شدّد رئيس مجلس أمناء ومؤسس جامعة الشرق الأوسط الأميركية AUM فهد العثمان، على أن هناك ثورة جديدة اليوم، هي ثورة الذكاء الاصطناعي، «وقد رأينا ذلك وأدركنا أن علينا أن نعيش التجربة ونكون على مستوى التحدي لطلابنا والمجتمع، لذا وجب علينا أن نكون جزءاً من ذلك، وقررنا أن نتشارك مع جامعة كاليفورنيا - بركلي UC Berkeley، وهذا العام الثالث من الشراكة، وقد كانت تجربة ناجحة والمزيد قادم».
جاء ذلك في افتتاح القمة الأولى لجامعة الشرق الأوسط الأمريكية AUM، حول الذكاء الاصطناعي، تحت عنوان «تأثير الذكاء الاصطناعي على الأعمال والوظائف في التعليم العالي والرعاية الصحية والهندسة والتصنيع والمالية»، والتي أُقيمت في المركز الثقافي للجامعة، بالتعاون مع مركز بركلي لريادة الأعمال والتنمية في جامعة كاليفورنيا- بركلي.
عنصر المنافسة يميّزنا
وقال العثمان إنه في عام 1991 بعد تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم، وصلنا لقناعة مؤداها «أن التكنولوجيا ستغير العالم من حولنا، وسوف يكون لها أثر كبير على طريقة حياتنا، لذا قررنا أن نكون جزءاً من هذا التغيير، وبدأنا بتأسيس شركة صغيرة برأسمال متواضع، يقدر بـ 100 ألف دولار، لبيع الكمبيوتر والبرمجيات»، مضيفاً: «كان لنا قاعدة عملاء جيدة، وبعد عام كنا محظوظين بالفوز بعقد مع شركة الخطوط الجوية الكويتية بقيمة مليون دينار، لتوريد أحدث التقنيات في البرمجيات والكمبيوتر». وأضاف: «كنا فخورين بأنفسنا، حيث قدمنا لعملائنا حلولاً متكاملة، وكان هذا عنصر المنافسة الذي يميزنا، وأحرزنا عوائد جيدة».
هيومن سوفت تقدم برامج تدريبية تتوافق مع رؤيتها في توفير حلول متكاملة
وقال العثمان: «بعد أشهر من تنفيذ العقد وجدنا أن نسبة الاستخدام لا تتجاوز 20 في المئة، والسبب أنه لم يعثر على من يستطيع أن يشغل هذه الأجهزة والبرامج بالشكل الصحيح، وأدركنا حينها أن هناك جزءاً ناقصاً يتعلق بالموارد البشرية، وكانت تلك الشرارة التي أشعلت تأسيس شركة (هيومن سوفت) لإدراكنا للحاجة للموارد البشرية».
ولفت العثمان: «وبعد ذلك ذهبت إلى الولايات المتحدة، لمعرفة كيفية التعامل مع تهيئة الموارد البشرية لهذه الثورة العلمية، ووجدت بأنه تم رصد ملايين الدولارات سنوياً لتنفقها (مايكروسوفت) وغيرها من الشركات المتخصصة، لتدريب الكوادر البشرية على تقنية المعلومات، لذا وجدت فرصة كبيرة لتقديم شيء قيم لمجتمعنا، لذا تعاقدت مع شركة (نيوهورايزن)، وهي أكبر شركة عالمية للتدريب».
وتابع: «عند عودتنا للكويت وجدنا أن ما يزيد على 60 في المئة من السكان تحت سن 21 سنة، وعليه اتخذنا قراراً بالتركيز على هذه الشريحة، وسرعان ما صممنا برنامجاً تدريبياً هو دبلوم فني مدته 9 أشهر خاص بالجوانب التدريبية والتطويرية في الأجهزة والبرامج».
انطلاق التعليم الخاص
وقال إنه بعد 10 سنوات في مجال التدريب في تقنية المعلومات، قررت الحكومة الكويتية والعديد من الحكومات في المنطقة السماح بتعليم التكنولوجيا في الجامعات، وقررنا من خلال تجربتنا التعليمية، وروح المبادرة لدينا، أن نضيف الكثير من القيمة التكنولوجية للقطاع الأكاديمي، ونسهم في تطوير المجتمع والصناعة.
واستطرد: وفي عام 2008 بدات جامعة «AUM» بعدد قليل جدا من الطلاب، وبدأت منذ ذلك الحين بالنمو كماً ونوعاً، وقد تم تصنيف جامعتنا مؤخرا كأفضل جامعة في الكويت، حيث استطاعت أن تتبوأ المركز الأول على كل الجامعات الحكومية والخاصة في الكويت لمدة ثلاث سنوات على التوالي، وذلك وفق تصنيف مؤسسة QS (Quacquarelli Symonds) للجامعات العالمية، وتصنيف مؤسسة التايمز للتعليم العالي Times Higher Education (THE) للجامعات العربية.
كثير من التحديات
وبدوره، قال المتخصص في الهندسة الطبية والبيولوجية ورئيس قسم هندسة الأنظمة الحيوية في جامعة كاليفورنيا في بركلي دانيال فليتشر نتعاون مع AUM منذ سنوات لأهداف عدة أولها تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي، وإلهام الطلاب بأفكار جديدة، وهذا هو سبب عقد هذه القمة الدولية ووضع الأدوات في أماكنها الصحيحة.
وأضاف: «بدأنا اكتساب الثقة اللازمة في مجالات عدة للذكاء الاصطناعي، ومنها التعليم العالي والصحة وإدارة الأعمال، من أجل توسيع رؤانا حول الذكاء الاصطناعي، وما هي الخطوات التي نحتاجها ليقوم الذكاء الاصطناعي بدوره بشكل صحيح، ولدينا الكثير من التحديات، ولابد أن نعي الطرق العديدة التي لابد أن نفهمها، والخاصة بالذكاء الاصطناعي للاستفادة من تلك الثورة التكنولوجية الهائلة».
وأكد فليتشر أنه «في قضايا الذكاء الاصطناعي أنت لست بحاجة لعقود كي تبدأ في استخدام أدواته، كل ما تحتاجه أن تعرف ما هي المشكلة التي تود حلها؟ ما المعلومات المهمة المطلوبة؟ وما النماذج المتاحة لحل تلك المشكلة؟ والكويت تمتلك كل هذه المقومات».
وأثنى على الطلاب الكويتيين قائلاً: «تحدثت مع بعض منهم، وهم ناجحون في البرامج القائمة على الإبداع». وحول إعلان شركة غوغل استثمارها ملايين الدولارات في الكويت، أجاب قائلاً: «هذا أمر رائع»، مضيفاً: «علينا أن نضع في الاعتبار أنه من المهم أن نبتعد عن المركزية في التعامل مع قضايا الذكاء الاصطناعي».
الجلسة الافتتاحية: استكشاف التأثير التحويلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي
تناولت الجلسة الافتتاحية لقمة الذكاء الاصطناعي في AUM، استكشاف التأثير التحويلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقدرتها على إعادة تشكيل الصناعات بأكملها، ومساهمتها في تعزيز كفاءة العمل.
تحدث في الجلسة كل من: كاسي كوزيركوف، المتخصصة البارزة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وأول رئيسة علماء القرار في غوغل Google’s first Chief Decision Scientist، وتشغل حالياً منصب الرئيسة التنفيذية لشركة Data Scientific، والبروفيسور دانيال فليتشر، رئيس قسم هندسة الأنظمة الحيوية في جامعة كاليفورنيا – بركلي ونائب مدير مختبرات لورنس بركلي الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت كاسي إن الإنتاجية الشخصية تترتب فيها المسؤولية على طريقة المستخدم، إن كانت جيدة أم سيئة، فالخبرة ليست مطلوبة في استخدام الذكاء الاصطناعي، فالبداية من الممكن أن تكون صعبة ولكنها غير عسرة، مبينة أنها عملت في غوغل 10 سنوات، حيث كان لديهم فريق متعدد المهارات، ويركزون على الاختبار والمصداقية، والقدرة على التأمين وهي أهم من وجود الذكاء الاصطناعي وشبكة الأمان أهم من المنتج النهائي.
وأضافت أن أهداف الاستدامة في أي صناعة هي إيجاد التفسير لما يحدث، فعندما تكون هناك مشكلة معقدة لا يُمكن حلها بالطرق التقليدية، فنحن نريد طرقاً ابتكارية، فيجب أن نبني أكوادا مناسبة لترتيب هذه البيانات.
تسريع الإنتاجية
وبدوره، اعتبر دانيال فليتشر، أن «الذكاء الاصطناعي هو أداة لتسريع الإنتاجية، فإذا أردت استخدامه بشكل كامل عليك أن تثق فيه»، منوهاً إلى أهمية عدم إزاحة الناس من الوظائف، فالذكاء الاصطناعي يعطي أدوات لمعالجة المشكلات، من خلال الإبداع الشخصي وربما يُتيح وظائف جديدة، فهو يسمح للأشخاص بالابتكار، مبينا أن جمع البيانات الصحيحة هو التحدي الأساسي.
كاسي كوزيركوف: أكثر المخاطر هي الثقة بأن الذكاء الاصطناعي أفضل من الإنسان
تحدثت كاسي كوزيركوف الرئيسة التنفيذية لشركة « Data Scientific» وأول رئيسة علماء القرار في غوغل سابقاً وقالت «مع الأتمتة نقوم بعمل أقل، لأننا لا نشعر بالمسؤولية. إذا ناقشنا مستقبل العمالة في ظل ما نقوم به اليوم من ابتكارات، نأمل بوجود طريقة ليتجاوزها المجتمع، فسنجد طرقاً جديدة لكي لا نترك الناس دون عمل».
واعتبرت أنه «لكي نفهم دور الذكاء الاصطناعي فهوه أداة، فنحن نستخدم الأدوات التي تجعلنا أفضل لنتكيف مع التكنولوجيا وجعل حياة الإنسان أفضل»، مبينة أن الذكاء الاصطناعي هو أداة لـ«أتمتة» الأنشطة والقيام بالأعمال، فبلا شك أن هناك ثورة للذكاء الاصطناعي قادمة، حيث أصبح لدينا مراكز كبيرة لجمع المعلومات، فالذكاء الاصطناعي يستخدم الأمثلة لتحقيق ما نريده، ومن خلال التعليمات سنكون أكثر تحكماً وهناك تحكم دائم وقوي بما نود تنفيذه. وتابعت أن من أكثر المخاطر علينا كحضارة تعمل مع الذكاء الاصطناعي أن نثق فيه كشيء أفضل من الإنسان، مشيرة إلى أن المعايير الأساسية التي يجب أن يعمل عليها مصممو الذكاء الاصطناعي، هي «تصميم عوامل النجاح في الذكاء الاصطناعي، وما هي البيانات التي تستخدم، ومعرفة كيفية عمله»، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي يقدم للأفراد إمكانية تقديم شيء ابتكاري، والذكاء الاصطناعي التوليدي مفيد لأنه يقدم «أتمتة» لمهام الشركات، ومصمم ليجعل الشخص أكثر إنتاجية.
جلسة بعنوان: توازن اللمسة البشرية والذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية
من تقديم أحمد نصر الله، المدير التنفيذي لمستشفى دار الشفاء في الكويت، ومحسن هجرتي، مدير أعلى للذكاء الاصطناعي التأسيسي في شركة جينينتيك Genentech، وأنطوني سبعلي، أخصائي الروبوتات الجراحية في شركة Innovamed.
تناولت الجلسة اللمسة البشرية مقابل الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وكيف يُساهم الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل القطاع الصحي، ويوازن بين التقدم التكنولوجي واللمسة البشرية، التي لا يُمكن الاستغناء عنها.
تشخيص أدق وأفضل
والذكاء الاصطناعي يساعد على اتخاذ القرار الصحي، بدعم وارشاد متخذي القرار، لتفادي الوقوع في أي خطأ، ونطبق ذلك في رعاية مرضانا.
إلا أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الطبيب، ولكن يساعد في التشخيص وعلاج المريض، وما يجب أن يتوقعه المريض عندما يتم تشخيصه بمرض معين، وكيف يكون هناك محادثة منتجة مع المريض.
جلسة بعنوان: ارتباط الذكاء الاصطناعي بمجال الهندسة والصناعة
من تقديم منال جلّول، المؤسس ورئيس المجلس التنفيذي لمختبر الذكاء الاصطناعي AI Lab، ومحمد غزال، باحث بارز ومتخصص في الذكاء الاصطناعي، وأستاذ ورئيس قسم جامعة أبو ظبي، والبروفيسور دانيال فليتشر، رئيس قسم هندسة الأنظمة الحيوية في جامعة كاليفورنيا – بركلي ونائب مدير مختبرات لورنس بركلي الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية.
مخاوف تتعلق بالشفافية والخصوصية
تم خلال الجلسة مناقشة أن الذكاء الاصطناعي يحلل البيانات بشكل كبير ودقيق. وبأن كل الشركات الكبرى تستخدم الذكاء الاصطناعي، وأنه يجب على رواد الأعمال اليوم أن ينظروا في التحديات الموجودة أمامهم وحل تلك التحديات.
وأن الذكاء الاصطناعي يساهم في تسريع الوصول إلى التقنيات، ويمكن تحويل التجارب المختلفة، إلى حلول تساهم في حل التحديات والمشكلات.
وتم التشديد على المخاوف الأخلاقية التي سيجلبها الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك القضايا المتعلقة بالشفافية والخصوصية، والمساءلة والتأثير المجتمعي. مع التأكيد على ضرورة تطبيق الذكاء الإصطناعي في الجامعات.
جلسة بعنوان: الذكاء الاصطناعي والتحول في المؤسسات المالية
من تقديم يوسف الخطيفي، مساعد مدير عام – قسم عمليات تكنولوجيا المعلومات العالمية وتكنولوجيا المجموعة المصرفية الدولية في بنك الكويت الوطني، وجنان بن سلامة، مدير أعلى – قسم تحليلات البيانات المتقدمة في بنك بوبيان، وتانيا روستا، مدير أعلى وأخصائية الذكاء الاصطناعي التوليدي في أمازون، ومحاضرة في الذكاء الاصطناعي في جامعة كاليفورنيا – بركلي.
تناولت الجلسة فهم التحول الأساسي في مشهد المؤسسات المالية، مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي، ومعالجة الفرص والتحديات والأطر التنظيمية.
كما تمت مناقشة أثر وجود الذكاء الاصطناعي من ناحية تحسين الإنتاجية وتقليل التكلفة على الصناعة المالية في قطاع البنوك، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في العمليات المالية والبنكية، والتي أصبحت تحدث عبر الموبايل وبالتالي فإن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو استثمار كبير.
وتم التطرق إلى أهمية وضع نماذج خاصة بالمجال المالي، فمنذ عام 2000 وبسبب الانفجار المعلوماتي، ونمو الآلات والمعالجة، بدأ ظهور النماذج المالية الأكثر تقدماً، وإن المحطة القادمة هي الروبوتات، التي ستحل محل الإنسان في التعامل مع المحافظ المالية بشكل متكامل، حيث أصبح هناك القدرة على الولوج على المؤشرات المالية من خلال الأخبار ووضع الحلول.
جلسة بعنوان: التعليم العالي... يتبنى الذكاء الاصطناعي
من تقديم محمد العيساتي، نائب الرئيس لتحليلات البحوث وخدمات البيانات في دار نشر بحثي إلزيفير Elsevier، وناريمان حاج حمو، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ابتكارات التعلم وحلول المعرفة المخصصة CLICKS، ووسام سمّوري، مدير الحرم الجامعي في 42 Beirut، وأستاذ مساعد في تحليلات البيانات في الجامعة اللبنانية الأمريكية، وفينكات سرينيفاسان، المؤسس ورئيس شركة Gyan AI، والشريك الإداري لشركة Innospark Ventures، وإيف ألكوك، مدير الشؤون العامة وخبير الذكاء الاصطناعي في وكالة ضمان الجودة للتعليم العالي QAA.
تناولت الجلسة إمكانية تبني التعليم العالي للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التدريس والتعلم والبحث العلمي وتصميم البرامج والدورات الجديدة، وذلك من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعاون الحكومي، ووضع سياسات جديدة للنزاهة في التعليم.