أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل بأنها ستدعم عملية عسكرية محدودة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة تشمل ضرب أهداف ذات قيمة عالية لحركة حماس شرط تجنب غزو واسع النطاق للمدينة المكتظة بمئات آلاف النازحين على حدود مصر قد يؤدي إلى كسر التحالف.

ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن أربعة مسؤولين أميركيين أن كبار إدارة بايدن أبلغوا إسرائيل في محادثات خاصة أنهم قد يدعمون خطة أقرب إلى عمليات مكافحة الإرهاب منها إلى حرب شاملة، مشددين على أن ذلك من شأنه أن يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين، ويقضي على صفوف «حماس»، ويتجنب المشاهد التي أدت إلى توتر الرأي العام بشأن العدوان على غزة وتعامل بايدن معه.

Ad

وذكرت الصحيفة الأميركية أن مسؤولي إدارة بايدن لا يزالون في صراع على نوع العملية العسكرية المقبولة في رفح وتحتها، لأنهم يعلمون جيداً أن إسرائيل تريد القضاء على كتائب «حماس» الأربع في جنوب غزة على الحدود المصرية، مشيرة إلى أن «الخط الأحمر» الذي رسمه بايدن نهاية الأسبوع، هو أنه لا ينبغي لإسرائيل بعد الآن مواصلة حملتها دون وجود خطط موثوقة لحماية المدنيين.

وقال 3 مسؤولين إسرائيليين إن جيشهم ما زال يطور أفكاراً لضمان سلامة 1.3 مليون فلسطيني في المدينة وما حولها، مشددين على أنه «ليس هناك شك في شن العملية في مرحلة ما وفي نهاية المطاف، لا يمكننا كسب هذه الحرب دون هزيمة كتائب حماس في رفح».

ونقلت الصحيفة معلومات استخباراتية عن مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض والإدارة، إن بعض الأعضاء الرئيسيين في فريق بايدن يشككون في أن إسرائيل تهدف إلى القيام بعملية عسكرية كبيرة في غزة قريباَ.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع: «سيتعين عليهم القيام ببعض عمليات إعادة تموضع القوات، وهذا لم يحدث، وليس وشيكاً»، معتبراً أن «عدم التحرك هو علامة على أن إسرائيل تأخذ التحذيرات الأميركية في الاعتبار. لكن إسرائيل ستفعل ما تقرر أن تفعله، الأمر أشبه بمحاولة التنبؤ بالطقس. ولكن هل تم سماع الرسالة المرسلة؟ نعم».

ووفق «بوليتيكو، فإن بايدن سيفكر في فرض شروط على بعض المساعدات العسكرية المستقبلية لإسرائيل إذا كانت هناك حملة كبيرة في رفح، على الرغم من أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال إن تلك التقارير وغيرها من التقارير المماثلة هي «تكهنات غير مدروسة».

وكشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل ها جاري عن خطط لتوجيه جزء كبير من 1.4 مليون نازح فلسطيني محاصرين في رفح نحو «جزر إنسانية» في وسط القطاع ستوفر السكن المؤقت والغذاء والمياه وغيرها من الضروريات لهم، قبل العملية البرية، مبيناً أن ذلك جزء أساسي من الاستعدادات لغزو المنطقة التي تحتفظ حماس بأربع كتائب.

إمبراطورية «حماس»

وبعد مرور أكثر من 5 أشهر من الحرب والدمار، اعترف المسؤولون الاسرائيليون بأنهم بدأوا للتو في تدمير إمبراطورية «حماس» السرية في غزة، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».

وقدّم المسؤولون إحصائيات مفصلة لدعم ادعاءاتهم بأن الحرب كانت فعالة، موضحين أنه عند بدء القتال كان لدى حماس والميليشيات الأخرى نحو 35 ألف مقاتل تم قتل وإصابة وأسر أكثر من 25 ألفاً منهم.

‏ومن بين المجموعة الفرعية الأصغر من مقاتلي حماس النظاميين، قالوا إن 12 ألفاً تم إخراجهم من ساحة المعركة، بما في ذلك حوالي%60 من قادة الكتائب.

‏وقال مسؤول أميركي، إن واشنطن تتوقع خسائر أقل بكثير في صفوف «حماس»، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تحسب الخسائر في ساحة المعركة بشكل مختلف، ولكن هناك فرق صارخ بين التقييمات الإسرائيلية والأميركية للحملة.

ووفق «واشنطن بوست»، ‏قال الإسرائيليون إنهم أمضوا أسابيع في ابتكار تكتيكات لمهاجمة شبكة واسعة من الخطوط المتعرجة التي يقدر طولها بـ 380 ميلاً، وكلها داخل منطقة يبلغ طولها 25 ميلاً فقط ويصل عرضها إلى 7 أميال ونصف، مؤكدين أنهم دمروا 60% من منشآت القيادة والسيطرة التابعة لحماس في الأنفاق و90% من ترسانة الصواريخ المدفونة، والتي بلغ مجموعها 15 الفاً إلى 20 الفاً عندما بدأت الحرب.

‏وقال عدد من المسؤولين إنه تم الاستيلاء على أقل من 30% من الأنفاق، وحتى الآن لا تزال حماس تدير أنفاق التهريب إلى مصر.

اتفاق ومساعدات

في المقابل، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية أمس، أن الفرصة متاحة للتوصل إلى اتفاق متعدد المراحل إذا تخلت حكومة إسرائيل عن تعنتها.

وقال هنية: «الميدان والمفاوضات خطان متوازيان وترتكز الحركة في مفاوضاتها على عظمة الصمود وعبقرية المقاومة، وتسعى بكل قوة لإنهاء الحرب العدوانية على شعبنا، والفرصة متاحة من أجل التوصل إلى اتفاق متعدد المراحل، في حال تخلت حكومة المحتل عن تعنتها».

وانتقد هنية موقف بايدن المتغير والخاضع للاختبار في التطبيق، ومطلوب منه الكثير لوقف حرب الإبادة الجماعية وسياسة التجويع، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والشمال.

إلى ذلك، صعّد الإسرائيليون، الذين يطالبون بالإفراج الفوري عن 130 رهينة في غزة من بينهم 19 امرأة، احتجاجاتهم وأغلقوا طريق أيالون السريع في تل أبيب، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور.

ومع تحذير وكالات الإغاثة من خطر المجاعة المتزايد وتصاعد الضغوط الدولية على حكومة بنيامين نتنياهو، أكد الجيش الإسرائيلي أنه سيحاول «إغراق» غزة بالمساعدات من عدة نقاط دخول.

في هذه الأثناء، أعلن بيان أميركي - أوروبي ـ عربي مشترك الاتفاق على أنه لا يوجد بديل للطرق البرية عبر مصر والأردن ونقاط الدخول من إسرائيل إلى غزة لإيصال المساعدات على نطاق واسع، وقدم خططا لفتح ممر بحري لتقديم مساعدات إضافية تشتد الحاجة إليها إلى غزة عن طريق البحر.

كما اتفق وزراء الخارجية المجتمعون في قبرص على أن فتح ميناء أشدود أمام المساعدات سيكون موضع ترحيب وتكملة هامة للممر، وفق الخارجية الأميركية.

وكشفت الإذاعة العبرية «كان» أن مسؤولين مصريين أبلغوا إسرائيل بضرورة فتح موانئها لإدخال المساعدات، معتبرين أن الممر المائي الأميركي «شو إعلامي»، ولا يوجد بديل عن إدخال المساعدات عبر معبر رفح.

في غضون ذلك، نفذت قوات الاحتلال حملة مداهمات واقتحامات لقرى وبلدات ومدن في الضفة الغربية، في حين فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على موقعين استيطانيين غير قانونيين.