لم تعد توقعات اللبنانيين إزاء تحركات سفراء الدول الخمس المعنية بملف لبنان مرتفعة في نسبة التفاؤل. جزء كبير من المسؤولين بدأ يشعر بأن مساعي «الخماسية» للتوصل الى تسوية سياسية تُنهي الفراغ الرئاسي وتقر إصلاحات اقتصادية، لن تكون قادرة على إنتاج حل، في ظل التطورات الحاصلة في الجنوب، وارتباط هذا الملف بتطورات الأوضاع بقطاع غزة.
لذلك هناك من يصل الى خلاصة أن كل الملفات اللبنانية باتت مرتبطة بمسار الحرب على غزة، وتداعياتها على الجنوب، وتحل أخيراً في الاهتمامات مسألة التسوية السياسية الداخلية الشاملة برعاية دولية.
وفيما تضجّ الكواليس اللبنانية بالتسريبات عن الخلافات بين أعضاء «الخماسية» وآخرها التباين في الآراء حول كيفية استكمال جولة السفراء على القوى السياسية اللبنانية برز تطوران، أولهما هو الاتصال الذي أجراه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، مساء الأحد، برئيس مجلس النواب نبيه بري. ووفق المعلومات، فقد سأل لودريان عن تحركات السفراء الخمس ومصير مبادرة كتلة الاعتدال، فأكد بري أنه لا يزال متجاوباً مع تحرّك «الاعتدال»، لكنه سيعود الى مبادرته الأساسية وهي أن يترأس الحوار بنفسه ووضع آلية واضحة وعملانية له.
وقد جاء الاتصال في إطار مساعي لودريان الى تجميع المعطيات، رغم أن زيارته التي كانت متوقعة الى بيروت باتت بحكم المؤجلة، وهذا دليل سلبي الى أن لبنان قد يكون دخل في سبات سياسي.
أما التطور الثاني، فهو اتساع مدى النشاط القطري من خلال استقبال المعاون السياسي لبري، النائب علي حسن خليل، الذي زار الدوحة قبل أيام، وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين هناك. ووفق المعلومات، فإن المباحثات ركزت على الوضع السياسي الداخلي والوضع في الجنوب، وكيفية الخروج من المأزق ومنع حصول تطورات دراماتيكية على الجبهة من خلال منع التصعيد. كما جرى البحث في كيفية العمل على إعادة الاستقرار ربطاً بالوصول الى هدنة أو وقف إطلاق النار في قطاع غزة. في هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن قطر بصدد العمل على الوصول الى تفاهمات، بينما هناك رهان لدى الثنائي الشيعي على دورها أيضاً في عملية إعادة الإعمار، لا سيما أنها هي التي تعهدت إعادة إعمار الجنوب بعد حرب 2006. في الموازاة، أجرى السفير القطري في بيروت، سعود بن فيصل، اجتماعا في بيروت مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، بعد معلومات عن زيارة أجراها باسيل قبل فترة الى الدوحة، وهذا يظهر قدرة قطر على التحرك بمختلف الاتجاهات في موازاة استمرار عملها الى جانب أعضاء اللجنة الخماسية. وتفيد معلومات بأن الدوحة وجّهت دعوات للعديد من السياسيين لزيارتها، والهدف هو خلق شبكة أمان سياسية تهيئ الأرضية للوصول الى تفاهمات، تكون قائمة على التوافق والتوازن بين اللبنانيين، ولا تؤدي إلى انكسار طرف لحساب آخر.