روسيا تتخوف من حرب هجينة بعد هجوم موسكو
• اضطراب بعد بلاغات بوجود قنابل في عدة مناطق روسية • احتكاك جوي أميركي - روسي... وصاروخ روسي يخترق أجواء بولندا
قالت روسيا، على لسان سفيرها في واشنطن، أناتولي أنتونوف إنها تتعرض لـ «حرب هجينة»، في إشارة إلى الهجوم الإرهابي الذي وقع الجمعة واستهدف حفلاً موسيقياً قرب موسكو، وتبناه تنظيم داعش، وأسفر عن مقتل أكثر من 133 شخصاً. وبعدما رفض البيت الأبيض تلميح روسيا إلى تورط أوكرانيا في الهجوم، مشدداً على أن «داعش» وحده المسؤول عن الهجوم، قال أنتونوف، لوكالة تاس الروسية للأنباء، إن «الهجمات الإرهابية والحرب الهجينة من جانب الغرب لن تجبرا روسيا على تغيير مسارها وسياستها الخارجية خصوصاً بعد الانتخابات»، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أبقت بوتين في السلطة حتى عام 2030. وفي وقت نكّست روسيا الأعلام في يوم حداد وطني أعلنه رئيسها فلاديمير بوتين، أخلت السلطات الروسية مركزاً تجارياً في سانت بطرسبورغ بعد تهديد بوجود قنبلة، كما وردت بلاغات بتأخر طائرة بسبب تهديد مماثل.
من ناحية أخرى، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إنها دفعت بطائرة مقاتلة من طراز «ميغ -31» بعدما اقتربت قاذفتا قنابل أميركيتان من طراز «بي- 1 بي» من الحدود الروسية فوق بحر بارنتس، مضيفة أن القاذفتين الأميركيتين ابتعدتا عن الحدود الروسية بعد اقتراب المقاتلة الروسية. جاء ذلك، في وقت طالبت بولندا موسكو بتوضيحات بعد أن انتهك صاروخ روسي أجواءها لمدة 3 دقائق. وتبادلت موسكو وكييف الضربات المؤلمة في الساعات الماضية، فقد شنت روسيا قصفاً على العاصمة الأوكرانية ومدينة لفيف الحدودية مع بولندا أقصى غرب البلاد، في حين أمطرت القوات الأوكرانية بالصواريخ مدينة سيفاستوبول مقر أسطول البحر الأسود الروسي، وأعلنت إصابة سفينتي إنزال روسيتين كبيرتين ومركز اتصالات وبنية تحتية أخرى.
وفي تفاصيل الخبر:
نكّست روسيا الأعلام اليوم في يوم حداد وطني أعلنه رئيسها فلاديمير بوتين، بعد مقتل أكثر من 133 شخصاً في هجوم إرهابي هو الأكثر دموية منذ عقدين، استهدف حفلاً موسيقياً قرب موسكو وتبناه تنظيم داعش.
وفي موسكو استمر الناس في وضع الزهور أمام قاعة كروكوس سيتي للحفلات الموسيقية، التي تتسع لنحو 6200 مقعد، وتقع بالقرب من موسكو، التي اقتحمها أربعة مسلحين قبل عرض لفرقة الروك بيكنيك، التي يعود تاريخ إنشائها إلى الحقبة السوفياتية، واصطفت طوابير طويلة في موسكو أمس للتبرع بالدم للمصابين.
وتبادلت موسكو وكييف ضربات مؤلمة، إذ شنت القوات الروسية هجوماً صاروخياً وبالمسيرات على العاصمة الأوكرانية، بينما قصف الجيش الأوكراني مدينة سيفاستوبوبل في القرم مقر أسطول الشمال الروسي.
وجاءت الضربات بعد أن ألمحت روسيا الى تورط أوكراني في هجوم موسكو، وتجنب بوتين ذكر تنظيم داعش في كلمة مصورة وجهها إلى الروس، مردداً الرواية التي أطلقتها أجهزة الأمن الروسية بأن منفذي الهجوم الذين تم القبض عليهم كانوا في طريقهم إلى الفرار لأوكرانيا، ولديهم جهات اتصالات داخل أوكرانيا، وأن البعض في الجانب الأوكراني كان يستعد لتهريبهم عبر الحدود.
اعترافات «مرعبة»
وقال بوتين إن 11 شخصاً اعتقلوا، من بينهم المسلحون الأربعة الذين فروا من قاعة الحفلات وتوجهوا إلى منطقة بريانسك على بعد نحو 340 كيلومتراً جنوب غربي موسكو، وسربت الأجهزة الامنية الروسية مقاطع للموقوفين، الذين يعتقد أنهم يتحدرون جميعهم من طاجيكستان، يقول بعضهم، إنهم تلقوا مبالغ نقدية تصل الى نحو نصف مليون روبل (ما يزيد قليلاً على خمسة آلاف دولار) مقابل إطلاق النار على الناس في قاعة كروكوس سيتي للحفلات على بعد 20 كيلومتراً فقط من مقر بوتين.
روسيا تقلل من أهمية التحذير الأميركي المسبق من خطر إرهابي
وذكر أحد الموقوفين، وهو مقيد اليدين، بينما يمسك أحد المحققين بشعره، بلغة روسية ضعيفة، «لقد أطلقت النار على الناس». ورداً على سؤال عن السبب قال: «من أجل المال»، وظهر أحد المشتبه بهم وهو يجيب على الأسئلة من خلال مترجم للطاجيكية.
لكن أشرطة أخرى أظهرت رجال أمن يقطعون أذن أحد الموقوفين، ويجبرونه على وضعها في فمه، مما ألقى شكوكاً حول اعترافات الموقوفين أمام الكاميرات، ورغم أن روسيا لم تتهم أوكرانيا رسمياً بالوقوف وراء الهجوم، وهو ما يستوجب تبعات قانونية ورداً عسكرياً وسياسياً، فإنه بدءاً من بوتين حتى أصغر عنصر أمني أو وسيلة إعلام روسية كانت هناك تلميحات واضحة بأن كييف هي المسؤولة، وسط تجاهل وتشكيك بتبني «داعش» للهجوم. ونشرت وكالة أعماق، التابعة لـ «داعش»، صوراً وشريطاً مصوراً يظهر المنفذين وخلفهم راية التنظيم، وكذلك مقاطع لبداية الهجوم، حين بدا أحدهم يصيح بعبارات التكبير قبل إطلاقه النار باتجاه حشد من الناس.
دائماً يلومون الآخرين
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجدداً بشكل قاطع أي محاولات روسية لتوجيه الاتهام إلى كييف، وقال: «يحاول بوتين والأوغاد الآخرون بالطبع إلقاء اللوم على طرف آخر»، مضيفاً أن موسكو تستخدم دائماً نفس الأساليب «وهم دائماً يلومون الآخرين» على ارتكاباتهم. واتهم بوتين بالصمت لمدة يوم كامل للتفكير في كيفية توجيه اللوم إلى كييف. وكان بوتين أجل خطابه من مساء الجمعة عندما وقع الهجوم إلى عصر السبت.
كما رفض البيت الأبيض التلميحات الروسية الى مسؤولية أوكرانيا، وقال: «يتحمل تنظيم الدولة الإسلامية بمفرده المسؤولية عن هذا الهجوم»، مؤكداً أن الحكومة الأميركية شاركت في وقت مبكر هذا الشهر معلومات مع روسيا عن هجوم إرهابي مزمع في موسكو، وأصدرت أيضاً نصائح عامة علنية للأميركيين بروسيا في 7 مارس. وفي 19 مارس، وصف بوتين بيان السفارة الأميركية الذي يحذر من هجمات بأنه «ابتزاز واضح» يهدف إلى «تخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره».
ورغم إقرار مصدر استخباري روسي بتلقي تحذير أميركي، في تصريح تناقلته وسائل إعلام روسية، بينها «سبوتنيك»، قال السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف، لوكالة تاس الروسية للأنباء، إن الإدارة الأميركية لم تمرر، عبر السفارة الروسية في واشنطن، أي معلومات محددة حول استعدادات لعمل إرهابي. من ناحية أخرى، قال أنتونوف إن «الهجمات الإرهابية والحرب الهجينة من جانب الغرب لن تجبر روسيا على تغيير مسارها وسياستها الخارجية خاصة بعد الانتخابات». ومساء الخميس أعلنت اللجنة الانتخابية الروسية فوز بوتين بولاية رئاسية جديدة تمتد حتى عام 2030.
وحوّل بوتين مسار الحرب الأهلية السورية من خلال التدخل في عام 2015، إذ دعم الرئيس بشار الأسد في مواجهة قوات المعارضة وتنظيم داعش، ولا تزال القوات الروسية تشن غارات متباعدة على تنظيمات معارضة تسيطر على مناطق في شمال سورية، رغم أن هذا الأمر انحسر كثيراً بعد بدء حرب أوكرانيا في 2022، كما تدعم روسيا أنظمة عسكرية في منطقة الساحل ووسط إفريقيا تخوض حروباً مع جماعات جهادية مرتبطة بتنظيم داعش أو «القاعدة»، ولا تزال تقع أحداث أمنية في بعض الجمهوريات الروسية التي تسكنها غالبيات إسلامية.
وبعد تهديده بتصفية القيادة الأوكرانية في حال ثبت تورطها بالهجوم في موسكو، اعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن «جميع المتورطين وكل من لهم علاقة بالهجوم، بغض النظر عن بلدهم أو وضعهم، أصبحوا الآن هدفاً مشروعاً ورئيسياً» مضيفاً: «انتظروا العقاب أيها الأوغاد».
ضربات مؤلمة
إلى ذلك، شنت القوات الروسية فجر يوم الأحد هجمات جوية جديدة واسعة على كييف ومناطق أوكرانية أخرى، وأفاد حاكم منطقة لفيف أقصى غرب أوكرانيا على الحدود مع بولندا بتعرض منطقة ستري جنوب مدينة لفيف لصواريخ روسية ومسيّرات متفجرة من طراز شاهد إيرانية الصنع.
وقالت بولندا، العضو في حلف الناتو، أمس، إنها ستطالب موسكو بتوضيحات بشأن «انتهاك جديد لمجالها الجوي» بصاروخ كروز روسي، وقال الناطق باسم الخارجية البولندية: «قبل كل شيء، ندعو روسيا الاتحادية إلى وقف عمليات القصف الجوي الإرهابية على سكان أوكرانيا وأراضيها وإنهاء الحرب والتعامل مع مشكلاتها الداخلية». وفي وقت سابق أعلن الجيش البولندي أن صاروخاً روسياً انتهك المجال الجوي البولندي لمدة 3 دقائق.
في المقابل، قال الجيش الأوكراني إنه استهدف سفينتي إنزال روسيتين كبيرتين ومركز اتصالات وبنية تحتية أخرى يستخدمها الأسطول الروسي في البحر الأسود، وذلك في هجمات شنها على شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا. وقال حاكم سيفاستوبول، المعين من قبل روسيا، إن أوكرانيا شنت هجوما جويا كبيرا، وقال إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية أسقطت أكثر من 10 صواريخ فوق الميناء الواقع بشبه جزيرة القرم.