بعد إقدام الملياردير إيلون ماسك على شراء موقع «تويتر» العالمي للتواصل الاجتماعي، اجتاحت الفوضى جميع أنحاء الشركة، وترافق هذا الحدث مع عواقب واضحة حول العالم، تقفل مكاتب «تويتر» أبوابها مؤقتاً اليوم بعد حملة طرد جماعي، وصدور تقارير عن حصول استقالات جماعية، وانسحاب المعلنين، وبدء موجة جديدة من الحسابات المزيفة، وتوسّع الارتباك بشأن السياسات المستقبلية المرتبطة بمحتوى الموقع، ويشعر الكثيرون بالرعب من الفوضى التي أحدثها ماسك، ويستغل منتقدوه القدامى الوضع للتأكيد على صحة انتقاداتهم السابقة، ويتمسك المتفائلون برأي حذر ويفضلون الانتظار قبل إصدار أحكامهم، وفي غضون ذلك، يخشى بعض الموظفين السابقين ألا تصمد المنصة الشهيرة لأكثر من بضعة أسابيع.
لكنّ الحل الوحيد القادر على إنقاذ «تويتر» واضح: يجب أن يطرد ماسك نفسه في أسرع وقت! لا يتعلق السبب بالفوضى التي رافقت وصوله إلى الشركة، بل تبرز أسباب بنيوية أكثر عمقاً، وإذا كانت مهمة «تويتر» الأساسية تتعلق، كما قال ماسك، بالتحوّل إلى «أدق مصدر معلومات في العالم»، فلا مفر من انهيار هذه المهمة بسبب تعدد المصالح المتضاربة في أعمال ماسك وطبيعة عمليات «تويتر» الدولية:
أولاً، أصبحت بصمة «تويتر» العالمية هشة منذ الآن.
ثانياً، من المتوقع أن تزداد المشكلة سوءاً بسبب تشابك أعمال ماسك الدولية.
ثالثاً، ستكون الضغوط التجارية التي تتعرّض لها المنصة آخر مسمار في نعش «تويتر» في عهد ماسك.
يتّضح تضارب المصالح الذي يواجهه ماسك عند التفكير بشركتَيه الأخريين: «تيسلا» و«سبيس إكس». تتكل الشركتان بشكلٍ أساسي على حكومات قمعية، ولطالما سعى ماسك إلى إرضائها.
عملياً، أصبحت بيئة العمل العالمية في «تويتر» معقدة لدرجة أن يعجز ماسك عن التمسّك بأسلوبه الإداري المتقلّب، وتاريخياً، لطالما كانت قوانين مراقبة المحتويات محدودة نسبياً في الولايات المتحدة، لكن أقرّ عدد من الولايات الأميركية قوانين ذات صلة، ورُفِعت دعوى ضد «تويتر» في المحكمة الأميركية العليا، وفي أماكن أخرى، تفرض القوانين الجديدة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على الشركة أن تجري تقييمات للمخاطر، وتنشر تقارير عن مستوى الشفافية، وتُسهّل الوصول إلى البيانات، ويمنح قانون الخدمات الرقمية الصادر عن الاتحاد الأوروبي الجهات التنظيمية أدوات لمراقبة المحتويات والمطالبة بحذفها، وتُعتبر الولايات المتحدة وأوروبا من أهم مصادر عائدات الإعلانات، لذا قد يقرر ماسك إدارة جزء من موارد «تويتر» من هناك، لكن قد تصبح قواعد المراقبة والامتثال في أماكن أخرى ضعيفة قريباً، فبشكل عام تحمل مقرّات الشركات في الولايات المتحدة سمعة سيئة على مستوى التكيّف مع الشروط غير الأميركية، ومن المتوقع أن يُسبب أسلوب ماسك الإداري مشاكل إضافية للشركة.
ومن المنتظر أن تطرح جهات أخرى مطالبها أيضاً، فقد وصل ماسك إلى الشركة بعد تلقي عدد قياسي من طلبات إزالة المحتوى عن «تويتر» من حكومات خارجية، حيث قدّمت اليابان أكبر عدد منها، لكن جاءت طلبات أخرى من 44 بلداً، وباستثناء الصين، وإيران، وروسيا، وكوريا الشمالية، وعدد صغير من البلدان الأخرى، يمكن استعمال «تويتر» عبر الاتصال بأي شبكة إنترنت. وفق بعض التقارير، طُرِد بين 4400 و5500 موظف متعاقد.
بعبارة أخرى، قد تتوسع حملات التضليل والتلاعب في أجزاء كبيرة من العالم حيث ينشط مئات ملايين المستخدمين، وستقع معظم الأعباء على عاتق البلدان الأكثر فقراً التي تشمل عدداً كبيراً من المستخدمين الضعفاء لكنها تفتقر إلى المعلنين، وهذا ما يمنع ماسك من إعطائها الأولوية، وسيكون «تويتر» أبعد ما يكون عن أدق مصدر للمعلومات، فيجازف بالتحول إلى أفضل أداة للتلاعب بالأخبار في أجزاء واسعة من العالم.
خلاصة الموضوع واضحة: إذا كان ماسك يخطط في الأصل لإبقاء التدابير الفاعلة وتغيير الإجراءات العقيمة، فيجب أن يعرف أنه شخصياً يطرح أكبر مشكلة على «تويتر» اليوم، ويُفترض أن يتجاوز كبرياءه إذاً، ويتقبّل الخسارة، ويبيع الشركة إلى مالك أفضل منه.
*بهاسكار شاكرافورتي
لكنّ الحل الوحيد القادر على إنقاذ «تويتر» واضح: يجب أن يطرد ماسك نفسه في أسرع وقت! لا يتعلق السبب بالفوضى التي رافقت وصوله إلى الشركة، بل تبرز أسباب بنيوية أكثر عمقاً، وإذا كانت مهمة «تويتر» الأساسية تتعلق، كما قال ماسك، بالتحوّل إلى «أدق مصدر معلومات في العالم»، فلا مفر من انهيار هذه المهمة بسبب تعدد المصالح المتضاربة في أعمال ماسك وطبيعة عمليات «تويتر» الدولية:
أولاً، أصبحت بصمة «تويتر» العالمية هشة منذ الآن.
ثانياً، من المتوقع أن تزداد المشكلة سوءاً بسبب تشابك أعمال ماسك الدولية.
ثالثاً، ستكون الضغوط التجارية التي تتعرّض لها المنصة آخر مسمار في نعش «تويتر» في عهد ماسك.
يتّضح تضارب المصالح الذي يواجهه ماسك عند التفكير بشركتَيه الأخريين: «تيسلا» و«سبيس إكس». تتكل الشركتان بشكلٍ أساسي على حكومات قمعية، ولطالما سعى ماسك إلى إرضائها.
عملياً، أصبحت بيئة العمل العالمية في «تويتر» معقدة لدرجة أن يعجز ماسك عن التمسّك بأسلوبه الإداري المتقلّب، وتاريخياً، لطالما كانت قوانين مراقبة المحتويات محدودة نسبياً في الولايات المتحدة، لكن أقرّ عدد من الولايات الأميركية قوانين ذات صلة، ورُفِعت دعوى ضد «تويتر» في المحكمة الأميركية العليا، وفي أماكن أخرى، تفرض القوانين الجديدة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على الشركة أن تجري تقييمات للمخاطر، وتنشر تقارير عن مستوى الشفافية، وتُسهّل الوصول إلى البيانات، ويمنح قانون الخدمات الرقمية الصادر عن الاتحاد الأوروبي الجهات التنظيمية أدوات لمراقبة المحتويات والمطالبة بحذفها، وتُعتبر الولايات المتحدة وأوروبا من أهم مصادر عائدات الإعلانات، لذا قد يقرر ماسك إدارة جزء من موارد «تويتر» من هناك، لكن قد تصبح قواعد المراقبة والامتثال في أماكن أخرى ضعيفة قريباً، فبشكل عام تحمل مقرّات الشركات في الولايات المتحدة سمعة سيئة على مستوى التكيّف مع الشروط غير الأميركية، ومن المتوقع أن يُسبب أسلوب ماسك الإداري مشاكل إضافية للشركة.
ومن المنتظر أن تطرح جهات أخرى مطالبها أيضاً، فقد وصل ماسك إلى الشركة بعد تلقي عدد قياسي من طلبات إزالة المحتوى عن «تويتر» من حكومات خارجية، حيث قدّمت اليابان أكبر عدد منها، لكن جاءت طلبات أخرى من 44 بلداً، وباستثناء الصين، وإيران، وروسيا، وكوريا الشمالية، وعدد صغير من البلدان الأخرى، يمكن استعمال «تويتر» عبر الاتصال بأي شبكة إنترنت. وفق بعض التقارير، طُرِد بين 4400 و5500 موظف متعاقد.
بعبارة أخرى، قد تتوسع حملات التضليل والتلاعب في أجزاء كبيرة من العالم حيث ينشط مئات ملايين المستخدمين، وستقع معظم الأعباء على عاتق البلدان الأكثر فقراً التي تشمل عدداً كبيراً من المستخدمين الضعفاء لكنها تفتقر إلى المعلنين، وهذا ما يمنع ماسك من إعطائها الأولوية، وسيكون «تويتر» أبعد ما يكون عن أدق مصدر للمعلومات، فيجازف بالتحول إلى أفضل أداة للتلاعب بالأخبار في أجزاء واسعة من العالم.
خلاصة الموضوع واضحة: إذا كان ماسك يخطط في الأصل لإبقاء التدابير الفاعلة وتغيير الإجراءات العقيمة، فيجب أن يعرف أنه شخصياً يطرح أكبر مشكلة على «تويتر» اليوم، ويُفترض أن يتجاوز كبرياءه إذاً، ويتقبّل الخسارة، ويبيع الشركة إلى مالك أفضل منه.
*بهاسكار شاكرافورتي