ما وصل إلينا من تحليلات وآراء حول القرار الأميركي بإنشاء رصيف في ميناء غزة لإيصال المساعدات عبر الممر البحري الجديد والمنطلق من قبرص يظهر أن الرصيف الجديد سيربط بنقطة على البر وعلى الشاطئ عبر جسرين بطول 550 مترا مربعا، إلا أن مساحة الميناء تصل إلى 8 كلم مربع، وهذا يلفت إلى نقاط أهمها:

أولاً: خديعة كبرى وتضليل خطير يستهدف تصفية الشعب الفلسطيني، بتهجير سكان غزة إلى إفريقيا وتوطينهم هناك، تأتي السفن محملة بالطحين وتعود محملة بالفلسطينيين، المهم تقطيع أوصال القطاع وتهجير أكبر عدد ممكن من السكان (كانوا 180 ألفا وصاروا مليونين ونصف).

Ad

ثانياً: الهدف إقامة قاعدة عسكرية أميركية تخدم استدامة احتلال إسرائيل إلى غزة وتهجير أهلها، تمهيداً لبناء قناة بن غوريون التي تعتبر جزءاً من مشروع خط الحرير الهندي الأوروبي، وهذا ما يجعل الاستغناء عن استخدام قناة السويس ممكناً!

ثالثاً: تحييد حماس وقطع أي علاقة لها مع الفلسطينيين في غزة، بحيث يتم السيطرة على المساعدات الإنسانية من قبل إسرائيل وأميركا وعبر «جماعات» محسوبة على الاحتلال.

رابعاً: أكبر خدعة أميركية– إسرائيلية تمارسها إدارة بايدن على «حلفائها» العرب، إذ كيف يستقيم هذا الالتفاف على مشهد مئات الشاحنات المكدسة بالمساعدات ولا يسمح لها بالدخول عبر المنافذ البرية، ثم يقولون إن «الرصيف العائم» سيكون جاهزاً بعد 60 يوماً، في الوقت الذي تحصد المجاعة المئات يومياً من المرضى والأطفال وعدم توافر أي مواد غذائية تقيهم شر الموت البطيء.

خامساً: أميركا تضع عينها على ثروة الغاز في شواطئ غزة (2.5 تريليون متر مكعب من الغاز) وبالتالي فإن وجودها العسكري الدائم سيجعلها شريكة بالتنقيب والإنتاج، وسيحرم الشعب الفلسطيني من تلك الثروة.

سادساً: العمل على تقطيع أوصال قطاع غزة بين الشمال والجنوب والوسط، وبالدرجة الأولى قطع شريان تهريب الأسلحة والسلع والمواد من مصر إلى القطاع عبر الأنفاق.

في السياسة ليس هناك عمل خيري بريء، خصوصاً إذا كانت الدولة صاحبة المبادرة هي أميركا، وفي ظل رئيس يتفاخر بأنه صهيوني الانتماء، وعملية الإبادة والقتل الجماعي والتدمير الممنهج لقطاع غزة لم يكن ليحصل لولا الموافقة والتأييد والدعم الكاملين من الإدارة الأميركية، ولذلك ليس مستبعداً أن تتوافق أهداف إدارة بايدن مع إدارة نتنياهو بضرب «عصفورين بحجر واحد».

إسرائيل لها مصلحة في تفريغ قطاع غزة من أكبر عدد ممكن من سكانه، وأميركا مستعدة للتخلص من أي أثر أو نفوذ لحماس في القطاع، ولذلك ستجد نفسها في قائمة «المنتصرين» في المواجهة وتوظيف هذا «الانتصار» لمصلحة إدارة بايدن لكسب أصوات اليهود في انتخابات الرئاسة القادمة.