الجودة الشاملة والتخطيط الاستراتيجي

نشر في 22-03-2024
آخر تحديث 21-03-2024 | 17:08
 عبدالرحيم ثابت المازني

يعد التخطيط الاستراتيجي مرحلة مهمة وأساسية من مراحل العملية الإدارية كونه يمثل أسلوب التفكير ودراسة الواقع والتنبؤ بالمستقبل والمفاضلة بين أنواع العمل وطرقه، وذلك من أجل اختيار البديل الملائم وفقا للإمكانات المتاحة بما يتناسب وطبيعة الأهداف التي ترغب المنظمة في تحقيقها، وقد شاع استعمال التخطيط الاستراتيجي على نطاق واسع في المنظمات على اختلاف أنواعها وأنشطتها وأهدافها، إذ إن التجربة العملية للتخطيط الاستراتيجي أثبتت أن المنظمة التي تخطط استراتيجيا تتفوق في أدائها على المنظمات التي لا تخطط استراتيجيا.

وتماشيا مع وجود توجه لدى إدارة المنظمات في الاعتماد على التخطيط الاستراتيجي فإن هذه المنظمات بدأت تطبق مبادئ إدارة الجودة الشاملة، كونها أحد الأساليب التي تتبعها المنظمات لمواجهة تحديات البيئة التي تحيط بها، كما أن مبادئ إدارة الجودة الشاملة تركز على ضرورة التحسين باستمرار مع التطور في الأداء بشكل يجعل المنظمة تواجه وتتغلب على جميع التحديات التي تقف في طريقها، فضلا عن تلبيتها جميع متطلبات العميل أو من تعمل من أجله المنظمة.

وإنني كباحث دكتوراه في مجال التخطيط الاستراتيجي واقتصادات التعليم، وحاصل على الماجستير في الإعلام التربوي، أرى ضرورة ملحة للربط بين هذين المجالين لتحسين وتحقيق الجودة الشاملة وتحقيق مبدأ توفير النفقات على التعليم.

قدمت في رسالة ماجستير لوزير التربية والبحث العلمي السابق رؤية ستحقق تخفيف الأعباء على الوزارة وولي الأمر معا لمواجهة الدراسة التقليدية بكل سلبياتها نظراً لتطوير الأساليب التكنولوجية من جانب، وارتفاع نفقات التعليم والتوسع فيه من جانب آخر، أو لظهور أوبئة وأمراض تفرض توقف الدراسة التقليدية، أو لظهور مدارس المستقبل التي تعتمد على التعليم عن بعد، كل ذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بالتخطيط الاستراتيجي، ويفرض على الوزارة وضع الخطط التي تدرس البيئة الداخلية وما فيها من جوانب قوة وضعف، والبيئة الخارجية وما تعانيه من تهديدات، وما تتميز به من فرص، لنعد دراسات تشمل خططا تنفيذية هادفة تعتمد على إحدى الطرق المتبعة في التخطيط الاستراتيجي، سواء التوسع والنمو، أو التطوير والتحسين، أو الثبات والاستقرار، أو التقليل والانكماش.

وشعرت بحالة من التفاؤل بعد سلسلة من المقالات تتحدث عن مشاكل التربية والذكاء الاصطناعي لأجد خطط وزير التربية الحالي العدواني تركز على التعليم عن بعد والعودة لبرنامج «تيمز» لنشر ثقافة التعليم عن بعد، وحسنا فعل معالي الوزير، إذ استغل التقدم التكنولوجي وتوافر الأجهزة ووجود رصيد كاف من المعرفة لدى المعلم والطالب في استخدام التكنولوجيا، أي أن عناصر القوة موجودة، ثم خارج المدرسة الأجهزة والإنترنت متوافرة في جميع المنازل.

أما ثقافة التعليم عن بعد فما زالت ضعيفة أو غير مفعلة، وهنا تمثل تهديدا، وعدم اقتناع بعض الإدارات بالتعليم عن بعد، وتمثل عناصر ضعف، ويأتي دور الوزارة في التدرج بعملية التطبيق بيوم واحد، وتدريس الذكاء الاصطناعي ونشر ثقافة التعليم عن بعد حتى نصل لمرحلة اقتناع ولي الأمر والإدارة والطالب بضرورة تفعيل التعليم عن بعد، لأنه سيكون ضرورة ملحة في المستقبل، وقد يكون طوق النجاة للوزارة في أوقات الخطر، ويقلل من النفقات على التعليم، وفرصة لولي الأمر لاستغلال وسائل التكنولوجيا المختلفة لتخفيف أعباء الدروس الخصوصية.

رؤيتي في هذا المجال شاملة، وأرغب أن تنفذ تنفيذا جيدا يسمح باستغلال كل الإمكانات لتحقيق الجودة الشاملة في العملية التعليمية بما يضمن تعليماً جيداً وأجيالاً قادرة على العطاء بشكل أفضل ومبدع، ومؤسسات متميزة في العطاء وعالية في الإنتاجية.

back to top