؤولية أخلاقية وقانونية وتاريخية للحفاظ على كيان وطنه وسيادته واستقلاله والمحافظة على مصالحه ومصالح شعبه. قد يكون بعض المتنمرين على فئات من المجتمع يجهلون نتائج تنمرهم، ولكن هناك من يريد لتلك الأصوات أن تعلو أو تنتشر لمصالحه الخاصة، وإشغال المجتمع عن فساده وإفساده، وهنا وجب علينا جميعا كل حسب موقعه أن نتصدى لهذه الفتنة، ونحافظ على وحدتنا وتعايشنا، وندافع عن وطننا وسيادته.
يعني بالعربي المشرمح:
الوطن في غنى عن تصنيفات مكوناته وقوة الوطن بتماسك شعبه والتفافه حول شرعيته وسيادته ونظامه والطرح العنصري والفئوي وتقسيم المقسم لن ينتج عنه سوى الخلافات، بل يزرع الفتنة والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، فالوطن للجميع والهوية الوطنية حق لكل من تشرف بحملها، وعلينا ألا نخلط بين المواطنة والوطنية، ولا نختصرها على فئة دون الأخرى، ويجب أن نردع كل من يريد العبث بوحدتنا وكل من يريد زرع الفتنة بيننا بقصد كان أو بجهل، فالوطن ووحدته خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو العبث فيه.