حسن مصطفى... ناظر مدرسة الضحك (2-5)
الناظر يتألق أمام «المشاغبين» عادل إمام وسعيد صالح
كانت المسرحية فضاءً مفتوحًا للخروج على النص من نجوم العرض عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي، وأبدى المؤلف علي سالم اعتراضه، من دون استجابة واضحة من المخرج جلال الشرقاوي والممثلين، ما اضطره لنشر مسرحيته في كتاب، ولكن النجاح الجماهيري غير المتوقع غطى على الإرتجال اليومي، واستطاع حسن مصطفى بحرفيته كممثل أن يتلقى جرعات من «الأفيهات» ويظهر براعته في التعامل مع «المشاغبين».
وطالت المسرحية انتقادات كثيرة، واعتبر البعض أنها حرّضت تلاميذ المدارس على تقليد الشخصيات المنحرفة، بينما دافع حسن مصطفى عن الفكرة الرئيسة لذلك العمل، وأكد أنها تناولت التحول الإيجابي من الشغب إلى الاستقامة، وقدرة «المدرسة عفت» على تقويم سلوك الطلاب المشاغبين، ودفعِهم إلى التحصيل العلمي، ليكونوا أشخاصًا صالحين في المجتمع.
شهدت كواليس «مدرسة المشاغبين» انسحاب فنانين آخرين، بسبب الإرتجال، منهم ليلى طاهر ونيللي في دور المُعلمة وحلت مكانهما سهير البابلي، واستقر طاقم العرض بعد الاستعانة بحسن مصطفى، ليجسِّد شخصية «الناظر» ولعب عبدالله فرغلي دور «الملواني»، ونظيم شعرواي «الأباصيري»، وسمير ولي الدين «العامل»، وبقى أحمد زكي وهادي الجيار يسبحان وحدهما ضد تيار الخروج على النص.
استمر عرض المسرحية ست أعوام وسط نجاح جماهيري ساحق، ووصل أجر المخرج جلال الشرقاوي إلى 400 جنيه شهريًا، وكان أعلى أجر يتقاضاه مخرج مسرحي في ذلك الوقت.
وافترق المشاغبون بعد تصوير المسرحية للتلفزيون، وبدأ المنتج سمير خفاجي يبحث عن نص آخر يكمل به مسلسل النجاح المسرحي لفرقة الفنانين المتحدين، وفي تلك الأثناء كان حسن مصطفى يفكر في مستقبله الفني بعد دور «ناظر المدرسة» ولا يدري بما سيحدث في الأيام المقبلة.
كوميديا عائلية
طوى حسن مصطفى صفحة «المشاغبين»، وبدأ بروفات مسرحية «العيال كبرت»، تأليف بهجت قمر وإخراج سمير العصفوري، وشارك معه في البطولة سعيد صالح وكريمة مختار، ويونس شلبي، وأحمد زكي، ونادية شكري، وقدّمت أولى عروضها في عام 1979، وحققت نجاحًا كبيرًا، ولا تزال تحظى بنسبة مشاهدة عالية على القنوات التلفزيونية.
ولعب مصطفى دورًا أساسيًا «رمضان السكري»، إلا أنه مشابه لدور الناظر في مدرسة المشاغبين، فكلاهما يتعامل مع نزق الشباب، ولكنهم في تلك هم المرة أبناؤه الأربعة، وتناقش المسرحية في إطار كوميدي أزمة رجل في منتصف العمر، يعاني الطيبة الزائدة لزوجته، ويفقد الأمل في انصلاح حال أولاده، فيقرّر الهروب من مشكلاتهم، والزواج مرة أخرى، ويتكاتف الأبناء من أجل إنقاذ عائلتهم.
عصفور عقله طار
بعد نجاح «العيال كبرت»، بحث حسن مصطفى عن أدوار مماثلة لشخصية الناظر ورمضان السكري، وقرّر الاستمرار في مسيرته الطويلة، وشارك في مسرحية «عصفور عقله طار» (1987)، تأليف مجدي الإبياري وإخراج عبدالغني زكي، بطولة وحيد سيف وميمي جمال، وفي عام 1990 قدّم مسرحيتين، هما «البحر بيضحك ليه؟»، تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد فاضل، وبطولة يحيى الفخراني، وصفية العمري، وصلاح السعدني، وتوقف عرضها بعد عدة أسابيع. وأيضًا لم يحالف النجاح مسرحية «مر الكلام حلو الكلام»، تأليف محمد شرشر وأخراج عصام السيد، وبطولة مديحة كامل، وسعيد صالح، ونهلة سلامة.
وشارك الفنان حسن مصطفى مع زوجته الفنانة ميمي جمال في «عائلة عصرية جدا» (1992)، تأليف عمر الدكروري وإخراج عبدالغني زكي، وبطولة أحمد آدم، ودينا عبدالله، ووائل نور، والمسرحية تدور أحداثها في إطار كوميدي حول «أحمد» العائد من اليابان ويحاول تطبيق النظرية اليابانية في تقديس العمل والقضاء على البطالة المقنعة، ويبدأ بأسرته الصغيرة، ويكتشف أن زوجته تعتمد على الشغالة (الخادمة)، وابنته لا تهتم بدراستها، وابنه يقضي الوقت مع أصدقاء السوء.
واستقرت صورة الفنان حسن مصطفى على ملصقات مسرحيات كوميدية أخرى، منها «الكدابين قوي» (1993)، تأليف طارق عبدالجليل، وإخراج سمير العصفوري، وبطولة محمد نجم، ومظهر أبوالنجا، وعزة كمال، وألفت سُكر، وفايق عزب. وفي العام التالي شارك في مسرحية «الدبابير»، تأليف يسري الإبياري، وإخراج شاكر خضير، وبطولة يونس شلبي، ووحيد سيف، وميمي جمال، ومحمد سعد.
وفي عام 2001، ظهر حسن مصطفى كضيف شرف في مسرحية «دور مي فاصوليا»، تأليف أحمد الإبياري وإخراج محمود أبوجليلة، وجسّد شخصية «المحقِّق» أمام سمير غانم، وشعبان عبدالرحيم، وغسّان مطر، وجيهان قمري، وطلعت زكريا، وحققت المسرحية نجاحًا كبيرًا، واستمر عرضها لأربعة مواسم متالية.
وتعد «دور مي فاصوليا» آخر ظهور مسرحي للفنان حسن مصطفى، وتتناول قصة امرأة ثرية تتسم بالطمع، وتسعى بكل السبل إلى تزويج ابنتها من رجل كبير في السِن بهدف السيطرة على ثروته وأملاكه، لكنها تتلقى تهديدات من رجل ثري، فتقوم بتدبير مؤامرة للتغلب عليه، والتخلص من تهديداته المستمرة.
أجازة غرام
طرق حسن مصطفى أبواب السينما في الستينيات، وشارك في أفلام عِدة، منها «أجازة غرام» (1967)، تأليف محمود فريد وإخراج محمود ذوالفقار، وجسّد شخصية «أحمد بابادوبلو» أمام فؤاد المهندس، وشويكار، ونجوى فؤاد، ونعيمة وصفي، وصلاح نظمي، وعُرِض الفيلم للمرة الأولى في 11 سبتمبر 1967، وحقق إيرادات عالية.
ويدور الفيلم حول «مجدي» مهندس يعمل في مشروع السد العالي، ويقوم بإجازة من العمل لكي يسافر إلى القاهرة ويلتقي بأسرته من جديد، ويخطط لقضاء المزيد من الوقت مع زوجته «ليلى» الطبيبة بأحد المستشفيات، لكنها مشغولة عنه بعملها، وتتصاهد الأحداث عبر مفارقات كوميدية.
وفي العام ذاته، تكرّر لقاء حسن مصطفى مع فؤاد المهندس وشويكار في «أخطر رجل العالم»، تأليف أنور عبدالله، وسيناريو عبدالحي أديب، وإخراج نيازي مصطفى، وشارك في البطولة سهير البابلي، وعادل أدهم، وكنعان وصفي، ومحمود عزمي.
ويدور الفيلم في إطار كوميدي، حول «مستر إكس» رئيس عصابة دولية للتهريب بشيكاغو، ويصل إلى القاهرة لمزاولة نشاطه، فيعلم بأمره رجال الشرطة ويبدأون في مراقبته، وتستغل الشرطة الشبه الكبير بين «إكس» وموظف المطار «زكي»، فيستغلون الأخير في مهمتهم، وتتوالى الأحداث.
مطاردة غرامية
واستمر حسن مصطفى في سلسلة أفلام فؤاد المهندس وشويكار، وجسّد شخصية «فانتوماس» في «مطاردة غرامية»، تأليف فاروق صبري، وإخراج نجدي حافظ، وشارك في البطولة عبدالمنعم مدبولي، ومديحة كامل، وزوزو شكيب. ويدور الفيلم في إطار كوميدي حول شاب ثري «منير» يعمل مراقبًا جويًا، ويخدمه رجل غريب الأطوار لا هم له إلا السيطرة على ثروته. وعُرض الفيلم في 12 يناير 1968.
وفي العام ذاته، قدّم حسن مصطفى دورًا تراجيديًا مميزًا في فيلم «البوسطجي»، قصة يحيى حقي، وإخراج حسين كمال، وبطولة شكري سرحان، وصلاح منصور، وسهير المرشدي. ويحكي الفيلم قصة سفر «ساعي البريد عبّاس» من القاهرة إلى إحدى قرى صعيد مصر، ليتولى مسؤولية مكتب البريد في القرية، وهناك يحاول أن يتآلف مع الحياة الريفية، حتى تصل به الحال إلى التلصص على محتوى الرسائل.
وعاد مصطفى إلى الكوميديا في «الزواج على الطريقة الحديثة»، تأليف وإخراج صلاح كريم، وبطولة سعاد حسني، وحسن يوسف، وسمير غانم، وجورج سيدهم، والضيف أحمد. ويدور الفيلم في قالب غنائي كوميدي حول فكرة الزواج في مقتبل العمر، وعُرِض للمرة الأولى في دور السينما يوم 14 أكتوبر 1968.
ويدور الفيلم حول طبيب الأسنان «حسني» وتعمل لديه الممرضة «فاطمة»، التي تنظم له عيادته وتهتم بمختلف شؤونه، ويقرّر الزواج من «داليا» صاحبة محل الزهور، لكنها تكره الكذب كثيرًا، وتتصاعد الأحداث عبر مفارقات كوميدية.
عفريت مراتي
وجسّد حسن مصطفى شخصية «حفظي مدير البنك» في فيلم «عفريت مراتي»، سيناريو علي الزرقاني، وإخراج فطين عبدالوهاب، وبطولة شادية، وصلاح ذوالفقار، وعماد حمدي، وعادل إمام. ويحكي قصة الموظف «صالح» المشغول بعمله، وتعاني زوجته «عايدة« الوحدة، وتستغرق في مشاهدة الأفلام، وتتقمص شخصيات البطلات اللواتي تشاهدهن، ما يوقع زوجها في مشكلات جديدة، ويحاول بمساعدة أصدقائه تخليصها من تلك الحالة.
كما لعب مصطفى شخصية «الشاب سعيد» في فيلم «نُص ساعة جواز»، المقتبس عن المسرحية الفرنسية «زهرة الصبَّار»، تأليف بيير بارييه وجون بيير جريدي، وكتب السيناريو أحمد رجب وإخراج العمل فطين عبدالوهاب، وبطولة شادية، ورشدي أباظة، وماجدة الخطيب، وعادل إمام، وسمير صبري، وظهر الفنانان الفنانان عبدالمنعم ابراهيم ويوسف شعبان، بشخصيتهيما الحقيقية. وعُرِض الفيلم في سبتمبر.1969
وفي العام ذاته، جسّد مصطفى شخصية «القاضي» في فيلم «يوميات نائب في الأرياف»، قصة الأديب توفيق الحكيم، وإخراج توفيق صالح، وبطولة عايدة عبدالعزيز، وأحمد عبدالحليم، وتوفيق الدقن، وشفيق نورالدين، ونبيلة السيد.
والفيلم يرتكز على رواية «يوميات نائب في الأرياف»، المذكرات الحقيقية للكاتب توفيق الحكيم، في أثناء عمله كوكيل نيابة قبل اتجاهه إلى الكتابة والتأليف، ويحتل هذا الشريط السينمائي المركز رقم 69 في قائمة أفضل مئة فيلم في ذاكرة السينما المصرية، حسب استفتاء النقّاد بمناسبة مرور مئة عام على أول عرض سينمائي بمدينة الإسكندرية (1896 ـ 1996).
واعترض وزير الداخلية المصري وقتذاك، شعراوي جمعة، على عرض الفيلم، وبأمر من الرئيس جمال عبدالناصر تم عرضه من دون أي حذف في دور السينما يوم 24 فبراير 1969.
ويدور الفيلم في إحدى قرى مصر، حين يُصاب المزارع قمر الدولة بطلق ناري، وينطق باسم «ريم» شقيقة زوجته، وذلك قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتصبح الشاهدة الحقيقية، ويقبض عليها وكيل النيابة، لكن المأمور يصحبها إلى منزله، لتعمل خادمة لزوجته، وتتمكن الفتاة من الهرب بمساعدة «الشيخ عصفور»، وتتصاعد الأحداث.
«الناظر» يرفض أداء ميمي جمال دور «المُعلِمة عفت»
التقى الفنان حسن مصطفى زوجته الفنانة ميمي جمال في أعمال فنية عِدة، وبدأت في مسرح التلفزيون خلال الستينيات، وتقابل الثنائي في أفلام ومسلسلات درامية، لكنه رفض أن تشارك معه في مسرحية «مدرسة المشاغبين» (1971)، بسبب الخروج على النص من نجوم المسرحية.
وكانت «أفيهات المشاغبين» قد تسببت في انسحاب الفنان عبدالمنعم مدبولي، وحل بدلًا منه حسن مصطفى في دور «الناظر»، واعتذرت الفنانة ليلى طاهر عن عدم الاستمرار في دور «المُعلمة عفت عبدالكريم»، وحلت بدلًا منها الفنانة نيللي، وبدورها اعتذرت عن العمل، وبعدها ترشحت الفنانة ميمي جمال لأداء الدور، إلا أن مصطفى رفض مشاركتها، وذهبت الشخصية في النهاية إلى الفنانة سهير البابلي. وكان سعيد صالح مرشحًا في البداية لدور بهجت الأباصيري، وبعد قراءته النص، اختار لنفسه دور «مرسي الزناتي».
الطريف أن ميمي جمال قامت بدور «عفت» كإنقاذ موقف، وحينها لم يعترض زوجها حسن مصطفى، لأن سهير البابلي سافرت إلى فرنسا لإجراء جراحة في عينها، واستمرت ميمي في «مدرسة المشاغبين» لمدة شهرين، إلى أن عادت البابلي.
توقف «قصة الحي الغربي» لأسباب مجهولة
شارك حسن مصطفى في مسرحية «قصة الحي الغربي» (1975)، تأليف بهجت قمر وسمير خفاجي، وإخراج جلال الشرقاوي، وبطولة مجموعة كبير من النجوم، منهم حسن يوسف، وسهير البابلي، وسعيد صالح، وصلاح السعدني، ويونس شلبي.
والمسرحية مقتبسة من الفيلم الأميركي «قصة الحي الغربي» (1961)، وتدور حول الصراع بين مجموعتين من الشباب تختلف بيئتهما الثقافية والاحتماعية، ويفصل بينهما جسر حديدي، وتتصاعد الأحداث عبر مفارقات كوميدية.
وقُدِمت تلك المسرحية بعد نجاح «مدرسة المشاغبين»، ولكن «قصة الحي الغربي» لم تُصوَّر كي تُعرض على شاشة التلفزيون، وتكهن البعض بوجود خلافات بين نجومها في الكواليس، وبعد فترة وجيزة تم إيقاف عرضها لأسباب مجهولة.
وشهد الفنان حسن مصطفي محاولة إعادة عرض «مدرسة المشاغبين» عام 1980، ووافق نجومها على المشاركة في المسرحية بعد توقفها لمدة ثلاث سنوات، ووقتها اعتذر الفنان أحمد زكي، وتم استبداله بالفنان محمود الجندي.