يحكى أنه في إحدى الدول الإفريقية الفقيرة التي يحكمها ملك طيب ويسيطر عليها مجموعة من القبائل والطوائف والتجار، وبعد أن رزقها الله باكتشاف منجم من الذهب أرادت هذه الدولة أن تطور مؤسساتها وأجهزتها الحكومية، وفي بداية الأمر اعتمدت هذه الدولة على العمالة الوطنية باستخراج الذهب ومحاولة توزيع دخل موارد الدولة على مواطنيها كي يستفيدوا مما وهبهم الله، بعد أن عاشوا سنوات من القحط والفقر الشديد والبحث عن لقمة العيش براً وبحراً في الدول المجاورة.

ومع مرور الزمن تم بناء بعض المؤسسات والإدارات والأجهزة الحكومية بسواعد المواطنين ومساعدة الخبرات الوافدة لهذه الدولة طلباً للأمان والعيش الكريم، وعاشت هذه الدولة فترة من التطور والازدهار حتى أطلق عليها «درة إفريقيا»!!

Ad

ازدادت سمعة وشهرة هذه الدولة بين الدول الإفريقية، وبدأ النزوح لها من كل حدب وصوب وفي غمرة الطفرة الاقتصادية والوفرة المالية تزايد عدد النازحين والطامحين والطامعين بالعيش في هذه الدولة الغنية والمتسامحة والمتساهلة في منح تأشيرات العمل والإقامة والزيارة، وبدأت تطفو على السطح بعض ممارسات البذخ والفساد والمظاهر السلبية التي لو استمرت فإنها ستؤدي إلى «نضوب الذهب» والعودة إلى زمن الجوع والفقر.

اتفق مواطنو هذه الدولة على تشكيل «لجنة عليا للإصلاح» لتضع خطة استراتيجية طويلة المدى تحت شعار «اقتصاد منتج ورفاهية مستدامة» لإصلاح المسار الاقتصادي والقضاء على مظاهر الفساد والمحافظة على «منجم الذهب» وعلى أموال الدولة ومصدر ثروتها الوحيد، وتم اختيار أحد عشر عضواً لهذه اللجنة العليا للقيام بهذه المهمة الوطنية تيمناً بمنتخب كرة القدم الذي أسعد شعب هذه الدولة الإفريقية خلال فترة التطور والازدهار، والذي كانت له بطولات وصولات وجولات في القارة الإفريقية!!

وبسبب أسلوب «المحاصصة» الذي اتُّبع والنزعات العرقية والقبلية والطائفية التي سادت في هذه الدولة خلال السنوات الماضية، تقرر اقتصار أعضاء اللجنة العليا للإصلاح الأحد عشر على طبقة «النخبة» والقوى المؤثرة في المجتمع بغض النظر عن مدى كفاءة ومؤهلات وخبرة العضو العلمية والعملية، ونتيجة لهذا القرار القاصر انقسم أعضاء اللجنة العليا للإصلاح إلى أطراف متنازعة، طرفين رئيسين، الطرف الأول يركز على الأهداف القبلية والطائفية والشخصية القصيرة المدى التي تحقق مصالح حزبه أو قبيلته أو كتلته أو طائفته، والطرف الثاني يركز على الكسب المالي السريع، وطرف ثالث قليل العدد وضعيف يبحث عن المصلحة العامة، وبدأت الصراعات وبعض الممارسات غير النظيفة بين أعضاء طرفي اللجنة الرئيسين، فأصبح كل طرف يهاجم الطرف الآخر، وبدأت اللجنة العليا تنهار بسبب سوء الإدارة وتعارض المصالح وبعض الممارسات الخاطئة والفاشلة، خصوصاً بعد أن تم إجراء العديد من التغييرات في عضوية اللجنة العليا بسبب ضغوط وتأثير قوى الأحزاب والقبائل والطوائف!!

لم تفلح اللجنة العليا والفريق الإداري التنموي في إصلاح الوضع الاقتصادي والإداري والاجتماعي وتصاعد الغضب الشعبي من قرارات وأداء وممارسات اللجنة العليا للإصلاح، لا سيما بعد إقالة بعض أعضاء اللجنة المتميزين وأصحاب الخبرة، وإدخال بعض العناصر الشابة قليلة الخبرة والمحسوبة على طرفي اللجنة الرئيسين!! لا يزال أعضاء «اللجنة العليا» في مأزق ويبحثون عن التبريرات التي يمكن أن يواجهوا بها الشعب الغاضب من أداء وممارسات بعض أعضاء اللجنة العليا البعيدة عن الإصلاح والتطوير والمبادئ والقيم الوطنية!!

اكتشف أحد المواطنين الغيورين أن اللجنة قد نشرت في وسائل الإعلام الأجنبية حاجتها الملحة والمستعجلة لمستشار قانوني براتب خيالي ومميزات عينية ومادية بشرط وحيد، وهو ألا يحمل جنسية هذه الدولة الإفريقية!

لا تزال اللجنة العليا للإصلاح في حيرة من أمرها وبانتظار «المستشار القانوني الأجنبي المحنك» لإنقاذها من فشلها وورطتها الإدارية وممارسات أعضائها الفاسدة والمخالفة للقانون والقيم الإنسانية!!

ودمتم سالمين.