حملت زيارة وفد حركة حماس التفاوضي برئاسة خليل الحية إلى بيروت أكثر من مؤشر. فبالإضافة إلى أنه وضع أمين «حزب الله» حسن نصر الله، في تطورات مسار التفاوض والخيارات المتاحة بالإضافة إلى الواقع الميداني، إلا أنها بشكل أو بآخر تضع الحزب اللبناني على السكة التفاوضية نفسها.
فحماس لديها رهان على دور أميركي قطري في الوصول الى صيغة لتطبيق الهدنة وتحويلها الى وقف لإطلاق النار.
وحزب الله أيضاً لديه نفس الرهان على الأميركيين والقطريين، خصوصاً بعد زيارة المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري وهو الموكل من الحزب للتفاوض حول ترتيب الوضع في الجنوب الى الدوحة، وخلال الزيارة جرى البحث في مسارات المفاوضات المرتبطة بغزة وانعكاسها على لبنان.
وإثر اللقاء مع الوفد الفلسطيني، خرج نصر الله بموقف جديد أكد فيه أن قوى ممحور المقاومة لا تتحدث باسم حماس وأنها هي المعنية بما سيتم التوصل اليه من اتفاقات، يعني ذلك أن الحزب اختار مجدداً الوقوف وراء الحركة في ما تقرره، لكنه أكد استمرار جبهة الإسناد انطلاقاً من لبنان بانتظار الوصول الى تفاهم أو اتفاق أو هدنة.
إلا أن الأهم في ما قاله نصر الله هو الرهان مجدداً على الأميركيين، فموقفه كان منخفض السقف نسبياً، ولم يعلن أي رغبة بالذهاب إلى الحرب، بل توجه الى الأميركيين بوضوح بأنهم وحدهم القادرين على وقف الحرب، من خلال الضغط على إسرائيل ووقف توريد الأسلحة لها.
ويعبر الموقف عن رهان على ضغط أميركي، خصوصاً في ظل التوترات التي تصيب العلاقات الأميركية الإسرائيلية من جهة، وفي ظل ما يتسرب من معلومات عن تجدد مسار التفاوض في سلطنة عمان بين إيران والولايات المتحدة حول الوضع في البحر الأحمر وضغط ايران على الحوثيين لوقف هجماتهم، فيما تطلب طهران من واشنطن الضغط على اسرائيل لتخفيف منسوب التصعيد ضد حزب الله في لبنان ولمنع الحرب، بالإضافة إلى تجديد المفاوضات حول الوضع في غزة.
على الرغم من كل الرهانات فإن الإسرائيليين يمضون في تصعيدهم، فهم يؤكدون الإصرار على الدخول في معركة رفح، ويستمرون في تنفيذ عمليات موجعة للحزب في لبنان وصولاً إلى البقاع بالإضافة إلى عمليات الإغتيال وآخرها كانت لأحد كوادر حركة حماس. يأتي ذلك بالتزامن مع تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي بأن جيشه سيصل إلى حيث يريد، وسيتم تدفيع الثمن لكل من انخرط في عملية 7 أكتوبر.
في المقابل يرتفع منسوب التوتر الأميركي الإسرائيلي، فيما يتضح مسار نتنياهو الذي يسعى إلى رفع منسوب التصعيد في المنطقة كلها، استغلال حربه لإضعاف ادارة جو بايدن انتخابياً. فيما تقول مصادر دبلوماسية غربية، إن توتر العلاقة الإسرائيلية الأميركية سيكون له انعكاس سلبي جداً على لبنان، وعلى المفاوضات التي يقوم بها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين. إذ ان الإسرائيليين حتى الآن يرفضون كل الصيغ التي من شأنها أن تمنح صورة انتصار لحزب الله، ولا تحقق لهم ما يريدونه في ابعاد الحزب عن الحدود.
وتقول المصادر إنه لا ثقة لدى الإسرائيليين بأن قوات اليونيفيل والجيش اللبناني سيكونان قادرين على ضبط الوضع في جنوب نهر الليطاني ومنع حزب الله من مراكمة عمليات التسلح والتجهيز. وبالتالي هناك خشية اسرائيلية من أن يقود أي اتفاق للعودة الى ما كان عليه الوضع بعد حرب تموز 2006 إذ لم يتمكن القرار 1701 من منع حزب الله من التسلح، واستمر في تخزين الأسلحة وادخالها الى لبنان والجنوب. بناء عليه يرتفع منسوب الخوف في لبنان من احتمال استمرار التصعيد الإسرائيلي والوصول إلى حالة الحرب.