رياح وأوتاد: تصريحات النواب في هيئة مكافحة الفساد
استدعت هيئة مكافحة الفساد عدداً من النواب السابقين الذين صدرت من آحادهم تصريحات عن رشاوى كانت ستقدم للتصويت على قانون معيَّن، ومعلومات عن وزراء قاموا بتحويل أموال الوزارات إلى حساباتهم الشخصية، ومعلومات عن تقديم مال سياسي في الانتخابات، ومعلومات عن فساد شخصيات ومسؤولين، ووجَّهت لهم الهيئة أسئلة مباشرة عن أسماء الجهات التي عرضت الرشوة، والمعلومات التي تناولتها تصريحاتهم، ولماذا لم يتم إبلاغ النيابة في وقتها؟ وما الدليل على تحويل الوزراء الأموال إلى حساباتهم؟ وهل عندهم أي مستندات تساعد الهيئة على التحقق من هذه المعلومات؟
وكانت إجابة مَنْ حضر منهم عن هذه الأسئلة، هي: ليس عندي دليل مادي، والعروض كلها كانت شفوية، ولم أبلغ النيابة، ولا أذكر مَنْ كان وراءها، وليس عندي أي مستندات أو إثبات أو أسماء!
ولما كانت هذه إجاباتهم، فلماذا صرَّحوا إذاً؟ وشخصياً لا أستطيع أن أجزم بأن ما صرَّح به هؤلاء مجرَّد اختلاق وكذب، أو رغبة لجذب الانتباه في الانتخابات وحصد الأصوات، أو أنه خطأ ونتيجة للتسرع في التصريح بكل ما ينقل لهم من أحاديث غير موثقة، لكنني أستطيع الجزم بأن تصريحاتهم كانت خطأ كبيراً.
فشرعاً لا يجوز لأي مسلم أن يصرح بما لا يستطيع إثباته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الكذب أن يحدِّث بكل ما سمع»، وحتى إذا فرضنا حُسن نيتهم، فلن يتحقق بها أي إصلاح، لأنها اتهام بغير دليل. وعلى العكس، فقد أساءت تصريحاتهم إلى بلدهم الكويت، وكانت من أسباب التحريض على جهات معينة، وكثيراً ما أدت مثل هذه التصريحات إلى البلبلة والإساءة للآخرين، مما يحتم العمل على مكافحتها، رأفةً ببلدنا الصغير، الذي يجري تفتيته بمختلف العصبيات والأكاذيب والتحريض والانقسام.
كان على هؤلاء وجميع مَنْ يريدون التصريح بمثل هذه التصريحات من الناشطين والمرشحين، التي تشير إلى حوادث محددة أو انحراف أشخاص أو أخبار عن وقوع حالات من الفساد، أن يتحروا الدقة عن المعلومات قبل نشرها، وإذا قدَّروا أنها تحمل قدراً من الصحة، فعليهم الحصول على الأدلة والمستندات أو القرائن، وبناءً عليها يجب التوجه إلى النيابة العامة أو هيئة مكافحة الفساد، أما التصريح بغير هذه الضوابط، فأخشى أن يكون خطأ شرعياً، وقد يعرضهم للمساءلة القانونية.