أعلن النحات فهد الهاجري أن ثمّة تحديات فنية تواجه النحات في عمله، مثل الحفاظ على التوازن والتناغم في العمل الفني، وتجنّب الأخطاء التقنية، مثل الكسر أو التشوه، مشيداً بمشاركته في ملتقى «طويق للنحت» بالرياض.

وحول هذه المشاركة بالسعودية قال «إن الاستقبال كان حافلاً، حيث كرم الضيافة منذ البداية إلى التوديع في المطار، فقد غمرونا بكرمهم وأخلاقهم، وأقيم ملتقي "طويق للنحت" بمدينة الرياض في السعودية وجاءت المشاركة بعد فرز اكثر من 700 متقدم للمشاركة، وتم اختيار 20 نحاتا من مختلف العالم بالإضافة إلى 10 نحاتين من السعودية ».

Ad

وعن مقارنته لملتقى طويق للنحت بالملتقيات الأخرى، قال: «كانت الاستعدادات مميزة، فلم يكن هناك أي شيء يضايق النحات أو يؤثر على عمله»، مضيفاً أنه مثّل بلده الكويت أفضل تمثيل، ومتمنياً أن يكرر المشاركة مرات قادمة في ملتقيات أخرى.

وأوضح أن الملتقى تناول الأبعاد المتحركة، وأنه شارك بمنحوتة بارتفاع 4 أمتار من الغرانيت السعودي، عبارة عن مثلث موجود في كثير من الثقافات التراثية حول العالم يدخل برحلة قاسية إلى السماء تتضمن الكثير من التحديات، إضافة إلى كسر الحدود التي يضعها الإنسان ليعرقل طريقه والآخرين، وهو اسم العمل، ولفت إلى أنه يوجد فن السدو بالكويت، وأيضا في التراث الإسلامي «الزخارف والنقوش» الإسلامية.

اندثار

وأضاف أنه حزين وهو يرى التراث الكويتي والخليجي يندثر في السنوات الأخيرة، مما جعل الأجيال الجديدة لا تعرف هذا التراث (السدو)، خاصة في ظل وجود معتقد خاطئ بأن فن السدو لا يتماشى مع الحياة العصرية الحديثة، مع أنه بإمكان الإنسان أن يطور هذا الفن ويأخذ منه العناصر الجميلة ويستخدمها كديكورات في المنازل، ويجعله تثقيفاً للأجيال الصاعدة.

وذكر الهاجري أنه في عام 2017 نظم مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ملتقى نحتياً صغيراً نوعاً ما، وكانت نتائجه جميلة، ومن ذلك الحين وهو يحاول أن ينظم ملتقى نحت دولياً يكون من الرخام، لكي تتم الاستفادة من المنحوتات في الوزارات وتجميل الميادين والشواطئ، من خلال التوزيع على المحافظات، إلا أنه دائماً ما تكون النتيجة اعتذار المسؤولين بسبب عدم وجود ميزانية لإقامة هذا الملتقى، بالرغم من أنها ميزانية متواضعة جداً مقارنة مع بقية الملتقيات الأخرى.

وعن المواد الخام التي يفضّل استخدامها في النحت، أكد الهاجري أنه يفضل استخدام المواد الطبيعية، مثل الأحجار بأنواعها والخشب والمعادن، لافتاً إلى أنه في الآونة الأخيرة وقف العمل بالخشب، نظرا لما له من خواص تختلف عن بقية المواد الطبيعية الأخرى، لكونه معرّضاً للتمدد والتشققات والكثير من الأمور الأخرى.

وعن أسباب قلّة المعارض النحتية، من وجهة نظره، قال الهاجري: لا بدّ أن نفرق بين الملتقيات النحتية المباشرة التي يتم استدعاء الفنانين لها من خارج البلاد، والمعارض الداخلية، لافتاً إلى أن السبب الرئيسي في قلة الملتقيات النحتية يرجع إلى قلة عدد النحاتين في الكويت، خاصة من جيل الشباب، ومبينا أن وضع النحت والنحاتين بالكويت ليس بالجيد، ولا يوجد أي دعم.

وحول مسألة عدم تقبّل الأعمال النحتية يجيب: «نعم هناك الكثيرون ممن لا يتقبلون الأعمال النحتية، بل وهناك من يعتبر النحت بجميع مدارسه حرام. وإذا أردنا الرد على هذا الكلام نقول إنه يجب أن يتم الاستغناء عن كل شي حولنا! لماذا؟ لأن كل ما نراه حولنا عبارة عن منحوتات، «السيارات، ناطحات السحاب، المنازل، الأجهزة الإلكترونية، الصناعات الحربية، الصناعات الثقيلة» لافتا إلى أن السيارات يتم صناعتها من قوالب صناعية تم نحتها مسبقها، وبعد ذلك يتم تجميعها، أما ناطحات السحاب أو ما يسمى بالنحت العماري البنائي كالأبراج، فهي كلها اعتمدت على فن النحت، وكذلك المنازل والأجهزة الإلكترونية التي تعتمد على القوالب الصناعية. وأوضح أن هناك طرقاً عديدة لتوعية المجتمع بفن النحت، ومن ضمنها ملتقيات النحت «نحت مباشر» أمام الناس، ومعارض مخصصة لفن النحت، وتحسين المناهج الدراسية وتطويرها.

وعن الرسائل التي يريد توصيلها للمجتمع يقول الهاجري «رسائل الأعمال الفنية في النحت هي الأفكار والمعاني التي يحاول الفنان التعبير عنها، من خلال الأشكال والمواد المختلفة التي يستخدمها في إنشاء الأعمال الفنية، وتختلف رسائل الأعمال الفنية في النحت باختلاف الفنان والفترة الزمنية والثقافة التي ينتمي إليها، لكن يمكن تصنيفها عموماً إلى عدة فئات: الرسائل الفنية الشخصية، التي تعبّر عن تجارب الفنان الشخصية ومشاعره وأفكاره الخاصة، ويمكن أن تكون هذه الرسائل متعلقة بالحب، والألم، والفقدان، والسعادة، والخوف، والأمل، وغيرها من المواضيع الشخصية.

والرسائل الاجتماعية والسياسية، التي تعبّر عن قضايا اجتماعية أو سياسية مهمة في الوقت الحالي، ويمكن أن تكون هذه الرسائل متعلقة بالعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والحروب، واللاجئين، والبيئة، وغيرها من المواضيع الاجتماعية والسياسية.

والرسائل الجمالية والفنية، وهي تعبّر عن الجمال والفن في حد ذاتهما، ويمكن أن تكون هذه الرسائل متعلقة بالتوازن، والتناغم، والأناقة، والحركة، واللون، وغيرها من العناصر الجمالية والفنية.

والرسائل التاريخية والثقافية، التي تعبّر عن التاريخ والثقافة للمجتمع الذي ينتمي إليه الفنان، ويمكن أن تكون هذه الرسائل متعلقة بالتقاليد، والعادات، والأساطير.

وتطرّق الهاجري إلى صعوبة فن النحت، موضحا أن «فن النحت يمكن أن يكون صعباً بالنسبة لبعض الأشخاص وسهلاً بالنسبة لآخرين، وذلك يعتمد على الخبرة السابقة والمهارات الفنية للفرد».

ومن بين الأسباب التي قد تجعل النحت صعباً، «المهارات الفنية، حيث يتطلب النحت مهارات فنية خاصة، مثل القدرة على رسم وتصميم الأشكال الثلاثية الأبعاد، والقدرة على استخدام الأدوات والمواد بشكل صحيح، والتفكير الثلاثي الأبعاد، أي أنه يجب على الفنان أن يكون قادرًا على تصوّر الشكل النهائي للعمل الفني من جميع الزوايا والأبعاد، وأيضا التحكم في الأدوات والمواد، حيث يتطلب النحت التحكم الدقيق في الأدوات والمواد المستخدمة، مثل الحجارة، والخشب، والطين، أو البرونز.

ثم الصبر والتفاني، حيث يمكن أن يستغرق النحت وقتًا طويلاً، وقد يتطلب العمل بشكل متقن ودقيق، وكذا القدرة على التعبير الفني، إذ يجب على الفنان أن يكون قادراً على التعبير عن الأفكار والمشاعر من خلال الأشكال الثلاثية الأبعاد.

ثم تأتي التحديات الفنية التي قد تواجه الفنان، مثل الحفاظ على التوازن والتناغم في العمل الفني، وتجنّب الأخطاء التقنية، مثل الكسر أو التشوه. وبالطبع، مع الممارسة المستمرة والتدريب، يمكن للفنان تطوير مهاراته وتحسين قدرته على النحت».