حث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المواطنين الروس على «التعبير عن وطنيتهم»، من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تبدأ اليوم وتستمر حتى الأحد، والتي سيفوز بها بوتين، الذي يحكم البلاد منذ عقدين، بولاية جديدة تبقيه في السلطة حتى عام 2030.
وقال بوتين (71 عاماً)، في مقطع فيديو بثه التلفزيون الروسي الرسمي، «أطلب منكم أن تصوتوا وتعبروا عن واجبكم الوطني والمدني (...) من أجل مستقبل روسيا الحبيبة»، مضيفاً أن «المشاركة في الانتخابات اليوم تعني إظهار مشاعركم الوطنية. من الضروري تأكيد وحدتنا وتصميمنا على المضي قدماً معاً. كل صوت من أصواتكم له قيمة وأهمية».
واضاف عشية بدء التصويت: «تعلمون أن بلدنا يمرّ بفترة صعبة وأن هناك تحديات معقدة نواجهها على جميع المستويات تقريباً».
وأشاد الرئيس الروسي بأن الاقتراع سيجري كذلك في أربع مناطق سيطرت عليها العام الماضي في أوكرانيا، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي أعلنت موسكو ضمها في العام 2014.
نظرياً هناك أربعة مرشحين على المنصب الأعلى في البلاد، هم إلى جانب بوتين، الذي يترشح كمستقل، ليونيد سلوتسكي من الحزب الديموقراطي الليبرالي، ونيكولاي خاريتونوف من الحزب الشيوعي، وفلاديسلاف دافانكوف من حزب الشعب الجديد، لكن عملياً لا منافس حقيقياً لبوتين، في وقت قمعت المعارضة على مدى السنوات العشر الأخيرة، في حملة وصلت إلى ذروتها بعد غزو أوكرانيا، حيث شمل القمع جميع معارضي الحرب بمن فيهم موالون لبوتين ولسياسته القومية.
وفيما اقترع الجنود الروس المنتشرون في أربع مناطق أوكرانية شرق وجنوب البلدات في وقت مبكر، شنت أوكرانيا موجة ثالثة من الهجمات بالطائرات المسيرة، كما واصلت ميليشيات روسية معارضة مدعومة من كييف مهاجمة بلدات روسية حدودية، في جهد أوكراني قال بوتين، إنه يستهدف الانتخابات الرئاسية.
وغداة إصابة مصفاة نفط بهجوم أوكراني قالت وزارة الدفاع الروسية إنها صدت ليل الأربعاء - الخميس 14 طائرة مسيرة فوق منطقتي بيلغورود وكورسك المحاذيتين لأوكرانيا، وأعلن حاكم منطقة بيلغورود مقتل شخص وجرح ثلاثة في الضربات الأوكرانية التي قال إنها استهدفت سيارة ومنزلين ومنشأة طبية.
إلى ذلك، يعقد زعماء بولندا وألمانيا وفرنسا في برلين اليوم الجمعة اجتماعاً طارئاً بشأن أوكرانيا، في حين تسعى الدول الأوروبية إلى تسوية خلافاتها حول دعم كييف.
وقالت برلين، إن الاجتماع «مبادرة مشتركة» لرئيس الوزراء البولندي دونالد توسك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، وأشار توسك إلى أن العواصم الثلاث «عليها المسؤولية، وهي قادرة أيضاً على تعبئة أوروبا كلها» لتقديم مساعدة جديدة لأوكرانيا.
جاء ذلك عشية إعلان مسؤولين في بروكسل توصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي لإضافة 5 مليارات يورو إلى صندوق يهدف إلى تمويل شراء الأسلحة لأوكرانيا.
وكان توسك والرئيس البولندي أندريه دودا زارا واشنطن التي أعلنت عن مساعدة عسكرية جديدة بقيمة 300 مليون دولار لأوكرانيا. إلا أن هذه المساعدة لا تذكر مقارنة بعشرات مليارات الدولارات التي يطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس إقرارها، لكنها متوقفة منذ أشهر بسبب الخلافات بين الجمهوريين والإدارة الديموقراطية.
ووفقاً للرئاسة الفرنسية، فإن قمة الجمعة ستشدد مجدداً على «إرادة» القادة الثلاثة «لتقديم دعم ثابت وطويل الأمد لأوكرانيا»، وستتم مناقشة «مساهماتهم»، وهو موضوع أثار خلافات بين الأوروبيين في الأسابيع الأخيرة، وظهرت في الآونة الأخيرة خلافات بين فرنسا وألمانيا بشأن سبل دعم كييف عسكرياً، الأمر الذي أدى إلى إضعاف رسالة الوحدة التي يحاول حلفاء أوكرانيا إظهارها في مواجهة روسيا ورئيسها بوتين.
وقبل القمة الثلاثية سيعقد أولاف شولتس وإيمانويل ماكرون اجتماعاً ثنائياً، حسبما ذكر مكتبهما. واتخذ قرار المساعدة الأوروبية أمس الأول بعد أسابيع من المفاوضات. وكانت فرنسا تطالب بالحصول على ضمانات بشأن منح الأسلحة المصنعة في أوروبا الأولوية في عمليات الشراء للشحنات المخصصة لأوكرانيا، بينما أبدت ألمانيا ترددها إزاء هذه الآلية الأوروبية مفضلة المساعدات الثنائية.
وقال دبلوماسيون، إنه تم التوصل إلى أن المساعدات الألمانية المباشرة لأوكرانيا - وقد تعهدت برلين تقديم 8 مليارات يورو هذا العام - ستُحتسب كجزء من الدعم الألماني المالي لصندوق المساعدات الأوروبي لكييف.
من جهتها، حصلت فرنسا على ضمانة أن «الأولوية» ستُعطى لصناعة الدفاع الأوروبية عندما تقدم دولة عضو طلبا لشراء أسلحة، ما لم تثبت صعوبة الحصول عليها خلال حدود زمنية معقولة.
وأكد ستيفن هيبستريت، المتحدث باسم المستشار الألماني، أن ماكرون وشولتس «تحدثا مطولاً هاتفياً في الأيام الأخيرة»، واصفاً الخلافات الأخيرة بأنها «فروقات دقيقة بشأن مسألة تقنية». ويدور الخلاف الرئيسي بين ألمانيا وفرنسا حول شكل المساعدة الواجب تقديمها لأوكرانيا لصد التقدم الروسي.
وعارضت ألمانيا تلميحات الرئيس الفرنسي في الأسابيع الماضية بشأن عدم استبعاده إرسال قوات غربية لأوكرانيا، كما يعارض شولتس قيام بلاده، أكبر مساهم أوروبي في المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا، بتسليم كييف صواريخ توروس بعيدة المدى. ويطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهذه الأسلحة التي يتجاوز مداها 500 كيلومتر، ويناشد العديد من النواب الألمان، بما في ذلك داخل ائتلاف شولتس، إضافة الى الحلفاء الغربيين، المستشار باتخاذ هذه الخطوة.
وأعلن شولتس، خلال نقاش في البرلمان، «لن يتم تسليم أنظمة أسلحة واسعة النطاق، لا يمكن توفيرها بشكل عقلاني دون مشاركة جنود ألمان»، مشدداً على أنه «كمستشار أتحمل مسؤولية منع مشاركة ألمانيا في هذه الحرب»، مضيفاً: «لا يجب الخلط بين الحذر والضعف كما يفعل البعض». وبعد تصريحاته في نهاية فبراير حول خيار إرسال قوات على الأرض، ذهب ماكرون إلى أبعد من ذلك، داعياً الأوروبيين إلى «ألا يكونوا جبناء»، وحثت بولندا، وهي أقرب حلفاء أوكرانيا، الشركاء الغربيين مرارا على زيادة الإنفاق على المساعدات العسكرية المخصصة لكييف. ومع تشكيل حكومة جديدة مؤيدة لأوروبا، تسعى وارسو إلى تعزيز التعاون مع برلين وباريس في مواجهة موسكو.