زاوية حادة: د. محمد وبعد الشهادات تجريم الكتب والأبحاث المسروقة
لقرابة العشر سنوات أبرزت الجمعية الكويتية لجودة التعليم قضية الشهادات الوهمية والمزورة على السطح، حتى وصلت إلى أذهان الناس وجانب من اهتمام الحكومة والبرلمان، اللذين واجهنا فيهما قوى الفساد، وخصوصاً في المجلس. أما المفاجأة، فتكمن في صراع وصل للقضاء والنيابة بيننا وبين الأحزاب السياسية، سلف وإخوان، ضد مَنْ حمل منهم شهادات مزورة ودافع عنهم وعن الغش، ليعي الناس أن ما يمارسه بعضهم يُعد بعيداً عن الكتاب والسُّنة.
إن استجابة حكومة محمد الصباح لفحص الشهادات الدراسية هو انتصار للجمعية، وتحقيق لأهداف حاربت لأجلها عقداً من الزمن، ولعله صار لزاماً الآن على الحكومة الإسراع بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون الذي تقدَّمنا به، وفتح باب تسلُّم البلاغات من أي شخص ضد حملة الشهادات الوهمية المزورة دون الحاجة لوجود أي صفة تربط المبلِّغ بالمزور، أسوة بالقرار الرائع لـ «الداخلية» بتخصيص خط ساخن لاستقبال بلاغات مزوري ومزدوجي الجنسية. وستستمر الجمعية بتقديم بلاغاتها مع استعدادها لاستقبال أي شهادة وهمية أو مزورة للإبلاغ عنها حين يتعذر أو يخشى البعض فعل ذلك.
ونشدد على عدم اقتصار فحص الشهادات على موظفي الحكومة، بل يجب أن يشمل أعضاء اللجان التابعة لها، كالفنية والاستشارية والشرعية، وغيرها ممن لا يشملهم نطاق الفحص كموظفين، وكذلك فحص شهادات أعضاء مجلس الأمة، وموظفي مجلس الوزراء، واللجان الصادرة عنه، كإحدى تلك التي عيِّن فيها صاحب شهادة وهمية مزورة، ولدينا الدليل.
وبعد الشهادات ننتقل للهدف الثاني بالنظام الأساسي للجمعية، وهو «مكافحة الأبحاث الوهمية والمغشوشة والمسروقة وكل الممارسات التي من شأنها الإضرار بضبط جودة التعليم»، حيث تقوض الأبحاث والكتب المسروقة المؤسسات العلمية، وتستولي على حقوق الملكية الفكرية والمال العام، خصوصاً حين تستخدم للترقيات المضروبة والتفرغ العلمي الوهمي. والجمعية قد حاربت هذه الآفة، وتقدَّمت مرة بإنذار من المحكمة ضد وزير تعليم سابق لفصل رئيس قسم بإحدى الكليات، فتحقق ذلك، كما سنضع مشروع تجريمها بتشريعات صارمة على طاولة مجلس الوزراء لتطبَّق على الجميع، بما فيها الكليات الجامعية والتطبيقية، وخصوصاً بعض كليات «التطبيقي»، التي تُمارس فيها السرقة من أعلى الهرم إلى أسفله، والجمعية لديها الأدلة على ذلك.
لقد استشرت السرقة العلمية في الأبحاث والكتب والتقارير في بعض كلياتنا، ويعتبر النقل الكُلي أو الجزئي أو المحرّف لعبارات وصياغات وبيانات وخرائط ورسومات وتصاميم سرقة علمية، سواء كانت منشورة أو غير منشورة، حين يقوم بها آخرون دون توثيق المصدر الحقيقي لها.
ومن أنواع السرقة «الذاتية» حين يقتبس الباحث من عمله السابق من غير توثيق ذلك، كما تتضمن أيضاً شراء التأليف العلمي من آخرين، أو انتزاع جهودهم، كإرغام الأستاذ لطلبته دون ذكر أسمائهم، أو العكس حين يتم وضع أسماء أشخاص كباحثين بهتاناً من غير مساهمتهم، وتتشعب السرقة، لحد استخدام برامج الذكاء الاصطناعي دون مساهمة الباحث أو مؤلف الكتاب.
إنها رسالة لرئيس الوزراء، الذي نشكره على قرار فحص الشهادات التي لا تُعد الفساد الوحيد الذي ينخر في مؤسساتنا، فقد صار الوقت مواتياً لمحاربة جريمة السرقات العلمية في الكتب والأبحاث المسروقة.
*** إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.