وسّعت إسرائيل نطاق ضرباتها على لبنان باستهدافها منطقة البقاع التي تعتبر خزاناً بشرياً وعسكرياً لـ «حزب الله» وتحتوي على الكثير من المواقع والمخازن، وهي المنطقة التي انطلق منها الحزب في الثمانينيات وشهدت ولادة أول مخيمات ومعسكرات التدريب.
وبذلك، بات لبنان يسير على حبل مشدود وسط مخاوف من أن تصبح هذه الحالة طويلة الأمد، بما يشبه السيناريو السوري، حيث حولت إسرائيل الأراضي السورية إلى ساحة مفتوحة لتنفيذ ضربات متقطعة من دون أي خط أحمر جغرافي بمجرد رصد أهداف عسكرية أو بشرية.
ويخشى لبنان أن يتحول إلى ساحة مفتوحة لهذا النوع من الضربات، كما يخشى تصاعد وتيرة العمليات العسكرية لتصبح حرباً فعلية بفعل إرادة إسرائيلية هدفها وضع الجميع تحت الأمر الواقع.
ولضرب البقاع رمزية أساسية بالنسبة إلى «حزب الله»، خصوصاً أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله قال للإسرائيليين: «بتوسعوا منوسع»، في إشارة منه إلى استعداد الحزب لتوسيع نطاق عملياته في حال اختار الإسرائيليون توسيع رقعة الاشتباك والمواجهة.
ويمارس الإسرائيليون أقصى أنواع الضغط على الحزب لإحراجه أكثر، فعلى مدى يومين متتاليين استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مواقع ومناطق مختلفة من البقاع، بعضها في محيط مدينة بعلبك، والبعض الآخر في منطقتي النبي شيت وسرعين.
يأتي هذا التصعيد الإسرائيلي بالتزامن مع إجراء مناورات عسكرية إسرائيلية تحت عنوان «المرساة الصلبة»، تحسباً لاندلاع حرب واسعة مع لبنان، تتضمن تدريبات على عمليات إخلاء سريعة واستحداث ملاجئ ومستشفيات ميدانية تحت الأرض، إضافة إلى توفير المواد الغذائية.
هذه التحركات تشير إلى أن الإسرائيليين يستعدون لحرب واسعة، وما يضفي جدية على الأمر عنصران، الأول هو البحث الجدي الإسرائيلي في شراء أو استثمار أحد مرافئ قبرص ليكون بديلاً عن مرفأ حيفا في حال اندلاع الحرب، والثاني هو عدم رضوخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكل الضغوط الدولية، لا في غزة ولا في لبنان، حتى أن بعض الجهات الديبلوماسية تشير إلى عدم لقاء نتنياهو بالمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب.
وعلى وقع هذا التصعيد، لا يزال لبنان يتلقى المزيد من رسائل التحذير والتهديد، بينها ما يشير إلى استعدادات إسرائيلية جدية لشن عملية عسكرية واسعة ضد أهداف للحزب في سبيل تدميرها بالكامل، وفي هذا السياق هناك من يشير إلى إمكانية التفكير الإسرائيلي بالتوغل إلى الداخل اللبناني بمسافة 5 كلم، وقد أجرى الإسرائيليون اختبارات عديدة لذلك، خصوصاً من خلال محاولات توغلهم في محيط منطقة الوزاني وفي محيط بلدة رميش.
وتفسر مصادر عسكرية هذه المحاولات بأنها عمليات اختبار لقوة «حزب الله» الدفاعية على الحدود، وكذلك فإن عملية تركيز القصف على بلدة عيتا الشعب وتدمير أحياء بكاملها فيها فهي محاولة أيضاً لتمهيد الطريق لأي دخول في حال دعت الحاجة. بعض المعطيات تتحدث عن أن الإسرائيليين يفكرون بهذا الدخول من مناطق قليلة البناء والسكان، مثل القطاع الشرقي ومزارع شبعا أو من جهة الوزاني، وهذه ليس هدفها الاحتلال أو خلق حزام أمني، إنما تفكيك وتدمير بعض المواقع التي يصعب الوصول إليها بالطيران، كأجهزة اتصال، أو أنفاق.