نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية عن مسؤولين اميركيين وآخرين من النيجر قولهم إن قرار السلطات العسكرية الحاكمة في النيجر إنهاء اتفاقية عسكرية مع واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب، جاء بعد أن اتهم مسؤولون أميركيون كبار المسؤولين في المجلس العسكري الحاكم بالبحث سراً في اتفاق يسمح لإيران بالوصول إلى احتياطيات النيجر من اليورانيوم.
وبحسب الصحيفة، وجه إعلان المتحدث باسم المجلس العسكري النيجري بإنهاء التعاون العسكري مع الولايات المتحدة ضربة خطيرة لجهود إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن لاحتواء التمرد الإسلامي المترامي الأطراف في منطقة الساحل، كما انه قد يؤثر على القاعدة التي بنتها الولايات المتحدة بقيمة 110 ملايين دولار في النيجر وتستخدم لتحليق طائرات المراقبة بدون طيار فوق غرب إفريقيا، كما يؤدي ذلك إلى انسحاب أكثر من 600 جندي أميركي مازالوا متمركزين في النيجر.
وكان المسؤولون الأميركيون يعملون على إنقاذ علاقتهم مع النيجر المنتج السابع لليورانيوم في العالم في عام 2022، منذ أن أطاح الجيش بالرئيس المنتخب محمد بازوم في انقلاب بيوليو، مما أدى إلى فرض قيود على المساعدات العسكرية بموجب القانون الأميركي. ويعمل المجلس العسكري على توطيد العلاقات مع روسيا ومع اثنتين من جاراتها، مالي وبوركينا فاسو، اللتين يحكمهما أيضًا جنرالات متحالفون مع موسكو.
لكن في الأشهر الأخيرة، قال مسؤولون أميركيون وغربيون آخرون إنهم حصلوا على معلومات استخباراتية تشير إلى أن المجلس العسكري في نيامي يدرس أيضًا إبرام صفقة مع إيران من شأنها أن تمنح طهران إمكانية الوصول إلى بعض احتياطيات اليورانيوم الهائلة في النيجر. وقال مسؤولون غربيون في فبراير إنه تم توقيع اتفاق مبدئي. ووصلت هذه المخاوف إلى ذروتها خلال الأسبوع الماضي، عندما سافرت مولي في، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، إلى نيامي لإجراء محادثات مع المجلس العسكري.
وخلال الاجتماعات، أثار الوفد الاميركي قلق واشنطن من صفقة يورانيوم مع إيران، وانتقد عدم إحراز تقدم في إعادة النيجر إلى حكومة مدنية منتخبة وأثار مخاوف أميركية بشأن الوصول الوشيك للمدربين والمعدات العسكرية الروسية.
وخلال اعلانه الغاء الاتفاقية مع واشنطن نفى أمادو عبدالرحمن المتحدث باسم المجلس العسكري «الادعاءات الكاذبة التي أطلقتها رئيسة الوفد الأميركي بشأن توقيعها اتفاقا سريا بشأن اليورانيوم مع إيران»، واتهم واشنطن بمحاولة منع النيجر من اختيار شركائها الدبلوماسيين والعسكريين.
وتتمتع الولايات المتحدة بتاريخ حساس فيما يتعلق بالاستخبارات المتعلقة باحتياطيات اليورانيوم في النيجر. أثناء دفاعها عن غزو العراق، استشهدت إدارة جورج دبليو بوش بمعلومات استخباراتية، والتي فقدت مصداقيتها فيما بعد، مفادها أن حكومة صدام حسين حاولت شراء أكسيد اليورانيوم، المعروف أيضًا باسم «الكعكة الصفراء»، من النيجر لاستخدامه في عملياتها في اطار برنامج للأسلحة النووية.
وأشار عبدالرحمن إلى ذلك قائلا: «هذا النهج الساخر، الذي يستخدم عادة لتشويه سمعة الدول وشيطنتها وتبرير التهديدات ضد الدول، لا يمر دون التذكير بمثال حرب العراق الثانية. في الواقع، لا يزال النيجريون والمجتمع الدولي برمته يتذكرون الأدلة الكاذبة التي لوح بها وزير الخارجية الأميركي أمام مجلس الأمن لتبرير العدوان الأميركي على العراق».
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين عسكريين أميركيين، يشعرون بالقلق من فقدان حليف يقع في مركز التمرد الإقليمي العنيف، إنهم يأملون أن يسمح المجلس العسكري للقوات الأميركية بالبقاء في البلاد.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن هذا «يثير التساؤل» حول كيفية قيام الولايات المتحدة بتعديل نهجها تجاه غرب إفريقيا.
وأفادت وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، أمس، بأنه بعد أسابيع من التشاحن حول إنهاء عمل بعثة الاتحاد الأوروبي المدنية لبناء القدرات في النيجر، تمكنت رئيسة البعثة كاتيا دومينيك من مغادرة النيجر الواقعة غرب إفريقيا.
ووصلت دومينيك، وهي من ألمانيا، ورئيس عمليات البعثة مادس باير، وهو من الدنمارك، إلى بروكسل، أمس الأول، بعدما أصبح من غير الواضح في البداية متى سيتمكنان من مغادرة النيجر، وسط إشارات من بعض الدبلوماسيين إلى أنهما قد يُمنعان من المغادرة.
ونفت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة الماضي، تقارير تفيد بأن السلطات أصدرت حظرا رسميا على سفر دومينيك وباير، لكنها لفتت إلى «الوضع الدقيق الحالي على الأرض».
وكان لدى بعثة الاتحاد الأوروبي المدنية لبناء القدرات في النيجر 120 موظفا في البلاد لدعم قوات الأمن في مكافحة المخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر. لكن في أعقاب الانقلاب الذي وقع في يوليو من العام الماضي، قررت الحكومة العسكرية المؤقتة إلغاء عمل البعثة الذي بدأ قبل 11 عاما.
وكان مقررا في البداية أن تغادر البعثة الأوروبية بحلول مايو، لكن جرى تسريع الانسحاب، بعد أن اتهما المجلس العسكري في فبراير بعملية نقل أسلحة غير مصرّح بها.