يواجه تطبيق «تيك توك» خطر الحظر في الولايات المتحدة، بعد إقرار مشروع قانون ضد التطبيق في مجلس النواب الأميركي.
ويستمر تطبيق الفيديوهات القصيرة في إثارة قلق بعض الحكومات حول العالم، رغم المحاولات الحثيثة من إدارة الشركة لنفي الاتهامات الموجهة للتطبيق.
تحرك أميركي للحظر
وأقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون من شأنه حظر استخدام تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة.
ومرر المجلس مشروع القانون بأغلبية 352 صوتاً لمصلحة قرار الحظر، مقابل رفض 65 عضواً، منهم 50 من أعضاء الحزب الديموقراطي و15 من الجمهوريين.
ومن شأن مشروع القانون أن يحظر تطبيق الفيديوهات القصيرة من متاجر التطبيقات الأميركية، ما لم يتم فصل «تيك توك» عن شركة «بايت دانس» الصينية المالكة له.
ويمنح مشروع القانون شركة «بايت دانس» مهلة تقارب ستة أشهر لبيع أعمال «تيك توك» في الولايات المتحدة، وإلا سيكون من غير القانوني لمشغلي متاجر التطبيقات مثل «آب ستور» و«غوغل بلاي» إتاحة التطبيق للتنزيل على جوالات الأميركيين.
ولا يزال مشروع القانون بحاجة لموافقة مجلس الشيوخ من أجل رفعه للرئيس جو بايدن الذي أشار سابقاً إلى أنه سيوقع على القرار لتحويله لقانون فعلي في حال تم تمريره من مجلس الشيوخ.
وقال النائب مايك غالاغر رئيس اللجنة المعنية بالصين في مجلس النواب، إن «تيك توك» يمكن أن يستمر في العمل بشرط فصل أعماله في الولايات المتحدة، مشدداً على أن القرار لا يستهدف الحظر إنما تعديل آلية المنصة.
لماذا تتصاعد المخاوف؟
واكتسب تطبيق الفيديوهات القصيرة شعبية كبيرة بعد إطلاقه في عام 2017، حيث تجاوز سريعاً «فيسبوك» و«إنستغرام» و«سناب شات» و«يوتيوب» من حيث عمليات التنزيل في 2018.
كما شهد «تيك توك» زيادة تُقدر بنحو 45% في عدد المستخدمين النشطين في الفترة بين يوليو 2020 ويوليو 2022.
وتسببت شعبية تطبيق «تيك توك» المتصاعدة بقوة في إثارة مخاوف المشرعين في الولايات المتحدة وعدة دول أخرى حول العالم.
ويرى أعضاء الكونغرس الأميركي المؤيدين لحظر تطبيق «تيك توك» أن تطبيق الفيديوهات القصيرة يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي.
ويعتقد المشرعون الأميركيون أن الحكومة الصينية قد تستخدم قوانينها الخاصة ضد الشركة الصينية المالكة للتطبيق «بايت دانس» لإجبارها على تسليم بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة.
دفاع وتدابير للتهدئة
من جانبها، نفت «تيك توك» مراراً وجود أي صحة للمخاوف الأميركية بشأن خصوصية البيانات الخاصة بالمستخدمين الأميركيين.
وذكرت الشركة أن بيانات مستخدميها الأميركيين ليست محفوظة في الصين، وإنما يتم الاحتفاظ بها في سنغافورة والولايات المتحدة.
وتدير شركة «أوراكل» الأميركية مركزًا للبنية التحتية لبيانات مستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، كما افتتحت الشركة مركز بيانات في أيرلندا للتعامل مع بيانات مواطني الاتحاد الأوروبي.
ولم تُرضِ هذه التدابير المشرعين الأميركيين، حيث واجه الرئيس التنفيذي لـ«تيك توك» جلسة استجواب في الكونغرس الأميركي في مارس 2023 بشأن ممارسات التطبيق.
وبعد قرار مجلس النواب الأميركي، قال متحدث باسم «تيك توك»: «نأمل في أن ينظر مجلس الشيوخ للحقائق، ويستمع إلى الناخبين، ويدرك تأثير القرار على الاقتصاد و7 ملايين شركة صغيرة و170 مليون مستخدم أميركي لخدماتنا».
كما حذر الرئيس التنفيذي للشركة «شو زي تشيو» أنه في حال تحويل مشروع القانون إلى تشريع، فإن الأمر سيؤدي إلى خسائر مادية كبيرة للمبدعين والشركات الصغيرة، مشدداً على أن شركته ستمارس حقها القانوني لمنع الحظر.
ويمنح مشروع القانون «تيك توك» حوالي 165 يوماً لتقديم طعن قانوني بعد توقيعه من الرئيس «بايدن».
هل يتحقق الحظر الأميركي؟
ويسيطر عدم اليقين على مسار مشروع القانون بعد إحالته إلى مجلس الشيوخ الأميركي.
ولم يُبدِ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي «تشاك تشومر» التزاماً بالخطوة المقبلة تجاه «تيك توك».
واكتفى «شومر» بالإشارة إلى أن مجلس الشيوخ سيراجع مشروع القانون الذي تم إقراره من جانب مجلس النواب الأميركي.
كما يفضل بعض المشرعين في مجلس الشيوخ اتخاذ نهج مختلف لتنظيم التطبيقات الأجنبية والتي تثير مخاوف أمنية.
وقالت السيناتورة الديموقراطية ماريا كانتويل رئيسة إحدى اللجان الرئيسية في مجلس الشيوخ إن الأمر يشكل معضلة، فمن جهة، ترغب الولايات المتحدة في الحفاظ على الرأي الحر، لكن من جانب آخر، تسعى واشنطن لامتلاك القدرة على حماية مواطنيها.
وتبرز إحدى العقبات الرئيسية أمام حظر التطبيق في أن مشروع القانون لا يحظى بشعبية كبيرة لدى مستخدمي «تيك توك» والذي يعتبر معظهم من الناخبين الشباب والذين يمكن أن يكون لهم تأثير كبير في الانتخابات الأميركية في نوفمبر المقبل.
ونشر بعض مستخدمي «تيك توك» مقاطع مصورة تظهرهم وهم يتصلون بممثليهم في الكونغرس قبل إقرار مجلس النواب لمشروع القانون ويهددون بالتصويت لمرشحين آخرين إذا صوتوا لتمرير القرار.
وأشار رئيس الهيئة القضائية في مجلس الشيوخ «ديك دوربين» إلى أنه يمتلك بعض المخاوف بشأن دستورية مشروع القانون.
كما حذر «دوربين» من أن إقرار مشروع القانون قد يكون له تداعيات سياسية قبل انتخابات 2024، مشيرًا إلى أن استبعاد مجموعة كبيرة من الناخبين الشباب لا يعتبر استراتيجية جيدة لإعادة الانتخاب.
وقبل الانتخابات الأميركية المرتقبة في نوفمبر، عدل الرئيس الأميركي الأسبق «ترامب» رؤيته بشأن «تيك توك»، حيث انتقد أخيراً قرار مجلس النواب بحظر التطبيق، بعد أن كان قد حاول إبان ولايته وقف عمل التطبيق.
لكن بعد قرار مجلس النواب، قال وزير الخزانة الأميركي الأسبق «ستيف مونشن» إنه يعمل على جمع تحالف من المستثمرين لتقديم عرض لشراء تطبيق «تيك توك»، لكنه لم يكشف عن تفاصيل التمويل.
ومن شأن أي صفقة محتملة أن تكون باهظة التكلفة، حيث إن تطبيق مضاعف إيرادات مماثلاً لشركة «ميتا» قد يقدر قيمة أعمال «تيك توك» في الولايات المتحدة لما يصل إلى 150 مليار دولار، بالإضافة إلى ضرورة موافقة الصين على صفقة الاستحواذ.