أظهرت بيانات وزارة المالية أن الميزانية العامة للدولة سجلت عجزاً مالياً بقيمة 1.7 مليار دينار في أول 9 أشهر من السنة المالية الحالية 2023/ 2024، بعد تحقيق فائض استثنائي في الفترة المماثلة من العام المالي السابق.
وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، يعزى هذا العجز لعدد من العوامل التي تضمنت تراجع العائدات النفطية بشدة والارتفاع الكبير للنفقات بمستويات تخطت المتوسطات التاريخية. ونظراً إلى أن أسعار النفط لم يطرأ عليها تغيّر كبير حتى الآن في هذا العام، وبافتراض القفزة المعتادة التي تشهدها النفقات قرابة نهاية السنة المالية، فمن المرجح اتساع فجوة عجز الحسابات الختامية للسنة المالية 2023/ 2024.
وقال التقرير: يعزى السبب الرئيسي لنحو نصف هذا التراجع الذي شهدته الميزانية على أساس سنوي إلى تقلّص الإيرادات نتيجة لانخفاض أسعار النفط، وتخفيض «أوبك» وحلفاؤها حصص الإنتاج، الذي تم تمديده أخيراً حتى منتصف العام، أما النصف الآخر فيعزى لزيادة النفقات.
وعلى الرغم من أن هذا الأمر كان متوقعاً بسبب الحجم القياسي الذي وصلت إليه الميزانية (بما في ذلك بعض البنود الاستثنائية)، فإن الصرف نسبه للمخصصات كان أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، والذي قد يعد مؤشراً على تغيير ممارسات إدارة الحسابات. ورغم ذلك، فإن جزءا كبيرا (9 مليارات دينار أو 35 بالمئة) من النفقات المدرجة ضمن الموازنة لم يستخدم بعد، ومع وصول نسبة الإنفاق الفعلي/المرصود في الموازنة إلى نحو 95 بالمئة، فمن المرجح أن تتسارع وتيرة الإنفاق خلال الأشهر الأخيرة من العام المالي الحالي.
وإضافة إلى انخفاض متوسط أسعار النفط حتى الآن في الربع الأخير من السنة المالية 2023/ 2024، من المرجح أن يتّسع العجز إلى أكثر من 3 مليارات دينار بنهاية السنة المالية، بما يتجاوز توقعاتنا السابقة البالغة 2.2 مليار.
النفقات الجارية
وبيّن «الوطني»: شهدت الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي قفزة كبيرة في إجمالي النفقات بنسبة 56 بالمئة على أساس سنوي إلى 17.2 مليار دينار، أي ما يعادل 65 بالمئة من مخصصات موازنة العام بأكمله. وارتفعت النفقات الجارية، التي تشكل الغالبية العظمى، بنسبة 59 بالمئة على أساس سنوي إلى 16.5 مليارا، في ظل زيادة كافة فئات الإنفاق، إلا أن معظم تلك الزيادة اتجهت لتعويضات العاملين والسلع والخدمات والدعوم، والتي ارتفعت بشكل حاد مقارنة بالعام السابق.
وكما أسلفنا الذكر، يمكن أن يعزى سبب ارتفاع النفقات جزئياً لحجم الموازنة الكبير، والتي أضافت 3.3 مليارات دينار للنفقات الجارية، نصفها تقريباً (1.6 مليار) عبارة عن متأخرات استثنائية غير مكررة وبدلات الإجازات. وتأتي البقية من الزيادات المدرجة في الميزانية ضمن بنودها الأخرى بما في ذلك الأجور والرواتب، والضمان الاجتماعي، وتكاليف المعيشة ومكافآت الطلاب، والأدوية التابعة لوزارة الصحة.
حساب ختامي قياسي
وقال «الوطني» إنه نظراً للحجم القياسي لموازنة السنة المالية 2023/ 2024 ووصول القيمة التراكمية للنفقات خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية لمستويات أعلى بكثير من المتوسطات المعتادة، يبدو أن النفقات في طريقها للوصول إلى مستوى قياسي في الحساب الختامي للسنة المالية 2023/ 2024، وإن كانت حالة عدم اليقين تجاه الحجم الذي قد تصل إليه القفزة الكبيرة التي عادة ما تشهدها النفقات بنهاية العام تزيد من صعوبة التوقعات. ويتوقع مشروع موازنة السنة المالية 2024/ 2025 انخفاض النفقات بنحو 1.7 مليار دينار أو بنسبة 6.6 بالمئة على أساس سنوي، إلا أن ذلك يرجع في الغالب لإغفال البنود غير المتكررة التي تضمنتها الموازنة السابقة، كما أشرنا سابقاً، إلى جانب استمرار ارتفاع النفقات الجارية المتكررة (معظمها ضمن بنود الأجور والدعوم).