عيد النوروز له علاقة أزلية وثيقة بثقافة جمهورية طاجيكستان وهو عبارة عن كلمتين بسيطتين «نو» و«روز» وتعني بالطاجيكية «اليوم الجديد» وقد عُرّبت قديماً وظهرت في المعاجم التراثية العربية مثل لسان العرب«باسم النيروز».
وهذه المناسبة القديمة تُحدد اليومَ الأولَ من فصل الربيع وتجددَ الطبيعة، وهو من أقدم أعياد رأس السنة في العالم، وأنه يُصادف يومَ الاعتدال الربيعي أي 21 من شهر مارس، فمنذ آلاف السنين والشعب الطاجيكي يحتفل بعيد النوروز وفقاً لتقاليده الخاصة.
والنوروز بكل عاداته وطقوسه، أكبرُ بكثيرٍ من مجرد تاريخ في التقاويم الطاجيكية، فهو يحمِل ثقافةً عميقةَ الجذور، تجلِب الأمل والسلام والرخاء لملايين البشر في مختلف أرجاء المعمورة، بصرف النظر عن أعراقهم أو آرائهم السياسية والدينية.
وهذا العيد يولد طائفة واسعة من أشكال التعبير الثقافي مثل سفرة «هفت سين» أي مائدة السينات السبع، وهي السفرة التقليدية التي تُحضر لإحياء عيد النوروز وهي عبارة عن سبعة أشياء خاصة تبدأ بحرف السين، أو إعداد وجبات خاصة، مفعّمة بروح التجديد، كالسُمَنَك والتي ترمُز للوفرة والبركة، أو أناشيد، أو حكايات عن الملك الأسطوري جمشيد وغيرها.
وتلك التجليات المختلفة تنقل لروح النوروز الرسالةَ نفسَها، ألا وهي رسالة التضامن الإنساني والأمل والتجديد، في جميع أرجاء العالم، وأن هذا العيد هو تذكير بأن مصيرَنا واحد، لذا يجِب أن نعمل من أجل مستقبلٍ أفضل للجميع.
ويكتسب عيد النوروز أهميةً كبرى، حيث عام 2009 م أُدرج في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية يمثّل قيمةً عالميةً للإنسانية بفضل الجهد المشترك من دول المنطقة الذي كان وراء تلك الخطوة.
بدورها، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 253/64، يوم 21 من مارس يوماً دولياً للنوروز، وذلك بناءً على مبادرة قدمتها في عام 2010 عدة دول ومن ضمنها جمهورية طاجيكستان بغرض مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبه.
ويضطلع هذا العيد، بوصفه تجسيداً لوحدة التراث الثقافي ولتقاليد تعود إلى قرون عديدة، بدور هام في تعزيز الروابط بين الشعوب على أساس الاحترام المتبادل ومُثل السلام وحسن الجوار.
كما أن الأسس التي تقوم عليها تقاليد نوروز وطقوسه تجسد جوانب من العادات الثقافية والتاريخية لحضارات الشرق والغرب التي أثرت في الحضارات من خلال تبادل القيم الإنسانية.
النوروز هو مهرجان الإحياء والبعث على كوكبنا وفي أرواحنا وكما يقول أحد الشعـراء العرب الكبار القدامى:
وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى
أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما
يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ
يَبُثُّ حَديثًا كانَ أَمسِ مُكَتَّما