تضاءلت آمال التوصل إلى صفقة بين حركة حماس وإسرائيل قبل أيام من حلول شهر رمضان، بعد توقف سلسلة مشاورات استضافتها القاهرة، وسط تقارير عن رفض تل أبيب شروط الحركة الفلسطينية التي تطالب بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من جميع مناطق القطاع التي دخلتها منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر الماضي، والسماح بعودة النازحين إلى شمال غزة من دون قيود.

وأفادت صحيفة معاريف العبرية، أمس، بأن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضت شروط «حماس» لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، فيما اتهم القيادي بالحركة، سامي أبو زهري، الدولة العبرية بإفشال «كل جهود الوسطاء للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».

Ad

وجاء في بيان لـ «حماس» أن وفدها غادر لـ «التشاور مع قيادة الحركة، مع استمرار المفاوضات».

ونقلت أوساط قطرية عن مصدر بالحركة الفلسطينية المدعومة من إيران قوله إن «هناك خطّين لا تراجع عنهما للوصول إلى أي اتفاق، الأول إقرار مبدأ وقف إطلاق النار الشامل والدائم، والثاني عودة مهجّري الشمال إلى مناطقهم».

واعتبر المصدر أنه «من دون ذلك لا يمكن الحديث عن إطلاق سراح الأسرى الموجودين لدى المقاومة، أو فرض أي قرار على المقاومة يتعارض مع هذين المبدأين»، مؤكداً أنه «إما تحقيق هذين المبدأين، أو الاتجاه نحو تصعيد على كل الجبهات».

على الجهة المقابلة، تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بمواصلة الهجوم على «حماس» بما في ذلك مدينة رفح آخر معاقل الحركة، مشددا على أن ذلك سيحدث رغم تزايد الضغوط الدولية.

ودعا نتنياهو إلى توحيد الصف للوقوف أمام محاولات وقف الحرب، معتبراً أن «مَن يأمرنا بألا نتحرك في رفح يأمرنا بأن نخسر الحرب، وذلك لن يحدث».

القاهرة وواشنطن

وأفاد مصدر مصري بمغادرة وفد «حماس» القاهرة لإجراء مشاورات، على أن تستأنف المحادثات الأسبوع المقبل، على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل حلول رمضان المتوقع الاثنين المقبل.

ولفت إلى أن المشاورات التي تشارك بها قطر والولايات المتحدة ودول أخرى، إلى جانب طرفي الصراع، بشكل غير مباشر، مستمرة بين كل الأطراف.

في موازاة ذلك، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي تضغط بلده بهدف إبرام الاتفاق وإقرار هدنة مؤقتة لتفادي تصعيد النزاع وانفجاره بمناطق أخرى خاصة بالقدس والضفة الغربية وجنوب لبنان اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأردني أيمن الصفدي لبحث تطورات الأزمة.

وأكد بلينكن أن تذليل العقبات أمام وقف القتال في غزة «ليس مستحيلاً»، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع سيسمح بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر.

خلافات وخفايا

جاءت تصريحات بلينكن المتمسكة بإمكانية التوصل إلى هدنة مؤقتة، في وقت كشفت تسريبات أميركية وعبرية حجم الدعم الخفي الذي قدّمته إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن لحكومة إسرائيلية المتشددة منذ بدء الحرب وكواليس الخلافات المتنامية بينهما، في ظل إصرار الأخيرة على مواصلة القتال واجتياح مدينة رفح بزعم تحطيم الكتائب القتالية المتبقية لـ «حماس» رغم التحذيرات من وقوع مجازر وكارثة إنسانية بحق مئات الآلاف من النازحين قرب الحدود المصرية.

وبينما أفادت «رويترز» بأن ديموقراطيين أميركيين يلوّحون بمسعى لمنع إرسال أسلحة لإسرائيل، ذكرت «واشنطن بوست» أن واشنطن تدرس اتخاذ خطوات لمنع الدولة العبرية من استخدام الأسلحة الأميركية في الهجوم المرتقب على رفح.

وكشفت الصحيفة أن الولايات المتحدة أبرمت أكثر من 100 صفقة بيع أسلحة لإسرائيل منذ بدء الحرب، لم تعلن سوى عن صفقتين منها فقط، لكنها نقلت عن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، مارتن إنديك، تحذيره من أن هجوم رفح قد يؤدي إلى حدوث أزمة غير مسبوقة في العلاقات حتى فيما يتعلق بإمدادات الأسلحة. وقالت إن البيت الأبيض فقد الأمل باحتمال إبرام اتفاق بين تل أبيب والسعودية ضمن تسوية إقليمية تشمل إقامة دولة فلسطينية.

وقال موقع اكسيوس إن البيت الأبيض «يراجع» قائمة الأسلحة الأميركية المُخطط إرسالها إلى إسرائيل.

في المقابل، نقلت «القناة الـ 13» العبرية عن مصادرها أن إدارة بايدن تعهّدت بمنع الدول الأوروبية من فرض حظر تسلّح على حليفتها جراء مواصلتها لحربها التي تسببت في مقتل 30800 أغلبهم من الأطفال والنساء حتى الآن، فضلاً عن تشريد مئات الآلاف داخل القطاع.

في غضون ذلك، أكد وزراء الخارجية العرب دعمهم «لتولي دولة فلسطين مسؤوليات الحكم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، ضمن رؤية سياسية شاملة تستند إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي» بقرار صدر في ختام أعمال الدورة الـ 161 التي عقدت في القاهرة أمس الأول.

وشدد بيان للاجتماع على «رفضه بشكل قاطع الخطط الإسرائيلية لما يُسمّى باليوم التالي للحرب» التي يقول نتنياهو إنها ترمي لإنهاء حكم «حماس» بالقطاع، مع رفضه عودة إسناد إدارته للسلطة الفلسطينية المتمركزة في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.

ودعا الوزراء العرب مجلس الأمن الدولي إلى «تبنّي قرار ملزم لوقف العدوان الإسرائيلي والتهجير القسري، وضمان تدفق المساعدات الإغاثية إلى كامل القطاع».

في موازاة ذلك، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، عن بالغ إدانته واستنكاره الشديدين، لقرار «الاحتلال الإسرائيلي المصادقة على بناء نحو 3500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية».

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن البديوي قوله إن «هذه القرارات الاستيطانية محاولة لتهويد مناطق واسعة في الضفة والقدس وتؤجج حالة الاستقرار والأمن بالمنطقة والعالم، وتقلل من فرص السلام، وتعرقل جميع الجهود الرامية له».

في السياق، دان الاتحاد الأوروبي، مصادقة السلطات الإسرائيلية على خطة الاستيطان الجديدة، محذراً من أنها غير قانونية، وتشكّل عقبة أمام السلام وتهدد حل الدولتين.

وفي بكين، وصف وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الحرب الإسرائيلية بأنها «وصمة عار على الحضارة، حيث إن هذه الكارثة الإنسانية لا يمكن وقفها»، مكرراً دعوات بكين إلى «وقف فوري لإطلاق النار» وإطلاق سراح المحتجزين.

معارك وإغاثة

ميدانيا، تواصلت المعارك على عدة محاول بشمال ووسط وجنوب القطاع، فيما أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 62 من ضباطه بينهم 4 من قادة الألوية و39 قائد فصيلة منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر الماضي. وفي حين أفادت وزارة الصحة بمصرع 83 وجرح 142 خلال الساعات الـ 24 الماضية جراء الاعتداءات الإسرائيلية، صرح مسؤول إغاثي بارز في الأمم المتحدة بأن المنظمة تقيم كيفية استخدام طريق عسكري إسرائيلي لتوصيل المساعدات إلى ما لا يقل عن 576 ألف شخص من المدنيين الذين تقطعت بهم السبل شمال القطاع وباتوا على حافة المجاعة.