متى بدأت مدينة الأحمدي بتنظيم أول احتفال لها باليوم الرياضي؟ لا أدري، ولكن ما أذكره جيداً هو أن في مثل هذه المناسبات كان أكثر من ألفي لاعب يمثلون مدارس الكويت ومراكز وأندية رياضية يشاركون في ألعاب رياضية جماعية وفردية متنوعة، مثل كرة القدم والطائرة والسلة واليد والتنس الأرضي وتنس الطاولة وألعاب القوى والكريكيت والركبي وغيرها، ليختتم اليوم الرياضي نشاطاته وفعالياته قبيل مغيب الشمس في حفل تحضره وترعاه شخصيات كويتية مرموقة مثل مدير إدارة الأمن العام بالأحمدي، ورئيس شركة نفط الكويت وغيرهما.
في تلك الفترة لم نكن نعرف العبوات البلاستيكية المعبأة بالماء، وكنا نستعيض عنها بالمرطبات الغازية والعصائر الجاهزة والمحفوظة بصناديق آيس بوكس تجدها مركونة عند كل زاوية من زوايا الملاعب المتناثرة في المدينة.
وأذكر أن جهات حكومية عدة مثل المطبخ المركزي التابع لوزارة التربية وإدارة الأمن العام بالأحمدي، وغيرها، تقوم بتوزيع وجبات غذائية خفيفة معبأة بعلب ورقية متوسطة الحجم تحتوي على سندويشات وتفاحة وبرتقالة وقنينة لبن وما شابه، كانت توزع على اللاعبين والجمهور بالمجان.
كانت المدينة تمتلئ بآلاف الرياضيين وعشرات الآلاف من الجماهير على مساحات شاسعة من مدينة الأحمدي، ومع ذلك لم نلاحظ فوضى تناثر الأوساخ في كل مكان، رغم تدني ثقافة الحفاظ على نظافة المكان أو الحرص على البيئة، ففي تلك الحقبة الجميلة من تاريخ الكويت الرياضي لم يكن لأي وزير وجود ولا لسمو رئيس وزراء ولا ما شابه من شخصيات مرموقة قد تجبر الآخرين سواء رياضيين أو متابعين على الالتزام بالنظام العام، بل كان رجال الشرطة يشاركون في عمليات التنظيم ويساعدهم طلبة المدارس من الكشافة البحرية والبرية والأشبال، فيعيدون للمدينة جمالها ورونقها وتنظيمها السابق، وليعود موظفو شركة نفط الكويت إلى أعمالهم في اليوم التالي دون عراقيل قد تؤخرهم عن أداء وظائفهم على أكمل وجه.
أما في اليوم الرياضي الذي أقيم على جسر جابر في يوم السبت الموافق التاسع من شهر مارس الجاري، إجتمع ما يقارب من 13 ألف رياضي على مساحة ضيقة للمشاركة في سباق الدراجات بمشاركة سمو رئيس الوزراء وبعض الوزراء والدبلوماسيين، ولم تقم مسابقات أخرى إلى جانب هذا السباق، الذي لم يستمر لأكثر من بضع ساعات، إلا أن التصريحات التي أطلقت من المسؤولين أوحت للناس وكأن الكويت بهذا السباق ستكون نقطة انطلاقة ودافعاً للاهتمام بكل ما يتعلق بالرياضة والشباب، لتسهم بدخول الكويت، بلد الإنسانية والقيم والحضارة والأخلاق، مرحلة جديدة من النمو والازدهار، إلا أنه وللأسف الشديد ما لاحظناه بعد نهاية اليوم الرياضي شيء يندى له جبين الأخلاق الرياضية، فآلاف قناني المياه المليئة والخالية تم رميها على أرضية الجسر على امتداد عشرات الكيلومترات، هذا عدا مخلفات المتسابقين من مناديل الورق وقناني المرطبات وغيرها، ولا ندري كم من هذه المخلفات رميت في البحر.
ولا تعليق لي سوى أننا في زمن أيام الأحمدي الرياضية لم يكن لدينا عمال نظافة آسيويون، ورغم ذلك كنا نشعر حينها بنسائم النظافة تلاطف نفسياتنا وتهب علينا من كل زاوية من زوايا بلدي الجميل، في حين اليوم وبعد أن استزاد الكويتيون من ثقافة النظافة وقوانين حماية البيئة، وجيوش جرارة من عشرات الآلاف عمال نظافة، أجد نفسي وقد راودها حلم في زمن تكون فيه الكويت بلد الإنسانية الحقة التي تؤمن بقيم التمدن والتحضر وتتدثر بأخلاق حب الوطن ولا أقول عشق الوطن.