أظهرت إسرائيل مؤشرات على أنها تنوي، كما اعتادت، تجاهل قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر أمس الأول بأغلبية مطلقة، باستثناء الولايات المتحدة التي امتنعت عن التصويت، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يتعرّض لحرب إسرائيلية وحشية منذ 7 أكتوبر أدت إلى مقتل أكثر من 32 ألف شخص.
ووسط الإشادات العربية والدولية بقرار مجلس الأمن، تَواصل القتال في غزة أمس، مع استهداف الغارات الإسرائيلية أماكن قريبة من مدينة رفح الحدودية مع مصر، التي تضاعف عدد سكانها خمس مرات منذ بداية العدوان.
ومع استمرار الاشتباكات العنيفة وسط قطاع غزة وشماله، خصوصاً في حي الرمال ومخيم الشاطئ وتل الهوى بمدينة غزة، ووسط خان يونس وغربها، شنّت إسرائيل ليل الاثنين- الثلاثاء عشرات الغارات الجوية في غزة ورفح ودير البلح وخان يونس والمغازي وبيت لاهيا، بالتوازي مع قصف مدفعي مكثف استهدف مناطق مختلفة في القطاع.
ووسط أنباء عن اعتذار ثاني وزير إسرائيلي خلال ساعات، أوضح رئيس حزب «أمل جديد» جدعون ساعر أن استقالته من حكومة الطوارئ التي شكّلها نتنياهو، سببها تهميشه وعدم ضمّه لمجلس الحرب، الذي يقود العدوان على غزة.
واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد أن استقالة ساعر خطوة أولى نحو حل حكومة نتنياهو وإعادة التفويض إلى الشعب من أجل المحتجزين في غزة وأمن إسرائيل. وكتب لابيد على «إكس»: «يجب الاستماع جيداً لكلمة ساعر وإعلان استقالته من الحكومة، وانتقاده إدارة الحرب بقطاع غزة وتشكيل مجلس الحرب».
إدارة بايدن تبرّر
وفي ظل انتقاد نتنياهو لعدم استخدامها «الفيتو» للمرة الرابعة، ومسارعته لإلغاء زيارة وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن، سعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتبرير امتناعها عن التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن.
وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، على أن الامتناع عن التصويت لا يمثّل تحولاً في السياسة الأميركية، مؤكداً أن «قرار مجلس الأمن غير ملزم»، بالتالي لن يكون له «أي تأثير على الإطلاق على قدرة إسرائيل على مواصلة ملاحقة حماس».
وأوضح كيربي أن المسؤولين الأميركيين سيواصلون طرح مخاوفهم ووجهة نظرهم إزاء السياسات الإسرائيلية في غزة، وتأكيد أن أي هجوم بري كبير على رفح سيكون خطأ فادحاً.
وأعرب كيربي عن إحباط البيت الأبيض للغاية من إلغاء نتنياهو زيارة الوفد الإسرائيلي الرفيع المستوى إلى واشنطن لإجراء محادثة مثمرة معهم بشأن البدائل الناجعة لتنفيذهم عملية برية في رفح، مشيراً إلى أنه رغم ذلك عقد المسؤولون الأميركيون محادثات منفصلة مع وزير الدفاع يوآف غالانت بخصوص الرهائن والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في رفح.
وبعد امتناعها عن التصويت، أكدت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، أنه لم يطرأ تغيّر على سياسة بايدن تجاه إسرائيل ورغبته في الوصول إلى مستقبل لا تهددها فيه حركة حماس، ورغبتها في تدميرها وفشل مجلس الأمن في إدانتها.
اجتياح رفح
وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن غالانت، خلال اجتماع في واشنطن، من مخاطر اجتياح رفح، مجدداً تأكيد رفض الولايات المتحدة لمثل هكذا عملية عسكرية واسعة النطاق.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، في بيان، إن بلينكن «كرّر دعم الولايات المتّحدة لضمان هزيمة حماس، بما في ذلك في رفح، لكنّه كرّر معارضته لعملية برية واسعة النطاق في رفح».
وأضاف أن الوزير الأميركي «شدد على وجود حلول أخرى غير غزو برّي واسع النطاق، وهي حلول من شأنها أن تضمن بشكل أفضل أمن إسرائيل وتحمي المدنيين الفلسطينيين».
من جهته، قال غالانت إنه «لا يحق لنا من الناحية الأخلاقية وقف الحرب، مادام هناك رهائن في غزة، ونتيجتها ستحدّد شكل المنطقة لسنوات مقبلة»، مؤكداً أنه من أجل ضمان أمن إسرائيل لا بدّ من هزيمة «حماس».
محادثات الدوحة
في موازاة ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن قرار مجلس الأمن ليس له تأثير فوري على المحادثات غير المباشرة في الدوحة، معبّراً عن أمله في أن يكون له تأثير إيجابي، ومشدداً على أنه «لا جدول زمنياً محدداً للمفاوضات».
ورغم لتأكيد القناة 12 العبرية أن الوفد الإسرائيلي برئاسة مدير «الموساد»، ديفيد برنياع، غادر قطر بعد رفض حركة حماس المقترح الأميركي، شدد الأنصاري على أن المحادثات ما زالت جارية بين الأطراف على مستوى الفرق الفنية.
واتهم نتنياهو، أمس، «حماس» بتقديم «مطالب وهمية»، معتبراً أن إصرارها على إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع يُظهر «عدم اكتراث الحركة بالوصول إلى اتفاق».
وفيما تترقب إسرائيل قراراً صعباً من محكمة العدل الدولية بعد تقديم جنوب إفريقيا طلبات إضافية إلى المحكمة، في إطار القضية التي رفعتها ضد تل أبيب بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في غزة، أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أمس، لقاءات مع مسؤولين إيرانيين في طهران، وذلك بعد ساعات من اتهام إسرائيل إيران بتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية.
مساعدات الجو
وفيما دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى إلغاء قرار منع «أونروا» من إيصال المساعدات الغذائية إلى شمال غزة، محذّرة من أن الناس هناك يواجهون «الموت القاسي بسبب المجاعة»، أكدت وزارة الصحة بغزة، أمس، مقتل 7 غرقاً أثناء محاولتهم جلب طرود غذائية ألقتها طائرات عبر مظلات وسقطت في البحر.
وطالبت «حماس» بوقف عمليات إنزال المساعدات «وفتح المعابر البرية فوراً»، مؤكدة أن «عشرات الجائعين دخلوا إلى البحر» لجلب مساعدات ألقتها الطائرات «بشكل خاطئ»، وتحدثت كذلك عن مقتل وإصابة آخرين خلال عمليات تدافع لالتقاط رُزم أسقطت على الأرض.