أرجئ تصويت على مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق نار «فوري» في غزة إلى الإثنين بعدما كان مقرراً السبت، سعياً لتفادي فشل جديد بعد رفض مشروع قرار أميركي الجمعة، على ما أفادت مصادر دبلوماسية وكالة فرانس برس.

واستخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار أميركي دعمت فيه واشنطن للمرة الأولى «وقفاً فورياً» لإطلاق النار في غزة ربطاً بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، استخدمت الولايات المتحدة، حليفة الدولة العبرية، حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات لإسقاط مشاريع قرارات في المجلس تدعو لوقف إطلاق النار، معتبرة أن ذلك سيصبّ في صالح الحركة الفلسطينية.

Ad


ودعمت الولايات المتحدة إسرائيل سياسياً وعسكرياً منذ اندلاع الحرب.

إلا أن واشنطن بدأت في الآونة الأخيرة توجيه انتقادات للدولة العبرية على خلفية القيود على إدخال المساعدات الإنسانية وارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في القطاع المحاصر.

وطرحت واشنطن على التصويت مشروع قرار نصّ على «الضرورة القصوى للتوصل إلى وقف فوري ومستديم لإطلاق النار» لحماية المدنيين وإدخال مزيد من المساعدات، وأيّد «تحقيقاً لهذا الغرض» الجهود الدبلوماسية الجارية لتأمين التوصل لوقف إطلاق النار هذا «فيما يتصل بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين».

ونال مشروع القرار تأييد 11 دولة من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، ورفضته روسيا والصين والجزائر، بينما امتنعت غويانا عن التصويت.

فبالرغم من ذكر النص وقفاً فورياً لإطلاق النار، إلا أنه لم يقرن ذلك بعبارات مثل «يدعو» أو «يطلب»، ما أثار انتقادات روسيا التي نددت بـ«نفاق» واشنطن ساخرة من حديثها عن وقف لإطلاق النار بعدما «مُحيت غزة فعلياً عن وجه الأرض».

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة جون تشانغ «إن كانت الولايات المتحدة جدية بشأن وقف إطلاق نار، صوتوا إذن مع مشروع القرار الآخر».

وعملت ثمانٍ من الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن «الجزائر ومالطا والموزمبيق وغويانا وسلوفينيا وسيراليون وسويسرا والإكوادور» على مسودة قرار جديدة كان من المقرر طرحها للتصويت السبت.

وهذا المشروع «يحض على وقف نار إنساني فوري لشهر رمضان... يقود إلى وقف إطلاق نار دائم»، في وقت أودت الحرب بأكثر من 32 ألف شخص في قطاع غزة، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

وفي إسرائيل، قُتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، في هجوم حماس، وفق حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا لأرقام رسمية إسرائيلية.

كما يطالب النص بـ«الإفراج الفوري» عن الرهائن ورفع «جميع القيود» على دخول المساعدات الإنسانية.

وتُقدّر إسرائيل أنّ نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصاً خطفوا في هجوم حماس.

لكن المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفلد حذّرت الجمعة من النص معتبرة أنه يُهدد الجهود الدبلوماسية الجارية من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة مقابل الإفراج عن الرهائن، وهي حجة أبرزتها الولايات المتحدة عند استخدامها حق الفيتو آخر مرة في أواخر فبراير.

وقالت المندوبة إن «هذا النص بصياغته الحالية لا يدعم الجهود الدبلوماسية الدقيقة في المنطقة، بل أسوأ من ذلك، قد يعطي حماس ذريعة لرفض الاتفاق المطروح».

وطالبت الولايات المتحدة بإدخال تعديلات على النص، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية وكالة فرانس برس ليل الجمعة السبت، مشيرة إلى أنه تم تأجيل التصويت إلى الإثنين للسماح بمواصلة المفاوضات التي تتناول بصورة خاصة الربط بين وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

ورأى ريتشارد غوان المحلل في مجموعة الأزمات الدولية أنه في حال الفشل، فقد تترك هذه التطورات «ندماً» لدى بعض أعضاء المجلس.

وتابع أن «القرار الأميركي لم يكن بمستوى ما تتوقعه معظم الدول الأعضاء، لكنه على الأقل نقطة انطلاق لمواصلة الجهود من أجل وقف الأعمال الحربية».

في ظل انقسامه منذ أعوام بشأن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، لم يتبنّ مجلس الأمن منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر سوى قرارين طابعهما إنساني، من أصل ثمانية نصوص طرحت للتصويت.

إلا أن القرارين لم يغيّرا الكثير على الأرض، إذ لا تزال كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع المحاصر شحيحة، فيما تهدد المجاعة سكانه.