قال تقرير الشال الاقتصادي، إن وزارة المالية نشرت الحساب الختامي للسنة المالية 2021/2022 متأخراً أكثر من 3 أشهر عمّا اعتدناه، وفي ذلك مأخذ على تخلّف الكويت في فهم أهمية حداثة ودقة أرقام الاقتصاد الكلي، وهو ما ينطبق على كل الحسابات القومية، مثل الناتج المحلي الإجمالي والتضخم والسكان والعمالة، لافتاً إلى أنه من دون حداثة ووفرة في التفاصيل، ودقة تلك الأرقام، فإن الحديث عن الإصلاح لا معنى له.

وأكد التقرير أن كل فجوات الاقتصاد الهيكلية لا تزال قائمة، وتزداد، فلا إيرادات ضريبية توحي بنشاط إنتاجي اقتصادي مستدام، والواقع أن إيراد الضرائب والرسوم انخفض قليلاً في السنة المالية الفائتة، ولا تزال تركيبة الموازنة منذ عقود نحو 90 في المئة للإيرادات النفطية، ولا يزال ميزان العمالة غير مستدام، وأكثر من 83 في المئة عمالة مواطنة في القطاع العام.

ولفت إلى أن القراءة في ميزانية السنة المالية 2022/2023، لا تؤكد فقط استمرار تلك الاختلالات الهيكلية، بل تؤدي إلى توسعتها، موضحاً أن الاستقرار الاقتصادي والمالي وحتى النقدي، من منظور الدول ليس صورة فوتوغرافية لوضع في نهاية عام، بل خلاصة عملية إسقاط على مستقبل تلك المؤشرات تؤكد استدامتها على مدى طويل من الزمن.
Ad


وذكر أن الارتقاء بمستوى الإنتاجية يحتاج إلى الارتقاء بمستوى التعليم العام المتخلف في الكويت بنحو 4.8 سنوات عن المستوى المتواضع، وأن ضمان أمن المستقبل للمتقاعدين يتطلب استدامة المالية العامة المعتمدة كلياً تقريباً على بيع أصل زائل أو متقادم، أي النفط، وأي حديث عن الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في المستقبل في ظل الوضع الحالي هو مجرد وهم.

وأكد أنه مازال في الوقت متسع لإصلاح جذري، ومازالت احتمالات نجاحه كبيرة، لكن، عامل الوقت والوعي بتلك المتغيرات يحتاجان إلى استدارة سريعة تتبناها إدارة حكومية مدركة لمخاطر ضياع الوقت وأثره السلبي على نجاح أي مشروع إصلاحي.

وذكر «الشال» أن الكويت ليست مستثناة في الهبوط المتصل لمعدل زيادة أعداد السكان المواطنين، فقد بلغ ذلك المعدل نحو 3.8% في ثمانينيات القرن الفائت، وأصبح 3.7% في تسعينياته، ثم 3.2% في العقد الأول للألفية الثالثة، ثم 2.4% في العقد الثاني منه، وبلغ 2.0% في عام 2021.

وأوضح أن ذلك المعدل ظل ضعف المعدل العالمي في عام 2021، بينما يزداد في الوقت نفسه معدل التدفق إلى فئة المتقاعدين، مما يعني أن مسؤولية سلطات اتخاذ القرار في الكويت مضاعفة، فمن جانب، هناك ضرورة توفير ضعف المعدل العالمي لوظائف القادمين إلى سوق العمل، ومن جانب آخر، لا بد من ضمان أمان المتقاعدين في بلد أكثر من 83% من مواطنيه موظفو قطاع عام، تدفع الخزينة العامة مستحقاتهم المباشرة وغير المباشرة البالغة نحو 75% من الإنفاق العام، وتدفع الخزينة العامة أيضاً نحو ثلاثة أرباع مستحقات أقساط تأمين تقاعدهم.

وفي تفاصيل الخبر:

قال تقرير الشال الاقتصادي إن وزارة المالية نشرت أرقاماً إجمالية للحساب الختامي للسنة المالية 2021/2022، وجاء إعلانها متأخراً بأكثر من 3 أشهر عمّا اعتدناه، فقد تم إعلان أرقام الحساب الختامي للسنة المالية 2020/2021 في 7 أغسطس 2021 وفقاً لمواعيده السابقة، وتظل متأخرة، بينما نشرت الأرقام الحالية في 20 الجاري.

وفي ذلك مأخذ على تخلّف الكويت في فهم أهمية حداثة ودقة أرقام الاقتصاد الكلي، ذلك ينطبق على كل الحسابات القومية، مثل الناتج المحلي الإجمالي والتضخم والسكان والعمالة... إلخ، ومن دون حداثة ووفرة في التفاصيل، ودقة تلك الأرقام، كل الحديث عن الإصلاح لا معنى له.

ويذكر بيان وزارة المالية أن جملة إيرادات الموازنة الفعلية بلغت نحو 18.613 مليار دينار، وبلغت المصروفات الفعلية نحو 21.604 مليارا، وعليه أصبح العجز الفعلي نحو 2.991 مليار، انخفاضاً من عجز بنحو 10.773 مليارات للسنة المالية 2020/2021.

وأضاف «الشال»: كانت الكويت قد حققت عجزاً متراكماً بدءاً من السنة المالية 2015/2014 إلى السنة المالية 2021/2022 بلغ نحو 38.4 مليارا، مما تسبب في استنزاف كل سيولة الاحتياطي العام، واللجوء إلى الاقتراض من السوق العالمي.

وبيّن التقرير أن ترشيد النفقات لم يسهم في خفض عجز السنة المالية 2021/2022، فالنفقات العامة الفعلية زادت بنحو 311 مليونا، وما ساهم في خفض العجز هو زيادة الإيرادات بنحو 8.093 مليارات، ضمنها 7.427 مليارات زيادة الإيرادات النفطية، و666 مليونا نصيب زيادة الإيرادات غير النفطية، أي أن زيادة الإيرادات النفطية أسهمت بنحو 91.8 بالمئة في ردم العجز، ويظل أمرا طيبا أن تعمل وزارة المالية على زيادة مساهمة الإيرادات الأخرى.

ثماني سنوات من العجز المتراكم دفع إلى اللجوء للاقتراض من السوق العالمي، وأدى إلى نفاد كل سيولة الاحتياطي العام، إضافة إلى بيع أصول غير سائلة منه لاحتياطي الأجيال القادمة، ووقف تحويل الـ 10 بالمئة من جملة الإيرادات له، ولا شيء تغيّر في هيكلة السياسة المالية.

لا تزال كل فجوات الاقتصاد الهيكلية قائمة، وتزداد، لا إيرادات ضريبية توحي بنشاط إنتاجي اقتصادي مستدام، والواقع أن إيراد الضرائب والرسوم انخفض قليلاً في السنة المالية الفائتة، ولا تزال تركيبة الموازنة منذ عقود هي نحو 90 بالمئة للإيرادات النفطية، ولا يزال ميزان العمالة غير مستدام، وأكثر من 83 بالمئة عمالة مواطنة في القطاع العام.

تلك هي خلاصة دروس السنوات المالية الـ 8 العجاف الفائتة التي بلغت عجوزاتها المتراكمة نحو 38.4 مليارا، كما أسلفنا، وقراءة في ميزانية السنة المالية 2022/2023، ليست فقط تؤكد استمرار تلك الاختلالات الهيكلية، وإنما تؤدي إلى توسعتها.

والاستقرار الاقتصادي والمالي وحتى النقدي، من منظور الدول ليس صورة فوتوغرافية لوضع في نهاية عام، وإنّما خلاصة عملية إسقاط على مستقبل تلك المؤشرات تؤكد استدامتها على مدى طويل من الزمن.

معدل التدفق إلى فئة المتقاعدين في ازدياد مستمر

أفاد «الشال» في تقريره بأنه وفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ عدد سكان العالم أكثر قليلاً من 8 مليارات نسمة بتاريخ 15 نوفمبر الجاري، وكان عدد سكان العالم 7 مليارات نسمة قبل 12 عاماً، أي أن العالم أضاف مليار نسمة إلى عدد السكان في تلك السنوات القليلة، أو ما نسبته نحو 14.3%.

في التفاصيل، تحقق ذلك رغم أن معدلات النمو لسكان العالم في هبوط متصل من أكثر من 2% سنوياً في النصف الأول من ستينيات القرن الفائت، إلى نحو 1% في بداية العقد الحالي، ومن المتوقع لها الهبوط إلى نحو 0.8% بحلول عام 2050. وتتوقع الدراسة أن تصبح الهند الأعلى في عدد سكانها في العالم عندما تتفوق على الصين في عام 2023 رغم أن مسار هبوط معدل نموها السكاني مرجح أن يصل إلى أدنى من معدل نمو سكان العالم للفترة 2020- 2040 المقدر بنحو 0.8%، بينما للهند بحدود 0.7%.

مثار قلق الدراسة، ليست حجم السكان أو عددهم، إنما الأعمار، فالتركيبة العمرية للسكان سوف تميل وبشدة للفئات العمرية الأعلى خلافاً للسابق، فمعدل عمر الإنسان كان في عام 1913 نحو 34 عاماً، وأصبح في عام 2022 نحو 72 عاماً، وربما كان أعلى بسنتين قبلها، لكن فقدان حياة نحو 15 مليون نسمة بسبب مباشر أو غير مباشر لجائحة كورونا، هبط بذلك المعدل، ومن المقدر أن يعاود الارتفاع ليبلغ 77 عام بحلول عام 2050.

وفي منتصف أربعينيات القرن الفائت، كان عدد السكان أقل من 15 سنة نحو 7 أضعاف عدد السكان بعمر 65 سنة وأعلى، والتوقعات تشير إلى أن الفئتين سوف تصبحان متساويتين بحلول عام 2050.

هذا التغيير الجوهري في التركيبة العمرية للسكان سوف يؤدي إلى ارتفاع عدد الدول التي تشكو من تناقص عدد السكان من 41 دولة في العام الجاري 2022، إلى 88 دولة بحلول عام 2050.

ذلك قد يعني أن العالم بات يحتاج إلى نحو 20 سنة حتى يضيف ملياراً آخر إلى عدد سكانه وليس 12 عاماً، خلالها ترتفع نسب السكان ممن هم بحاجة للإعالة، وينخفض عدد السكان في سن النشاط الاقتصادي.

وتنصح الدراسة بالاستثمار في رأس المال البشري وتحديداً العلوم الحديثة مع تركيز على التعليم العام حتى المرحلة الثانوية على أمل الارتقاء بمستوى الإنتاجية لتعويض ما يفتقد باختلال التركيبة العمرية.

والكويت ليست استثناء في الهبوط المتصل لمعدل زيادة أعداد السكان المواطنين، فقد بلغ ذلك المعدل نحو 3.8% في ثمانينات القرن الفائت، وأصبح 3.7% في تسعيناته، ثم 3.2% في العقد الأول للألفية الثالثة، ثم 2.4% في العقد الثاني منه، وبلغ 2.0% في عام 2021.

ويظل ذلك المعدل ضعف المعدل العالمي في عام 2021، بينما يزداد في الوقت نفسه معدل التدفق إلى فئة المتقاعدين، ما يعني أن مسؤولية سلطات اتخاذ القرار في الكويت مضاعفة، فمن جانب، هناك ضرورة توفير ضعف المعدل العالمي لوظائف القادمين إلى سوق العمل، ومن جانب آخر، لا بد من ضمان أمان المتقاعدين في بلد أكثر من 83% من مواطنيه موظفي قطاع عام، تدفع الخزينة العامة مستحقاتهم المباشرة وغير المباشرة البالغة نحو 75% من الإنفاق العام، وتدفع الخزينة العامة أيضاً نحو ثلاثة أرباع مستحقات أقساط تأمين تقاعدهم.

والارتقاء بمستوى الإنتاجية كما يذكر التقرير يحتاج إلى الارتقاء بمستوى التعليم العام المتخلف في الكويت بنحو 4.8 سنوات عن المستوى المتواضع، وضمان أمن المستقبل للمتقاعدين يتطلب استدامة المالية العامة المعتمدة كلياً تقريباً على بيع أصل زائل أو متقادم، أي النفط، وأي حديث عن الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في المستقبل في ظل الوضع الحالي هو مجرد وهم.

ومازال في الوقت متسع لإصلاح جذري، ومازالت احتمالات نجاحه كبيرة، لكن، عامل الوقت والوعي بتلك المتغيرات يحتاجان إلى استدارة سريعة تتبناها إدارة حكومية مدركة لمخاطر ضياع الوقت وأثره السلبي على نجاح أي مشروع إصلاحي.