إيران: صفقة جنّبت نائب رئيس السلطة القضائية المحاكمة بتهمة الفساد
نجلا مصدق حصلا على رشاوى بالمليارات وهرّباها للخارج بتسهيلات من والدهما
كشف مصدر رفيع المستوى في السلطة القضائية الإيرانية أن نائب رئيس هذه السلطة محمد مصدق كهنموئي، قدم استقالته الأسبوع الماضي بموجب صفقة مع رئيس السلطة غلامحسين محسني أجآئي، تجنبه المحاكمة بتهمة الفساد.
وكان جهاز استخبارات الحرس الثوري، بالتعاون مع جهاز أمن السلطة القضائية، اعتقل محمد صادق مصدق وأمير حسين مصدق، نجلي محمد مصدق، منذ نحو تسعة أشهر بتهم الفساد.
وأعلن مصدق الأب، الذي لا تربطه أي صلة بمحمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني السابق إبان حكم الشاه، منذ أسبوع فقط استقالته بذريعة تضارب المصالح وحتى لا يعرقل وجوده في المنصب التحقيقات مع نجليه، وهو ما أثار تساؤلات بشأن توقيت الاستقالة، وسبب عدم تقديمها في الأشهر الماضية.
وكانت الأجهزة الأمنية الإيرانية اعتقلت 12 قاضياً ومديراً كبيراً في السلطة القضائية، بعد إثبات ضلوعهم في ملف الفساد المتورط فيه نجلا مصدق.
وبحسب المعلومات، فقد قُدمت وثائق لرئيس السلطة القضائية تبين أن بعض الموقوفين اعترفوا بأن مصدق كان بالحد الأدنى على علم ببعض قضايا الفساد ويتغاضى عنها إن لم يكن ضالعاً فيها.
ومصدق شغل بعد الثورة منصب المدعي العام للبلاد ورئيس المحكمة الإدارية والمدعي العام للقوات المسلحة قبل أن يشغل منصب نائب رئيس السلطة القضائية، وكان يعتبر من أكثر الشخصيات القضائية قدرة ونفوذاً في البلاد.
وكانت أجهزة استخبارات الحرس الثوري تحقق مع تاجر يدعى محمد رستمي صفا منذ عام 2013 بسبب إخراجه من البلاد ما يصل إلى مليارَي دولار من أموال حصل عليها بالتسعيرة الحكومية لاستيراد قطع لمعمل وهمي.
وتم الحكم على رستمي بالسجن وإلزامه بإعادة المال، إلى جانب دفع غرامة تصل إلى 181 مليون يورو، وحتى 2022 لم يتمكن من إعادة المال ودفع الغرامة، وفي النهاية اعترف بأنه دفع ما يصل إلى 50 مليون دولار حينها للأخوين مصدق حتى يقفلا ملفه القضائي، وهو ما لم يحدث.
بعد هذه الفضيحة، توالت الاتهامات ضد الأخوين مصدق، وتبين أنهما كانا يتلقيان رشاوى بشكل منتظم في قضايا فساد.
وعلى الرغم من التأكيد بعد توقيفهما أن والدهما لم يكن على علم بأفعالهما، كشف المصدر القضائي، لـ «الجريدة»، أن التحقيقات الأولية تظهر أنهما استفادا من أوامر قضائية أصدرها والدهما، تسمح لهما بإخراج الأموال من المطارات دون تفتيش، لنقل مجمل المبالغ التي حصلا عليها من الرشاوى إلى تركيا ومنها إلى كندا والولايات المتحدة، حيث استثمرا تلك الأموال في شراء العقارات والأسهم في شركات أوروبية وأميركية.
وحسب المصدر، أظهرت التحقيقات كذلك أن الأخوين مصدق حصلا من والدهما بشكل متكرر على توصيات للقضاة لتسهيل التعامل مع بعض الأشخاص المتهمين في ملفات فساد لإطالة آمد التحقيقات في القضايا المتهمين بها إلى ما لا نهاية.
وقال إن بعض القضاة الذين تم توقيفهم في القضية أكدوا أنهم حصلوا على هذه التوصيات وعملوا عليها على أساس أنها صادرة من المرشد الأعلى علي خامنئي أو رئيس السلطة القضائية، ومصدق هو فقط نقلها إليهم.
وتعتبر مشكلة الفساد المستشري في إيران من أكبر المشاكل التي تواجهها البلاد، وتشكل فضيحة وصول الفساد إلى منزل نائب رئيس السلطة القضائية الذي يعد أحد أرفع الرموز القضائية منذ الثورة، إحراجاً للرئيس إبراهيم رئيسي الذي رفع شعار محاربة الفساد خلال حملته الانتخابية الرئاسية، لكن يتبين يوماً بعد يوم أن السلطة القضائية التي كان يرأسها قبل وصوله إلى الرئاسة هي من أكبر بؤر الفساد في البلاد.