طالبت 6 دول عربية من واشنطن الضغط على إسرائيل للسماح بأن تعمل السلطة الفلسطينية في قطاع غزة بعد الحرب، وذلك في إطار ورقة عربية سياسية عربية قدّمتها اللجنة السداسية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي زار القاهرة أمس، قادماً من السعودية.
وكانت مصادر قد كشفت، أمس الأول، أن اللجنة السداسية العربية، التي تضم السعودية ومصر والإمارات والمغرب وفلسطين والجامعة العربية، ستقدم ورقة سياسية لبلينكن حول وقف الحرب في غزة، واليوم التالي لانتهاء الحرب واستئناف عملية السلام على أساس قيام دولة فلسطينية مستقلة.
مشروع قرار أميركي
جاء ذلك، فيما كشف بلينكن عن تقديم قرار لمجلس الأمن يطالب إسرائيل وحركة حماس بوقف إطلاق النار فوراً، والإفراج عن جميع الرهائن. وقال بلينكن، خلال زيارته إلى السعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، لبحث التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس ومناقشة الأزمة الإنسانية وزيادة المساعدات، «قدّمنا المشروع بالفعل، وهو معروض الآن أمام مجلس الأمن، ونأمل بشدة أن يلقى دعما من الدول»، مؤكداً أنه «سيبعث برسالة قوية، بمؤشر قوي».
ومنذ استخدام إدارة بايدن «الفيتو» ضد مشروع الجزائر لوقف النار أواخر فبراير، أجرى مسؤولون أميركيون مباحثات على نصّ بديل يركز على هدنة 6 أسابيع لقاء الإفراج عن المحتجزين لدى «حماس».
مفاوضات قطر
وتزامناً مع استمرار المباحثات الجارية في قطر حول صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس، أكد بلينكن أن «الفجوات تضيق، والاتفاق أصبح ممكنا جداً». وأكد مسؤول إسرائيلي بالفعل أن هناك نافذة لاتفاق. وينتظر الجميع الآن رد «حماس» على عرض إسرائيلي يقوم على أساس هدنة لمدة 6 أسابيع مقابل الإفراج عن 40 من المحتجزين الإسرائيليين الذين تحتفظ بهم الحركة الفلسطينية في غزة، وكذلك الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين. وأظهرت «حماس» مرونة بعد تخليها عن مطلب وقف الحرب بشكل دائم قبل أي تبادل للأسرى والمتحجزين.
هجوم رفح
وبعد لقائه الأمير بن سلمان وبن فرحان، أجرى بلينكن مباحثات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي، بحضور وزير خارجيته سامح شكري ورئيس المخابرات اللواء عباس كامل، في المحطة الثانية من جولته السادسة في المنطقة منذ بدء العدوان على غزة قبل أن يتوجه اليوم إلى إسرائيل.
وأكد السيسي لبلينكن أن ما تتعرض له غزة كارثة إنسانية، ومجاعة تهدد حياة المدنيين الأبرياء، وحذّر من العواقب الخطيرة لأي عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح.
وشدد السيسي على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب وإدخال المساعدات وفتح آفاق المسار السياسي من خلال العمل المكثف لتفعيل حل الدولتين.
ووسط ضغوط على إسرائيل لتأجيل عملية رفح لمدة لا تقل عن 45 يوماً، دعا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، في اتصال أمس الأول، إلى التفكير في «بدائل» للهجوم البري على المدينة الحدودية مع مصر.
وقبل استقباله غالانت في «البنتاغون» الأسبوع المقبل، أكد أوستن ضرورة بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين وزيادة تدفّق المساعدات بشكل عاجل إلى غزة عبر المعابر البرية.
ورقة المساعدات
في غضون ذلك يعكف مسؤولون أمنيون إسرائيليون على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إنشاء تصور لسلطة الحكم في غزة بقيادة فلسطينية.
ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، أجرى مسؤول إسرائيلي كبير محادثات في مصر والإمارات والأردن لحشد دعم إقليمي لتجنيد مسؤولين ليست لهم صلات مع «حماس» لتوزيع المساعدات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين وعرب قولهم إن بعض المساعدات ستدخل «براً وبحراً» بعد التفتيش، وستتوجه إلى مستودعات وسط غزة ليقوم فلسطينيون بتوزيعها، وعندما تنتهي الحرب، سيتولى هؤلاء سلطة الحكم، بدعم من قوات تمولها حكومات عربية ثرية.
وقال مسؤول بمكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو: «غزة سيديرها أولئك الذين لا يسعون إلى قتل إسرائيليين». وقال مسؤول آخر إن معارضة «حماس» الشديدة قد تجعل الخطة غير قابلة للتنفيذ.
لكنّ الفوضى السائدة أحبطت إدارة الرئيس جو بايدن والجيش الإسرائيلي والمنتقدين داخل حكومة الحرب، باعتبار أن التوزيع المنظم للمساعدات مستحيل حاليا، وأن «حماس» تستطيع إعادة فرض نفسها في ظل فراغ الحكم.
وبالنسبة لهم، هناك حاجة الآن إلى قوة يمكنها توزيع المساعدات بشكل فعال في غزة، ومن الناحية الواقعية سيتم ربط هذه القوة بالسلطة الفلسطينية أو بحركة فتح.
ويرى رئيس الذراع الأمنية بالأراضي المحتلة، اللواء غسان عليان، أن جهود المساعدات جزء مهم من خطة إسرائيل لإخلاء رفح قبل الهجوم عليها.
وقال أحد المسؤولين إن رؤية عليان هي أن يشكل فلسطينيون مناهضون لحماس «سلطة إدارية محلية» لتوزيع المساعدات، مما يؤدي إلى استبعاد «حماس» من هذه العملية.
وقال المسؤولون إن إسرائيل تواصلت مع العديد من الفلسطينيين البارزين للمشاركة، بما في ذلك مسؤول المخابرات الأعلى في السلطة، ماجد فرج، ورجل أعمال الضفة الغربية، بشار المصري، وكذلك القيادي محمد دحلان. ويعارض نتنياهو مشاركة دحلان وفرج، وفق مسؤول إسرائيلي.
وأثارت هذه الجهود تهديدات انتقامية من «حماس»، ووصفت أي شخص يعمل مع الإسرائيليين بالخائن، وهددت بقتله. وانسحبت في الأيام الأخيرة عدة عائلات فلسطينية كان يعتقد في السابق أنها منفتحة على الفكرة.
وقال مسؤول أمني في «حماس»، في بيان علني يوم 10 الجاري: «قبول رؤساء العائلات والقبائل التواصل مع الاحتلال يعتبر خيانة وطنية، وأمر لن نسمح به، وسنضرب بيد من حديد كل من يعبث بالجبهة الداخلية أو يفرض قواعد جديدة».
واعتبر مسؤول آخر في «حماس» أن الحركة شعرت بالفعل أنه تم تهميشها بسبب الجسر البحري المدعوم من الولايات المتحدة والإمارات، وشركاء آخرين لتقديم المساعدات إلى غزة. وأضاف أن أي ترتيب أمني دائم يجب أن تشرف عليه حكومة وحدة وطنية فلسطينية مستقبلية تدعمها جميع الفصائل وليس الكيانات الأجنبية، وأن «الأمن سيكون من مسؤولية حكومة الوفاق الوطني».
نتنياهو يدرس إلغاء مجلس الحرب
أفادت صحيفة معاريف العبرية بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدرس إلغاء مجلس الحرب، ونقل صلاحياته لأعضاء الكابينت السياسي الأمني.
ونقلت «معاريف» عن مقربين من نتنياهو أن وزير الأمن القومي إيتماير بن غفير هدد بالاستقالة من الحكومة إذا عيّن نتنياهو الوزير الليكودي من دون حقيبة جدعون ساعر عضواً في مجلس الحرب دون أي يعينه.
ويواجه نتنياهو خلافات داخل ائتلافه الحكومي وداخل مجلس الحرب، خصوصا بعد التوتر الذي ساد خلال زيارة عضو مجلس الحرب بيني غانتس، المعارض للائتلاف الحاكم، الى واشنطن، ولقائه المسؤولين الأميركيين لبحث الحرب في غزة دون إذن أو تفويض من نتنياهو.