شهر رمضان الفضيل فيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، تجتمع فيه الأسر على الفطور ويتواصل بعضهم مع بعض، ويتزاورون فيما بينهم تقديراً للمحبة والألفة، وفي هذه الأيام المباركة تكون موائد الطعام عامرة، سواء في البيوت أو في دور العبادة، وما يتم تقديمه للناس وبالأخص الفقراء والمحتاجين ومن ليس لديه قرص طعام يتناوله، وهذا أمر محمود ويشكرون عليه.
لكن المشكلة التي نعانيها كل عام تكمن في غرس مفهوم علة الصوم، فالذي نلاحظه هو أن المفهوم السائد أن يتم تعليم الصغار قبل الكبار أن يأكل في السحور جيداً وشرب الماء الكافي كي لا يعطشوا أو يجوعوا أثناء صيامهم، فهل هذه هي الحكمة من الصوم فقط؟ ففي الأثر قول للإمام الرضا: «إنما أمروا بالصوم لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا على فقر الآخرة، وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا، فيؤدوا إليهم ما فرض الله تعالى لهم في أموالهم».
من هنا عندما نجوع أو نعطش نستشعر ألم الفقراء والمساكين الذين ليس لديهم قوت يومهم، هنا العلة والحكمة التي يجب أن تدركها وتعلمها المجتمعات عند قدوم الشهر الفضيل.
وفي مقتبس جميل لأحمد الحسن عن الصيام: لا خير في كثرة الصلاة والصيام والعبادة إذا لم تدفعك إلى إنصاف الآخرين مهما كان موقفهم منك، وإذا لم تواسِ من قتر عليه رزقه بما وسع الله عليك، وإذا لم تبنِ لك حاجزاً عن محارم الله، وإذا لم تمنعك عن الغيبة والنميمة والجدال والمراء غير المثمر... إلخ.
رسالة:
في شهر الصيام علينا أن نزكي أنفسنا ونراجعها ونصححها، وكذلك استشعار ألم الفقراء وعطشهم وجوعهم ونغرس في أبنائنا وأهلنا المفهوم الحقيقي للصوم، وتقبل الله طاعتكم وصالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير، وعساكم من عواده.