تعديل بوصلة الناخب الكويتي
زخم الضغوط والمساءلة الشعبية يجب أن يتركز على السلطة التنفيذية، فوفق ما نص الدستور هي المسؤولة عن تقديم برنامج العمل لأربع سنوات للمجلس فور تشكيلها، وهي من تهيمن على مصالح الدولة وهي من يرسم السياسات العامة للحكومة، وهي من يشرف على تنفيذها وكل وزير فيها مسؤول عن التنفيذ المباشر لما يخص وزارته، فضلاً عن كون أعضاء الحكومة يعدون أعضاء في مجلس الأمة بواقع 16 عضواً.
ومجلس الأمة وظيفته التشريع والمراقبة لأداء الحكومة ومحاسبتها في ظل مبدأ فصل السلطات حتى لا تزحف سلطة من السلطات الثلاث على اختصاصات أي سلطة أخرى.
لذلك لا يملك أعضاء مجلس الأمة إلا وسيلة التشريع والمحاسبة التي يكون أقلها السؤال البرلماني وأشدها الاستجواب، تمهيداً لطرح الثقة بالوزير المُستجوَب أو إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء بعد استجوابه.
فالسلطة التنفيذية، أي الحكومة هي من تملك 80% من أوراق اللعبة السياسية وهي من تملك مفاتيح التغيير في المجتمع، وإليها مرجع العملية الإصلاحية بالدرجة الأولى، وبالتالي فالواجب حشد الضغط الشعبي على جبهتها إلا أن أعضاء مجلس الأمة بشعور أو بغير شعور قد حولوا أنفسهم إلى مَصَدّات عن الحكومة والدافع لذلك حتى يتم استقطاب التأييد الشعبي والظهور بأن لديهم مفاتيح الحلول للأزمات ولديهم القدرة على تحريك عجلة التطوير والتغيير خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن الحكومات السابقة قد عملت على تضخيم دور النواب بالتنازل لهم عن بعض اختصاصاتها وأدوارها عبر إقحامهم في تسهيل الحصول على الخدمات الحساسة كالعلاج في الخارج والتوسط المؤثر في الحصول على المناصب والتوظيف والنقل والندب وغير ذلك كي توفر الحكومة لهم أسباب الفوز وضماناته في الانتخابات واستمرار هذا الفوز.
لذلك ومع استمرار هذا الوضع اختلت بوصلة المواطن وأخذ يتجه للنائب في مطالبه للإصلاح وتحقيق المصالح، وبهذا أصبح النواب هم الوسيط بين الحكومة والشعب، وبذلك تم عزل الضغط الشعبي، فلا يتجه للحكومة لحملها على تحقيق مطالبه عبر عمل سياسي منظم ينبني على الحوار العلمي والاحترافي مع الحكومة لا الطرح الغوغائي غير المدروس، هذا الحوار تقوم به منظمات المجتمع المدني والنشطاء والكتل السياسية وأصحاب المصالح كيما نصل الى بلورة مشاريع حلول واقعية تأخذ في الاعتبار الإمكانات المتاحة والحلول الممكنة وتتبلور في صورة أهداف ذات حدود كمية وزمنية ومحسوبة تكلفتها ومقدرة مقومات وشروط تنفيذها ومن المسؤول عنها، وما العقبات في طريق تحقيقها وسبل تذليلها.
هذه العملية الحوارية أو قل هذه الجدلية المجتمعية في إطارها السياسي تشكل الرحم الطبيعي والولاد الذي يخرجنا من عنق زجاجة الاحتقان السياسي الذي أناخ علينا عقوداً من السنين، لذلك أقول للناخبين وفروا عليكم مشقة لوم الأعضاء السابقين، ووفروا طاقتكم الاستجدائية للمرشحين الجُدُد لأنهم لا يملكون بطبيعة الحال كل مفاتيح الحل ولا أغلبها إنها بيد الحكومة!!!
سنعطيكم مثال الحكومة تملك شتل التجربة السعودية في حل الأزمة السكنية وفق التالي:
ويكون ذلك عبر قيام وزارة الإسكان التي توفر الأراضي والمخططات وتقوم بإنشاء شركة عقارية عامة للمساكن التي تقوم بالتعاقد مع المطورين العقاريين لاستصلاح الأراضي وتوفير البنية التحتية بقيمة الفيلا 70 ألف دينار وقيمة الشقة 50 ألف دينار، وتقديم الحكومة دعما يمثل %30 من قيمة الوحدة السكنية فتكون قيمة الفيلا بعد الدعم 49 ألف دينار، وقيمة الشقة 35 ألف دينار، ويكون قسط الفيلا الشهري 190 ديناراً، وقسط الشقة الشهري 136 ديناراً، وتلزم البنوك الراغبة بالتمويل العقاري بالتقسيط لمدة 30 سنة بربح لا يزيد على 40% من قيمة الوحدة السكنية وذلك للمستحقين للسكن الحكومي.
ربما يكون قانون إنشاء المدن الإسكانية الحالي يتضمن ما فيه تعارض مع هذا التصور على الحكومة أن تحدد التعديلات بعد إجراء حوار مع منظمات المجتمع المدني والمختصين والنشطاء، وتنتهي العملية الحوارية بضغط شعبي على مجلس الأمة لإجراء تعديل القانون بسرعة.