لماذا صغار المساهمين آخر من يعلم بحقائق الأوضاع داخل الشركات؟ بالرغم من أن هناك الكثير من القوانين الملزمة التي تشدد على ضرورة وأهمية الإفصاح عن كل المعلومات الجوهرية دون إخفاء لأي معلومات أو بيانات مؤثرة، علما بأن هذه الشريحة من المساهمين في طليعة المدعوين والمستهدفين لجمع توكيلاتهم لنصاب الجمعية.
لماذا تبقى المعلومات الجوهرية المؤثرة حكرا على شريحة دون غيرها من المطلعين؟ بالرغم من أن تلك المعلومات تهمّ بالدرجة الأولى المساهمين والمستثمرين، وعندما تصل من خلال القنوات الرسمية الموثوقة تكون متأخرة وتم استغلالها.
لماذا تتعمد بعض الشركات الضبابية وإمداد قاعدة المساهمين ببيانات ومعلومات وإجراءات مضللة، هدفها فقط إطالة أمد الإجراءات واستغلال كل الثغرات القانونية، خصوصا فيما يخص بعض الكيانات «المهترئة» أو التي تعاني أوضاعا مالية صعبة؟
مصادر استثمارية كشفت لـ «الجريدة» عن جملة حالات تستحق أن يتم وضعها تحت الرقابة اللصيقة وإخضاعها لمزيد من التدقيق المزدوج وتوجيهها بتقديم إفصاحات وافية وشافية للمساهمين عن كل الملفات والمعلومات المؤثرة التي يهدد بعضها استمرارية الشركة.
ومن النماذج والممارسات التي تشهدها بعض الشركات وتستحق معالجات ومصارحة مع المساهمين، خصوصا أن إخفاء حقائق حجم المشاكل والتحديات التي ترزح تحتها به تضليل للمساهمين، ما يلي:
1- في السوق شركات تدعو إلى جمعيات عمومية بهدف استعراض خطط هيكلة ورسملة ديون، بالرغم من علمها المسبق بأن أحد كبار الدائنين متعنّت مع الشركة، وأن مصير خطة الهيكلة الفشل، إلا أن هناك رهانا على كسب الوقت واستمرارية الشركات بأي وضع وتحت أي ظرف وترحيل الأزمة إلى الأمام قدر الإمكان، علما بأن الحماية من الدائنين بعد التعديلات الأخيرة لم تعد مُطلقة.
2- شركات متعثرة ماليا ولديها مشاريع متعثرة في الخارج وقضايا استراتيجية وتخفي عن المساهمين حقائق عديدة وبعض هذه الشركات تتهرب من الرد على استفسارات المساهمين في الجمعية العمومية بالرد التقليدي «لا تحضرني البيانات حاليا، يمكننا أن نزودك بها لاحقا»، خصوصا أن التحفظات لا قيمة جوهرية لها.
3- مجاميع عليها قضايا مصيرية وتتجاهل عرض حقائق القضايا التي تواجهها الشركة أو جوهر الخلاف والنزاع، على اعتبار أن مسيرة التقاضي بدرجاته الثلاث ستأخذ سنوات، وبالتالي هناك متسع لعدم الوقوع تحت تأثير حدة تلك البيانات والمعلومات المؤثرة.
4- كيانات تم الاستيلاء على أصول جوهرية من ميزانياتها بطرق قانونية شكلا، لكن في المضمون هي عملية استغلال للنفوذ الإداري والتحكم في مجلس الإدارة باستخدام سلاح الولاء لا الملكية، ويتم تمرير الموافقات بمن حضر، بعد تأجيل «العمومية» لعدم وجود نصاب، أو استخدام بند ما يستجد من أعمال على جدول أعمال غير واضح و»ملغوم».
5- ةشركات تشهد استقالات بشكل مستمر، سواء من أعضاء مجالس إدارات وأعضاء تنفيذيين ومديرين عامين، وغالبيتها يكون لأسباب مالية أو خلافات على قرارات مصيرية، بعضها يضر بالشركة والمساهمين، وبالتالي يؤدي الصدام إلى خروج صاحب الرأي المهني والفني.
6- في السوق مجاميع ترفض عروض استحواذ مغرية لبيع شركات تابعة عبارة عن رخص لا أكثر، حيث تم تفريغ أصولها أو تشتمل على أصول «ورقية» في دول تعاني اقتصاداتها حاليا، ولا يمكن لها إخراج أي سيولة منها، أو حتى ممارسة أية أعمال أو أنشطة، ويأتي تلك الامتناع لأسباب تتعلق بملفات وممارسات سابقة خشية المحاسبة عليها من طرف الملّاك الجدد، لا سيما أن بعض تلك الممارسات يكون جوهرها الاستيلاء على أصول.
7- أسهم تصعد بمعدلات قياسية، ولا تبرر ذلك، وإن أفصحت يكون الإفصاح أجوف، مكررا أنه لا يوجد ما يؤثر على الشركة ماليا، ويبرر تلك الصعود، والأمر نفسه بالنسبة إلى حالات التراجع وبعد أيام يتم الإعلان عن أمر ما، إما تخارج أو قضية سلبية مؤثرة، وهكذا ممارسات يجب ألا تمر مرورا دون محاسبة وعقاب، حيث إن ذلك يعتبر تلاعبا مقننا وعلنيا إذا ما علمنا أنه لا يمكن أن يتم اتخاذ قرار التخارج أو نسج صفقة بين عشية وضحاها، فهكذا تعاملات تكون معروفة منذ أسابيع، ويتم درسها دراسة وافية، وبالتالي إنكار الشركات بعدم وجود ما يؤثر على الشركة هو تضليل للمساهمين والجهات الرقابية في الوقت ذاته.
8- شركات قد تتعرض لتعديات مالية في بعض عملياتها، وتتم معالجة تلك الملفات داخليا دون إفصاح، وسبق أن شهدت كيانات عمليات تلاعب جماعية لعدد من مسؤولي المجموعة المالية، ولم يتم الإعلان أو اتخاذ الإجراءات المناسبة.
9- تذهب مصادر عليمة إلى أن بعض الشركات تدار بـ «المسج» من جانب طرف واحد يصدر أوامره للرئيس التنفيذي، وفي هذه الحالات كافة أعضاء مجلس الإدارة لا يعلمون عن تفاصيل أو حقائق ومجريات التشغيل في الشركة، وهذه الحالة والممارسة مكررة، وبالتالي تبقى دائرة القضايا المؤثرة والمعلومات الجوهرية في نطاق ضيق، ويسهل السيطرة عليها وعدم الإفصاح عنها وإخفاؤها عن كل الأطراف.
10- شركات تم بيع أصولها الخارجية وتوجيهها لمصلحة أطراف محددة واتخاذ إجراءات طمس الكيان وإلغائه من مقصورة الإدراج، حتى لا يترك أي مجال لأي مساهم لتشكيل تحالف أو تكتل وتتبّع تلك الأصول.