يدّعي العديد من المثقفين في كثير من الدول العربية وجود فجوة كبيرة بين السلطة التنفيذية وشريحة المثقفين في هذه الدول، ويرى بعضهم استحالة سد هذه الفجوة بين المثقفين والسلطة للعديد من الأسباب والمسببات، منها وجود الحاشية التي تحيط بالسلطة، ووجود وبعض المتنفذين والمتسلقين الذين يعملون ليل نهار على إيجاد حاجز بين السلطة والمثقفين حتى يستمر استغلالهم للسلطة واستثمار هذه العزلة لمصالحهم الخاصة.
ويرى البعض أن قصر نفس بعض المثقفين وعدم استمرارهم وعدم إصرارهم على العمل على جسر هذه الفجوة يعدّ أحد الأسباب التي أطالت أمد استمرار هذه الفجوة وامتدادها بين السلطة والمثقفين، لذا نجد أن بعض المثقفين العرب في بعض الدول العربية قد فقدوا الأمل في إيجاد رابط مشترك بين السلطة والمثقفين، وقرروا عزل أنفسهم عن السلطة وعن محيطها!
ونتج عن هذا الوضع وجود العديد من المثقفين العرب المحبطين، بل إن بعض هؤلاء المثقفين أصبحوا غرباء في أوطانهم وقريبين من التشاؤم وبعيدين عن التفاؤل في نمو مستقبل بلدانهم وتطورها!! والأخطر هو وجود معسكرين في الدولة الواحدة، معسكر المثقفين وأصحاب الرأي في جانب، ومعسكر السلطة التنفيذية والتخلف في جانب آخر!
وكأنه لا يوجد نقطة التقاء بين شريحة المثقفين والسلطة التنفيذية في الدولة، وكأنهما على طرفي نقيض!!
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى انطباق حالة الانفصال هذه بين شريحة المثقفين والسلطة التنفيذية في دولة الكويت؟!
البعض يرى أن دولة الكويت هي جزء من الدول العربية والثقافة العربية، وأن حالة الانفصال موجودة في دولة الكويت، وإن كانت حدة الانفصال وعمق الفجوة أقل منها في كثير من الدول العربية!! في حين يرى البعض الآخر أنه لا توجد حالة انفصال بين شريحة المثقفين والسلطة بسبب خصوصية الثقافة الكويتية وبسبب الحريات التي يتمتع بها المواطن والمثقف الكويتي، التي ضمنها الدستور، وكذلك بسبب الانفتاح في وسائل التواصل بين شريحة المثقفين والسلطة التنفيذية عبر الديوانيات ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، إضافة إلى وجود مجلس الأمة الكويتي لأكثر من نصف قرن من الزمان.
ويرى فريق ثالث أن الفجوة بين شريحة المثقفين والسلطة التنفيذية تتسع وتقلّ حسب تركيبة السلطة التنفيذية، وحسب نوعية التوجهات السياسية لشريحة المثقفين، وحسب الظروف الاقتصادية والأحداث السياسية التي تمر بها الدولة!!
ويجب على السلطة التنفيذية أن تستفيد من طبقة المثقفين لأن عزلهم عن النشاط السياسي والاقتصادي وتهميش دورهم في الدولة سيؤدي إلى تأخر الدولة وتفكك جناحي التقدم والازدهار وانفصالهما لأي دولة، وهما جناح العلماء وجناح الأمراء!!
ودمتم سالمين.